مستقبل اللغة العربية: حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية أنموذجاً ـــ د.عبد الله أبو هيف

اثنين, 11/06/2017 - 10:41

مستقبل اللغة العربية: حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية أنموذجاً ـــ د.عبد الله أبو هيف*

ملخص البحث:‏

يتفق معظم الدارسين والمعنيين باللغة العربية على أن مستقبل اللغة العربية مرهون برؤية تحديات العصر التي تنضوي تحت لواء امتلاك سلطة المعرفة بمفهومها الجديد، وقوامها المعلوماتية والاتصالات والتقانة (التكنولوجيا) بالدرجة الأولى.وقد خصصت البحث في مدار حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية أنموذجاً. ومهدت له بمقدمة تؤطر الموضوع الرامي إلى الإندماج بمجتمع المعلومات عامةً وعلاقة اللغة العربية بالحوسبة والنظر إليها لدى اللغويين العرب خاصةً، وألمحت إلى بعض تحديات الحوسبة على سبيل المثال لا الحصر، لأنها كثيرة، مثل النشر الإلكتروني وأهمية تعريبه. وأفردت حيزاً لمعاينة مسألة التفكير العربي بالحاسوب وتطوير استطاعة اللغة العربية المعلوماتية.‏

ونظرت في مفهوم حوسبة المعجم العربي وواقعه، ثم عالجت، على سبيل التخصيص بعض قضايا تحديات حوسبته، مثل النحو وتيسيره من جهة، والتغيرات الدلالية من جهة ثانية، ووضع المصطلحات وتوليدها من جهة ثالثة، وتوظيف التقنيات العصرية من جهة رابعة، وختمت البحث بالحديث عن آليات معجم عربي جديد.‏

وأوردت في الخاتمة خلاصة البحث من خلال إيراد بعض الحلول لهذه المشكلة اللغوية والتقنية.‏

تواجه اللغة العربية تحديات راهنة ومستقبلية كثيرة مما يستدعي عمليات النهوض بواقعها ومجاوزة أوضاع التهميش والإهمال والركود في معالجة مشكلاتها المتصلة بمخاطر الاستتباع والهيمنة والعولمة، ما لم تواجه هذه المشكلات بالإسهام العربي في إنتاج مجتمع المعلومات، وثمة خطر أشد، ناجم عن الضعف العربي الداخلي في النظر إلى هذه المشكلات لدى الجهات المعنية باللغة العربية ومن وزارات التربية والثقافة والإعلام والتعليم العالي إلى المجامع اللغوية ومؤسسات البحث العلمي والنشر والمعنيين باللغة العربية علماء وأدباء وفنانين وفنيين استسلاماً أمام هذه التحديات ومؤثراتها الأجنبية المتفاقمة. على أن الأمر يتعلق بمسألة حيّة هي أن مواجهة العولمة تعني الإسهام في امتلاك سلطة المعرفة بمفهومها الجديد الذي لا يخرج كثيراً عن أهداف مجتمع المعلومات في إثارته لقضايا حقوق الإنسان وحرية الرأي وإدارة الانترنيت والتنوع الثقافي، وتسميّ بعض الأطراف الأمر الأخير "الاختلاطات الثقافية" عند التذرع بمواجهة العولمة، ويستدعي ذلك، بالنسبة للغة العربية ربط المعلوماتية بالتنمية اللغوية لأن المشكلات اللغوية لا تتصل بالجانب اللغوي وحده، فثمة اندماج واسع وعميق للغة في مجتمع المعلومات المستقبلي إذ أردنا المشاركة فيه والانضواء تحت لوائه، وإذا كان مجتمع المعلومات ما يزال في مرحلة الطفولة كما أشارت القمة العالمية لمجتمع المعلومات (جنيف 17 كانون الأول 2003)، فإن الإسهام في إنتاج المعلومات هو المنطلق الرئيس لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، وتستند هذه المواجهة للتنمية اللغوية إلى حلول قومية ووطنية للبنية التحتية للمعلوماتية بجوانبها " الاقتصادية" و"حماية الملكية" و"الأمن الثقافي" والتعليم المتخصص وغير ذلك، وأظهرت القمة المذكورة أن تحدي اللغة وثيق الصلة بتحدي التعليم والتدريب التقني على المعلوماتية(1)لإدخال اللغة العربية في مجتمع المعلومات المقبل الذي بدأت علاماته وبشائره بالنسبة للكثيرين بالإشراق والفاعلية، ولعل أهم مشكلة مستقبلية بالنسبة للغة العربية وتنميتها هي الإسهام في تقليص الفجوة الرقمية بين المجتمعات العربية ومجتمع المعلومات.‏

وقد اخترت أن أعالج مسألة حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية أنموذجاً لتحديات العصر أمام مستقبل اللغة العربية.‏

1 ـ مقدمة (تأطير علاقة اللغة العربية بالحوسبة):‏

شكلت نظرية المعلوماتية، ولاسيما الحوسبة، تحدياً معرفياً بالنسبة للغة منذ نضج هذه النظرية النسبي في أربعينيات القرن العشرين، ورأى ميلكا افيتش Milka Ivit في كتابه "اتجاهات البحث اللساني" Tends in Linguistics أن هذه النظرية طوّرت الدرس اللغوي المعاصر بتعاضدها مع المناهج المعرفية الحديثة مثل اللسانيات البنيوية "فيما وضحته من أن اللغة نظام يتشكل من وحدات محددة تحديداً دقيقاً، ويرتبط بعضها ببعض بعلاقات متبادلة، وأن هذه الوحدات محدودة من حيث العدد، وليست كبيرة، ولكن توليفاتها تمتد إلى ما لا نهاية. واعتماداً على هذه المقولة نجح علماء الرياضيات في تطبيق منهجهم التحليلي على اللغة"(2).‏

ونهض البحث العلمي الذي أفضى إلى حوسبة اللغة على مميزات متعددة لابد من مراعاتها والأخذ بها مثل العلاقة بين المنطوق والمكتوب، والعلاقة بين الصريح والضمني، والعلاقة بين اللغة ومفاتيحها الرمزية والرقمية (شيفراتها) والعلاقة بين قواعد الاستصحاب اللغوي (أصل الوضع ـ أصل القاعدة ـ العدول عن الأصل ـ الرد إلى الأصل..) والعلاقة بين بلاغية اللغة وبلاغتها التي تؤدي إلى تفاقم عمليات التناقل المفتاحي الآلي (الشيفري)، والعلاقة بين اللغة والمفتاحية الآلية (التشفير)، والعلاقة بين الحوسبة والوحدات اللغوية المختلفة (المعجمية ـ الصرفية ـ الصوتية ـ النحوية ـ الدلالية ـ التركيبية) ضمن بُناها الخاصة لدى التوليد والتحويل والتوزيع... إلخ. ويتطلب ذلك الإجابة عن مصاعب جمة هي تحديات في الوقت نفسه فيما يخص الأصول والزوائد من السوابق واللواحق ونحوية الآلة وإجراءاتها التقنية التالية، ناهيك عن مسائل التواصل القائمة على الحلول التقنية للمجاز والاستعارة والرمز والأمثولة والتمثيل الثقافي الذي ينتقل من ثقافة الكلمة إلى ثقافة الصورة، وفي سبيله للتأطير بالثقافة الرقمية.‏

لقد تنبه اللغويون العرب مبكرين إلى ضرورة العناية باللغة العربية والتنبه للمخاطر المحدقة بها فيما يفرضه العصر من تحديات، فأفتى عدد كبير من كبار الكتاب والأدباء عام 1923 بفتاواهم لصون لغتهم وتطورها "إزاء المدنية الغربية الحديثة وما يجدر به أن يقتبسه منها. إلى غير ذلك من المسائل الخطيرة التي تشغل أذهان المفكرين"(3). ورأى المفكرون العرب مثل إخوانهم من اللغويين أن تحديث اللغة العربية يستدعي استخدام المعاجم والقواميس في شغلها الجديد والمعاصر بالاستفادة من مبتكرات الحضارة وعلومها التي تسير في العالم بخطوات سريعة لا يمكن اللحاق بها، دون جهود مخططة ومبرمجة ومدروسة، وهو أمر لم يعد العرب أنفسهم له، بوصفها مشكلة حضارية في اعتقادهم، وأضاف معن زيادة (لبنان) على سبيل المثال "أن حل المشكلة اللغوية يكون عبر المزيد من التعليم والثقافة وارتفاع مستوى العلم والمعرفة"(4).‏

ولطالما دعا اللغويون العرب إلى تنمية اللغة العربية في العصر الحديث، ولاسيما تطوير المعاجم العامة والخاصة، فكتب عبد العزيز بنعبد الله (المغرب) أن المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي الذي تأسس عام 1969 عني ببحوث العلماء والمجامع اللغوية وبنشاط الكتّاب والأدباء والمترجمين وبالتعاون مع شعب التعريب في البلاد العربية وبالعمل بكل الوسائل الممكنة على أن تحتل اللغة العربية مكانتها الطبيعية في الثقافة العربية، وبمتابعة حركة التعريب خارج حدود الوطن العربي، وأورد إنجازات هذا المكتب في تنسيق المصطلحات وتأليف المعاجم العلمية والمعاجم الخاصة بالمصطلحات الحضارية جزءاً من معجم المعاني والمعجم المقارن الهادف إلى تفصيح العامية وإصدار دورية فصلية " اللسان العربي".. إلخ (5)، على أن هذه الجهود لم تلتفت إلى تأثير نظرية المعلومات على اللغة العربية، بينما تواصل هذا التأثير على اللغة منذ خمسينيات القرن العشرين.‏

واللافت للنظر أن غالبية اللغويين العرب غفلوا عن تأثيرات الحوسبة على الدرس اللغوي العربي، ومنه المعجم حتى وقت متأخر، فكتب أحمد أبو سعد (لبنان) عن " المعاجم العربية في واقعها الراهن وخطة تطويرها" عام 1997، واقتصر في رسم الخطة المتبعة في وضع المعجم المنشود على ثلاث تجارب قام بها، لا علاقة لها بحوسبة المعجم، وهي جمعه ألفاظ الحياة الدائرة على ألسنة العامة من أبناء الشعب في البيت والشارع والسوق والورشة والحقل ومجموع تراكيبهم وعباراتهم الاصطلاحية التي يأتون بها في تضاعيف كلامهم، وضمها في كتاب أصدره عام 1987 بعنوان "قاموس المصطلحات والتعابير الشعبية"، والتجربة الثانية هي قيامه بجمع طائفة كبيرة من التراكيب والعبارات التي استعملت في التاريخ قديمه وحديثه بمعان تتجاوز معانيها المعجمية إلى الدلالة على معان أخرى اكتسبتها من اصطلاح الناس على استعمالها بهذه المعاني، وصدر هذا الجمع في كتاب عام 1987 أيضاً، وجعل عنوانه "معجم التراكيب والعبارات الاصطلاحية العربية القديم منها والمولد"، والتجربة الثالثة هي انصرافه إلى جمع ما يظن من كلام الناس أنه عامي، وهو صحيح فصيح، أو ما هو وارد في قواميس اللغة، ولكنه غير مستعمل في كتابات الكتّاب، وغرضه من ذلك أن يعيد الاعتبار لما صحّ من كلام العامة داعياً إلى استعماله، لما فيه من وهج الحياة، ولاعتقاده أنه قد يتوافر فيه من الخصوبة وقدرة التعبير ما لا يتوافر في غيره، وقد ظهر عمله هذا عام 1990 بعنوان "معجم فصيح العامة". وتأكد اشتغاله المعجمي بعيداً عن الحوسبة في المخطط الواجب الالتزام به، ويتألف من إجراء عملية مسح شاملة للمادة اللغوية تشمل نتاج كل العصور، ودراسة ما جمع من المادة اللغوية في ضوء ما تدعو إليه الحاجة منها وإسقاط الممات والمهجور والحرص على إيراد معلومات عن اللفظ أكثر من مرادفه ونقيضه وتفسيره بما يتفق مع العلم وتقديم الشروح والتعريفات للقارئ خالصة مختصرة واضحة لا غموض فيها، فالمعجم لإزالة العجمة لا للزيادة فيها، وأخذ التطور الدلالي بعين الاعتبار إثبات معاني الكلمات بما يحقق دلالتها القديمة والوصل بينها وما تطور إليه معناها في مجال الاستعمال، وفتح صفحات المعاجم لكلّ ما تولّد حديثاً ودمجه في متنها والاستفادة من لغة العامة في ما وضعته لما ليس له مقابل في الفصيح(6).‏

ولعل الاهتمام الأول بحوسبة اللغة هو الصادر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، حين خصَّصت إشكالية استعمال اللغة العربية في مجال اللغة العربية بدراسة مستفيضة قام بها عدد من المختصين بالمعلوماتية بالدرجة الأولى، فليس هؤلاء من علماء اللغة أو المشتغلين بها، غير أن أطروحاتهم في منتهى الأهمية مما يستدعي تضافر جهودهم مع اللغويين العرب باختصاصاتهم المتعددة، فقدم محمد بن ساسي (تونس) نبذة تاريخية عن استخدام اللغة العربية في مجال المعلوماتية، اقترح مروان البواب ومحمد حسان الطيان (سورية) وسالم الغزالي (تونس) أسلوب معالجة اللغة العربية في المعلوماتية (الكلمة والجملة عند الباحثين الأولين والمعالجة الآلية للكلام المنطوق عند الثالث)،ووضع محمد مراياتي (سورية) توصيفاً عملياً لتعامل الأجهزة والمعدات مع الحرف العربي، ووضع محمد بن أحمد (تونس) رؤية علمية للغة العربية والنظم الحاسوبية والبرمجيات، وأكمل أحمد أبو الهيجاء (الأردن) هذه الرؤية بتحديد المواصفات والمقاييس لتعريب المعلوماتية، على أن اهتمام هؤلاء الخبراء لم يجاوز تشخيص إشكالية حوسبة اللغة العربية إلى حوسبة مكوناتها مثل المعجم والمفتاحية الآلية لعلائقه الكثيرة الناجمة عن هذه الحوسبة، فذكر محمد بن ساسي على سبيل المثال أن الإشكالية قائمة على تقديم حلول لكتابة الحروف العربية لبعض الأقطار والمنظمات العربية التي تطالب بأجهزة معربة، ويستلزم ذلك وضع مفتاحية آلية (شفرة) عربية موحدة حتى يلتزم بها كل مسوقي تجهيزات الحاسوب، لأن ذلك سند البرمجيات في تعريب التطبيقات الحاسوبية والبرمجيات، وهي عملية تهتم خاصة بإيجاد حد بينيّ وبين البرنامج والمستفيد باللغة العربية، و"تعريب نظم تشغيل الحواسب وتعريب البرمجيات التي أعدت بطريقة تساعد على تعريبها، ذلك في نطاق ما يسمى بعملية تدويل البرمجيات، وهي منهجية اعتمدت حديثاً لتغطية الحاجات المتزايدة لملاءمة البرمجيات إلى لغات ومحيطات ثقافية واجتماعية معينة"(7).‏

وذكر محمد مراياتي أن ثمة إشكالية تستدعي مضاعفة الجهود لوضع تعامل الحرف العربي مع الأجهزة والمعدات مثل:‏

"1ـ ترميز الحرف المكتوب وتقييسه.‏

2ـ ترميز الحرف المنطوق.‏

3ـ توزع الحروف العربية على لوحة الملامس.‏

4ـ تقييس الأقلام العربية وإظهارها على الشاشات والطابعات.‏

5ـ تحرير النصوص وتنضيدها.‏

6 ـ معاملة الحرف العربي على شبكات الاتصال من حيث نقل المعلومات أو أمنها.‏

7 ـ ضغط النصوص العربية بغية خزنها في ذاكرة الحاسوب اقتصادياً.‏

8ـ تحاور المعوقين مع الآلة باللغة العربية"(8).‏

واعترف هؤلاء الخبراء، على أهمية إنجازهم في حوسبة اللغة العربية خلال ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته، بأن السعي لحوسبة اللغة مازال قاصراً، "ولابّد من الإسراع في العمل في نطاق لجنة عربية موحدة تعمل تحت مظلة عربية حتى نتمكن من التوصل إلى مواصفات عربية موحدة"(9).‏

وكانت جهود نبيل علي (مصر) الأبرز في درس حوسبة اللغة العربية من خلال الشروع في البرمجيات التي ميزت بين هندسة اللغة ( هندسة) واللغويات الحاسوبية (علوم الحاسوب) ونظرية المعرفة (الفلسفة) تمهيداً لوضع إطار تقانة المعلومات من منظور لغوي. إن علاقة اللغة بهندسة الحاسوب متبادلة حين يستخدم الحاسوب لإقامة النماذج اللغوية وتحليل فروعها المختلفة،وذكر قائمة من تطبيقاتها في مجال اللسانيات هي:‏

ـ الصرف الحاسوبي Computational Morphology.‏

ـ النحو الحاسوبي Syntax Computational.‏

ـ الدلالة الحاسوبية Semantics Computational.‏

ـ المعجمية الحاسوبية Lexicology Computational.‏

ـ علم النفس اللغوي الحاسوبي Psycholinguistics Computational.‏

ويستدعي كلّ مجال من هذه القائمة تطويراً للغات البرمجة التي تقرّب بين " اللغات الاصطناعية واللغات الطبيعية بهدف تسهيل التعامل مع الكومبيوتر دون وسيط برمجي. إن الهدف الأسمى لبرمجة الكمبيوتر هو أن يتعامل الفرد معه مباشرة بلغته الطبيعية، لا من خلال لغات اصطناعية مثل البيسيك والفورتران والكوبول وخلافه.. يمكننا القول إن علم اللغة الحديث قد دخل إلى مصاف العلوم الدقيقة من المدخل السليم، فقد قام على النموذج الرياضي للنحو التوليدي الذي يتميز بقابلية عالية للمعالجة الآلية Computationally وبالتالي للتطبيق الهندسي العلمي"(10).‏

ويلاحظ أن الدراسات اللسانية العربية بتعبير مازن الوعر (سورية) قد حوت "محاولات جادة لتطويع تقنيات الحاسوب للغة العربية بما يتوافق مع شخصيتها ومحارفها ورسومها من جهة، ولمواءمة قواعد اللغة العربية وخصائصها للحاسوب من جهة أخرى بادئة ببرمجة الحروف والنصوص العربية بهدف تحسين الاتصال الآلي بين الإنسان والحاسوب"(11).‏

ونجم عن هذه المحاولات إشكاليات تتطلب المعالجة المستمرة، ولاسيما المعرفة اللغوية الصرفية والصوتية والتركيبية والدلالية كما أشرنا في مطلع البحث، إذ لا يتعلق الأمر بالاشتقاق والنحت أو بظاهر الألفاظ فحسب، بل يجاوزه إلى التأصيل والمقارنة والعقلنة والنظم المستوعبة لثنائيات اللغة الجمة كالأصيل والدخيل والفصيح والعامي والعربية والأجنبية والعربية والفئوية المحلية ..إلخ.‏

وتتفاقم هذه الإشكاليات ما لم تتلاق الوظائف الحاسوبية في تثمير أبعاد اللغة العربية وثراء معانيها وخصوصيات بناها كالحاسوب النسبيAnalog والرقمي Digital نحو تفعيل النظم الإشارية والرمزية والدلالية للكلمة في نسيجها التركيبي والمجازي.‏

صار لازماً وميسوراً في الوقت نفسه تحديث اللغة العربية من خلال الحوسبة للإجابة عن المشكلات اللغوية والتقنية الكثيرة، ومنها حوسبة المعجم العربي.‏

2 ـ اللغة العربية وتحديات الحوسبة:‏

ثمة تحديات كثيرة للحوسبة أمام اللغة العربية من النشر الإلكتروني وأهمية تعريبه إلى شمولية منظومة اللغة العربية بالحاسوب، وأكتفي بالإشارة إلى قضية التفكير العربي بالحاسوب وتطويره استطاعة اللغة العربية المعلوماتية تمهيداً للنظر في حوسبة المعجم العربي ومشكلاته اللغوية والتقنية.‏

إن النظر في تحديات المعلوماتية أمام اللغة العربية يستدعي مواجهة قضية التفكير بالحاسوب، كتابة وتثقيفاً واستعمالات تقنية في المهن والأعمال الكثيرة التي يقوم بها الحاسوب. وثمة من يبادر إلى القول إننا ربحنا أشياء مثل السرعة والتخزين والخيارات الآنية ولكننا خسرنا أشياء مثل التدقيق والتأمل والمراجعة الأسلوبية. غير أن القضية أعقد من ذلك بكثير، لأنها قضيّة متعددة الوجوه والإشكاليات من النطق إلى الكتابة إلى الإيصال إلى الابتكار والإبداع مما يتعلق بطبيعة اللغة نفسها وبخصائص اللغة العربية في استخداماتها المعلوماتية، وقد ثبت بالممارسة طواعية اللغة العربية لتقانات المعلوماتية سواء في أساليب معالجة الكلمة والجملة،أو في المعالجة الآلية للكلام المنطوق، أو في تعامل الأجهزة والمعدات مع الحرف العربي، والأهم قابلية اللغة العربية واستطاعتها المثلى لاحتواء النظم الحاسوبية والبرمجيات، مثلما ثبت أيضاً سعة ميادين استخدام اللغة العربية في المعلوماتية كالتوثيق والتخزين والتعليم والتعريب والإبداع والاتصال، فحُلت المشكلات المتصلة بالحرف العربي، وصارت المعدات والأجهزة متوافرة نسبياً، ولاسيما أعمارها ومدى انتشارها الإقليمي والمقدرة على الإنفاق المتواصل عليها لمجاوزة صعوبات إنجاز برمجيات ونظم متداخلة ومتطورة، على أن أمراً آخر لابدّ من مراعاته وتقديره وهو أن النظم الأساسية ونظم التشغيل في مجملها أصبحت متاحة باستعمال الحرف العربي، وساعد على ذلك اتساع سوق المعلوماتية العربي مما جعل شركة "ميكروسوفت" تتيح للتداول المستمر عدة نظم معلوماتية مكروية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات اللغة العربية، حتى غدا ميسوراً استخدام اللغة العربية في ميادين الابتكار والإبداع والاتصال عن طريق الذكاء الاصطناعي وتطويع الخيال المعلوماتي وتقاناته لحاجات استعمال اللغة العربية.‏

ويذكر محمد بن ساسي ( تونس) إشكاليات متعددة لابد للمعنيين باستخدام اللغة العربية في المعلوماتية أن يواجهوها، شأن المشتغلين باللغات الأخرى، بالنظر إلى التقدم الهائل والمتسارع لتقانات المعلوماتية وإمكاناتها الجبارة مثل " الإشكاليات التي كانت متمحورة حول الحرف العربي فأصبحت الآن متمركزة حول اللغة ككل، من مصطلحات إلى معالجة الكلمات و الجمل (استخراج الجذور ـ تطبيق الأوزان ـ وضع خوارزميات للغة) من ناحية، وتوفير تطبيقات تلبي حاجة المستفيد من ناحية ثانية. كما أن التقييس لم يؤدّ دوره إلاّ في بعض الحالات النادرة، فالمواصفات العربية لم تطبق في غالبيتها، لأن الأقطار العربية لم تتخذ الإجراءات العملية لتطبيقها، ولم تقم بالعمل التحسيسي اللازم. وثمة أيضاً ضعف المصطلحات وفقدانها الذي أصبح عائقاً مهماً أمام تعريب المعلوميات ونشرها والاستفادة منها على أحسن الوجوه"(12).‏

إن ثمة جهوداً كبيرة مبذولة اليوم بين علماء العربية والمعلوماتية لمواجهة مثل هذه الإشكاليات وأشير، على سبيل المثال، إلى جهد توصيف العربية، مثلما فعل نهاد الموسى (الأردن)، تمهيداً لإدغام اللغة العربية وقواعدها وخصائصها في المعلوماتية، إذ " يتوجه الوصف بكلّ ما ينظمه من عرض النظام اللغوي إلى الإنسان بما ركب في العقل الإنساني من قابلية لاستدخال هذا النظام بقواعده ومعطياته وآليات عمله في معالجة ذلك وبرمجته. وهي قابلية كامنة في العقل الإنساني تزودّه بحدس قادر على ملء ثغرات الوصف"(13).‏

ومبلغ القول، حسب ما ذكره الموسى، أن الوصف للإنسان وأن التوصيف للحاسوب، فللإنسان حدس، وليس للحاسوب حدس، وللإنسان فهم وليس للحاسوب، حتى الآن، فهم. ويفيد هذا الرأي أن توصيف اللغة (من أجل استخدامها في الحاسوب مثلاً) يتخذ بعدين آخرين: كمياً ومنهجياً. أما الكمي فيتعلق بالذاكرة الحافظة؛ ذلك أن ذاكرة الحاسوب تفوق الذاكرة الفردية من هذه الجهة؛ إذ يمكنه استيعاب معجمات اللغة ونصوصها بل تراثها جميعها، فإذا رتب له المرء مفاتيح ذلك أمكنه استدعاء كل ما شاء من المعطيات التي يشتمل عليها بأسرع وأوسع مما تطيقه الذاكرة الفردية(14).‏

ولو تأملنا فضاءات استخدام اللغة العربية في نظم تشغيل المعلوماتية لهالتنا النتيجة على الرغم من أن مجهودات التعريب، حسب ما ذكره محمد بن أحمد (تونس)، لم تكن في مستوى هذه الأهمية الوظيفية، ويمكن تفسير هذا العزوف بصعوبة الموضوع وبضرورة تشريك أو إقناع مصنعي الحواسيب بهذه الضرورة، فمازال موقف الشركات المصنعة للحواسيب متوسطة الحجم وكبيرته يعتمد على إقرار ضرورة تشغيل الحواسيب في محيط ثقافي مغاير للمحيط الذي شهد نشأتها دون الاقتناع بضرورة استنباط نظام تشغيل يكون عربي التصميم والتطوير والاستفادة.‏

أي أن مجهودات شركات تصنيع الحواسيب خيّرت الاعتماد على قدرتها الذاتية بالتعاون في بعض الأحيان مع خبرات عربية عاملة تحت لوائها لإصدار نسخ عربية أو بصفة أدق نسخ من نظم التشغيل قادرة على التعامل مع الحرف العربي تحصيلاً ومعالجةً واسترجاعاً وعرضاً على الشاشات والطابعات على اختلاف أنواعها.‏

وبالرغم من تعدّد المعوقات فإن عزيمة تطويع تقانة المعلوميات في مختلف أبوابها كانت وراء عدد من التجارب لأقلمة نظم التشغيل، وإن توجهت معظم هذه التجارب إلى نظم تشغيل الحواسيب العائلية والحواسيب الشخصية.‏

وقد باتت تجارب تشغيل المعلوماتية باللغة العربية معروفة، وغدت منطلقاً للتطوير القائم والمستمر من حيث المنهجية والغائية، ولعله من المفيد أن نشير إلى بعض هذه التجارب:‏

فالتجربة الأولى تمت بالكويت من خلال مشروع الأستاذ عبد الرحمن الشارخ وشركته " العالمية" التي صنعت حاسوب عائلي "صخر" يعمل بنظام MSX الياباني والذي تمت كتابته بالعربية مما جعل حواسيب من صنف "صخر" تشتغل في محيط عربي أصيل.‏

أما التجربة الثانية فهي التي انطلقت ضمن شركة "أليس ALIS" التي بعثها الأستاذ بشير حلمي الجزائري المنشأ بكندا والتي حاولت تصميم نظام عربي ARABIC DOS موائم لنظام MS- DOS المطوّر من طرف بين البرمجيات الأمريكية MICROSOFT لصاحبها Bill Gates قبل أن تتفق الشركتان على إدماج النسخة العربية ضمن قائمة النسخ المتوفرة بعديد اللغات في نظام التشغيل MS- DOS.‏

أما التجربة الثالثة فهي التي حاول من خلالها بعض الخبراء العرب توفير نظام اليونيكس UNIX بالعربية تماشياً مع ما لاحظوه من أهمية متزايدة لهذا النظام، ولسعة استغلاله سواء على الحواسيب الصغرية أو المتوسطة أو الكبرى(15).‏

ولعنا بعد ذلك نجاوز الاهتمام بقضية التفكير بالحاسوب إلى المضي عميقاً في تطوير استخدام اللغة العربية العربية واستطاعتها المعلوماتية(16).‏

3 ـ حوسبة المعجم العربي:‏

عدّ محمود فهمي حجازي (مصر) حوسبة المعجم من أهم مجالات علم اللغة الحاسوبي وأكثرها تلبية للمتطلبات العلمية والثقافية في الدول المتقدمة في العالم المعاصر. إذ " يقدم الحاسوب خدمات كبيرة للبحث اللغوي والأدبي من خلال المعاونة في إعداد معجمات المدونات، والمقصود بمعجمات المدونات كل الأعمال المعجمية التي تقوم على الإعداد المعجمي لمجموع الكلمات الواردة في نص محدد". وتتجلى أهمية الحاسوب في صناعة المعجم فيما يلي:‏

" ـ تعرف الحروف والكلمات آلياً.‏

ـ تخزين المادة.‏

ـ ترتيب المادة طبقاً للنظام المطلوب.‏

ـ استرجاع المادة أو بعضها.‏

ـ استكمال أجزاء من المادة أو من الشرح.‏

ـ تعديل بعض المعطيات.‏

ـ حذف بعض المعطيات.‏

ـ النقل المباشر إلى المطبعة.‏

ـ تجديد المعجمات بسهولة.‏

ـ الحصول على أجزاء محددة من داخل المادة المخزونة لبحثها"(17).‏

وحدد حجازي فوائد حوسبة المعجم الأخرى في المجالات التالية:‏

ب ـ إن بنك المعطيات اللغوية يتجاوز تخزين الكلمات إلى النصوص:‏

ـ يقوم على الحاسوب في كل العمليات المذكورة (في تقصي أهمية الحاسوب في صناعة المعجم).‏

ـ يخزن النصوص كاملة.‏

ـ يفيد في تعريف سياقات الاستخدام.‏

ـ في دراسة الأبنية الصرفية والتصريفات.‏

ـ في دراسة العلاقات النحوية بين المفردات.‏

ـ في دراسة مستويات الاستخدام: علمي / صحافي/ رسمي/ ودي...إلخ.‏

جـ ـ بنك المصطلحات شكل من أشكال الحاسوب يقتصر على المصطلحات وما يتصل بها:‏

ـ يخزن المصطلحات مصنفة طبقاً للتخصصات العامة والدقيقة.‏

ـ يذكر المصطلح ومقابلة بلغة أخرى أو أكثر من لغة.‏

ـ يذكر من المصطلح تعريفاً له.‏

ـ يمكّن من صنع معجمات المصطلحات وتجديدها وطبعها بسهولة.‏

ـ يعاون المترجمين المتخصصين بتقديم المصطلحات لهم.‏

ـ تكون الإفادة من البنك عن طريق طرفيات Terminal أو بطبع المصطلحات على قرص مدمج CD"(18).‏

وأضاف حجازي فائدة أخرى للحاسوب في مراحل صناعة المعجم لدى متابعة نمو المفردات وتكوّن التراكيب في اللغات العالمية الكبرى مما يتيح لصناعة المعجمات بعد ذلك المساهمة في إحداث نهضة حقيقية في سياق ثقافي مجتمعي.‏

ووجد مازن الوعر أن حوسبة المعجم العربي هامة جداً في وضعه وتنظيمه، "ولكنه يفتقر إلى من يقوم بدراسته، لأنّ من يبحث في الاتجاه المعجمي قليل أو نادر في العالم العربي، علماً أن هناك معاجم حاسوبية وإلكترونية متنوعة في الغرب تساعد على السرعة والدقة في إيجاد المصطلح للمفهوم المستحدث"(19).‏

واجتهد خبراء الحواسيب في توصيف حوسبة المعجم، بالنظر إلى منظومتين هما معجم الوحدات الصوتية وبرنامج التأليف اعتماداً على نظام تأليف الكلام العربي، إذ تخزن الوحدات الصوتية في معجم، وتكون قابلة للاستعمال في كلمات أخرى، وتعالج "كل واحدة منها بوضع علامات على الجزء الثابت في كل من الصوتين اللذين يكونان الوحدة وعلى فترات التذبذب للأصوات المجهورة"(20)، وإذا كانت حوسبة المعجم تصل إلى تخزين الوحدات الصوتية ومعالجة الكلام المنطوق ، فإن معالجة الكلام المكتوب أيسر، وتفيد حوسبتها في البعد الاتصالي من جهة، وفي خدمة اللغة العربية حفاظاً على الهوية الثقافية من جهة أخرى.‏

وقد بدأت بعض المجامع اللغوية العربية بإنجاز مشروعاتها في إطار "حوسبة الذخيرة اللغوية العربية" مثل المجمع الجزائري للغة العربية؛ بهدف "حيازة أهم نتاج اللغة العربية من أدب وعلوم على وسائط حاسوبية لتوفير بنك معطيات نصية عربية محوسب يمكن نشره عبر شبكة الإنترنت ومن خلال وسائل رقمية ليتسنى لأي مستخدم الإطلاع عليه بكلّ يسر"(21).‏

وقد أفاد موسى زمولي (الجزائر) إلى علامات هذا المشروع وأسئلته قبل الخوض في الأجوبة واقتراح الحلول من حيث بداءة مشروع الحوسبة وشروط انتقاء النصوص لضمّها للذخيرة والمستخدم المستهدف لذخيرة اللغة العربية المحوسبة، فثمة مواقع عربية كثيرة على شبكة الإنترنت تجعل قابليات الوصول إلى برمجيات عديدة متاحة مثل نظام القرآن الكريم ونظم المواريث والحديث الشريف.. إلخ، وضرورة التنسيق فيما يتعلق بإنشاء شبكة بيانات حاسوبية عربية ومواجهة العوائق الفنية التي تتعرض حيازة هذه الذخيرة اللغوية. وعرض زمولي أمثلة من التطبيقات الحالية لحوسبة اللغة العربية التي لا تواكب عمليات حوسبة اللغة العربية، ومنها حوسبة المعجم العربي، وأورد عدداً من التوصيات النافعة في هذا الإطار مثل اختبار المؤلفات واختبار المنهجية وتحديد الأولويات والاستناد على أبحاث اللسانيات وضبط الجانب الفني والمحافظة على سلامة المشروع من خلال اعتماد قواعد وقائية وأمنية وتأمين الموارد البشرية اللازمة والتمويل والتشريعات التي تحثّ المثقفين والمراكز الاتصالية على توفير إنتاجهم على وسائط رقمية لتسهيل مهمة الاستفادة منها(22).‏

وتؤدي حوسبة اللغة العربية إلى تسيير شبكة الإنترنت التي تجمع بين " عدة شبكات معلوماتية فيما بينها لتسمح للمشتركين فيها في كل أرجاء العالم بالتحاور فيما بينهم وتبادل المعلومات"، وهذه" أحدث وسيلة اتصال تختزل الوقت والمسافات، وتساهم في رفع مختلف الحواجز التي تحول دون المرور الحرّ للمعلومات إرسالاً واستقبالاً، سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى المؤسسات أو الهيئات"(23).‏

وتلبي شبكة الإنترنت خدمات كثيرة من نظم نقل الملفات والبريد الإلكتروني إلى النقاش الحرّ والتعليم عن بعد والإطلاع على المعلومات،وتتدرج الملفات النصية ومثيلاتها في خدمة حوسبة المعجم العربي مثل الصور الثابتة والأصوات والصور المتحركة والواقع الافتراضي والنص الممنهل Hyper text ( وهو النص الذي يكون مسجلاً في ملف يتضمن وسائط اتصالية متعددة كالنص والصورة والصوت..إلخ).‏

وقد أنجز خبراء المعلوماتية في سورية المعجم الحاسوبي ضمن قاعدة معطيات data base وعلى القوانين الصرفية والنحوية لقواعد الاشتقاق. ويحتوي على جميع الجذور المعجمية الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية. وقد بلغ عددها في إحصائهم 11347 جذراً توزعت على النحو التالي:‏

115 جذراً ثنائياً،وهذه الجذور هي تراكيب لا اشتقاق فيها.‏

7198 جذراً ثلاثياً، وهي أكثر الجذور خصوبة.‏

3739 جذراً رباعياً، وهي دون الثلاثية في الخصوبة.‏

295 جذراً خماسياً، وهي أقل الجذور خصوبة.‏

واعتمدت هذه الإحصائية على خمسة معاجم أصول هي " جمهرة اللغة" لابن دريد و "تهذيب اللغة" للأزهري، و"المحكم" لابن سيده، و" لسان العرب" لابن منظور و" القاموس المحيط" للفيروزأبادي، بلغت في مجموعها 43 مجلداً، ومما يجدر ذكره أن المعجم الأكبر " تاج العروس من جواهر القاموس" ستنجز حوسبته في مطلع هذا العام حسب إعلان المجلس الوطني في الكويت.‏

كما يحتوي المعجم الحاسوبي على جميع الأفعال الثلاثية والرباعية، المجردة والمزيد، التي بلغ عددها في الإحصائية 23490 فعلاً، وجميع هذه الأفعال المخزنة في المعجم الحاسوبي سماعية، سواء في ذلك أبواب تصريفها الستة للأفعال الثلاثية المجردة أو صيغ مزيداتها الخمس عشر للأفعال المزيدة (12 للثلاثي المزيد و 3 للرباعي المزيد)، واشتمل المعجم الحاسوبي أيضاً على المعارف المعجمية السماعية لا يطّرد فيها قياس نحو أبواب تصريف الأفعال وحروف التعدية ومصادر الأفعال الثلاثية والأسماء الجامدة والصفات المشبهة.. إلخ. أما ما يطّرد فيه القياس كالأسماء المشتقة ومصادر الأفعال فوق الثلاثية، فإن المعجم خلو منها، لأن الحاسوب قادر على توليدها وفق قواعد الاشتقاق المحددة لها، ولا حاجة لأن تكون مخزنة في معجمه(24).‏

4 ـ قضايا تحديات حوسبة المعجم العربي:‏

ثمة قضايا هي مشكلات ناجمة عن تحديات حوسبة المعجم العربي، نذكر منها:‏

4 ـ 1 ـ النحو وتيسيره:‏

يقدم المعجم، فيما يقدمه، معلومات نحوية أساسية مثل التعدي واللزوم والمطابقة والأفعال الناسخة وأفعال المدح والذم والممنوع من الصرف والتمييز والحال والاستثناء وإعراب الأدوات وتعيين الشواهد و الإشارة إلى المسائل النحوية.. إلخ.‏

وتتصل المعلومات النحوية بالأسس اللغوية الأخرى مثل بيان النطق والإملاء وبيان الصيغ الصرفية وبيان الدلالات بدقة وبيان التراكيب السياقية وبيان المستوى اللغوي للكلمة طبقاً لورودها في مستوى واحد أو أكثر من مستوى وبيان الاستخدام المحلي للكلمة، إن وجد، وبيان موقع الكلمة في تاريخ اللغة ومدى كونها بائدة أو مولدة أو محدثة وبيان تأصيل الكلمة في داخل الأسرة اللغوية وصيغ انتقالها من أسرة لأخرى(25).‏

وتستلزم حوسبة المعجم تحديد المنطلقات التأسيسية في النحو العربي، وهي مجموعة المعايير والمقاييس المعتمدة لدى النحويين العرب والأوائل، والتخفيف من تعددية المدارس النحوية بالتواضع على هذه القواعد الكلية المستمدة من استقراء اللغة في مصادرها الطبيعية: القرآن والحديث النبوي والشعر والنثر. وقد حصرها اللغويون الجدد فيما يلي:‏

"1ـ الفصاحة: مواطنها ومقاييسها.‏

2ـ مستويات الأداء اللغوي.‏

3 ـ القراءات القرآنية وموقف النحاة منها.‏

4ـ الشواهد الشعرية: المقبولة منها وغير المقبول.‏

5ـ الحديث النبوي: هل يستشهد به؟ ولماذا؟‏

6ـ منهجية البحث: تطبيق أكثر مناهج العلوم المختلفة على النحو"(26).‏

وتتصل منهجية البحث في تقرير الظواهر النحوية بمفهومها العام باعتماد المنهج الوصفي القائم على الإحصاء من جهة وتطبيق بعض أفكار النهج التاريخي والمقارن من جهة أخرى، وقد لاحظ بعض اللغويين مبكرين أهمية تقرير الظواهر النحوية من سيرورتها التقليدية وقوانينها الخاصة، لا تطبيق أفكار النحو الأوروبي أو المناهج الحديثة مثل القواعد التوليدية والتحويلية (تشومسكي) أو نظرية التواصل ومسألة النظم (ياكوبسون)..إلخ.‏

فذكر عبد الصبور شاهين( مصر) في مقدمته لتعريب كتاب هنري فليش Henri Fleish " العربية الفصحى: نحو بناء لغوي عربي جديد"Esquisse D'une structure Linguistique L'ARABE CLASSIQUE أن مشكلة الدراسات اللغوية العربية " مشكلة مصطلحات، فما زال أساتذة علم اللغة الحديث من العرب يحاولون أن يضعوا ترجمات ومقابلات لما يصادفون من مصطلحات غربية، نتجت من اختلاف التقسيمات أو تصحيح المدلولات"(27).‏

ولعل تأمل دراستين تأخذان بنظريتي تشومسكي وياكوبسون المشار إليهما آنفاً يفصح عن صعوبة تطبيقهما على اللغة العربية ما لم تثّمر لدى مواءمتها للمنطلقات التأسيسية للغة العربية صوتية وصرفية ونحوية وتركيبية ودلالية. إن نظرية تشومسكي على سبيل المثال تستند إلى دراسة المبنى اللغوي، ولاسيما وصف بنية الجملة وعلائقها بالكلمة وكيفية إقامة قواعد عامة تتيح استنباطها بطرق صورية، ورأى عادل فاخوري (لبنان)، واضع كتاب " اللسانية التوليدية والتحويلية" أن ثمة عدم مقدرة لهذه القواعد التوليدية على تفسير كثير من التراكيب اللغوية العربية، مما دعاه إلى معالجة القواعد التحويلية وتطبيقها على اللغة العربية. غير أن الصعوبة تتفاقم لدى تطبيقها بمعزل عن اندغامها بقواعد اللغة العربية، فاستدل من هذه الشواهد وغيرها الكثير في لغة العرب " أن الجملة، إلى جانب البنية الظاهرة، بنية مقدرة تضبط خواصها الجلالية؛ فلكي يؤدي النحو حساباً عن هذا التمييز، وجب أن يتضمن من جهة قواعد بنيوية تستطيع توليد البنية المقدرة الأصلية للجملة ومن جهة قواعد تحويلية تشرح مراحل الانتقال من البنية المقدرة إلى البنية الظاهرة"(28).‏

وتتضاعف الصعوبات لدى التعامل مع نظرية ياكوبسون، لأن قانون اللغة العربية يختلف كلياً عن قانون اللغة الإنجليزية، لأن التغيّرات الصوتية تقتضي تغيرات في الدلالة، وهذه الفرضية تستلزم تمييزاً بين العناصر الدالة في النظام الصوتي التي يترتب عن تغيرها تغير في المعنى والعناصر غير الدالة أو الخارج ـ نحوية التي تربط إما بمجازات صوتية تعبر عن عاطفة أو انفعال، أو بتلوينات صوتية مصطنعة كالتي نلاحظها في اللغة اليومية. ويحدد عبد القادر الغزالي (المغرب) إطار الصعوبة بقوله: "وهكذا تعتبر مسألة تعيين الحدود بين العناصر الفونولوجية (الصوتية) والعناصر الخارج نحوية من القضايا الأولية التي يمكن بواسطتها اكتشاف الخروقات المتنوعة التي يحدثها الشكل الشعري على اللغة"(29).‏

وسعى الشريف ميهوبي (الجزائر) في كتابه "دراسة في التطور والتأصيل" إلى تثمير الدراسات المقارنة في استخلاص القواعد النحوية دون الاستغراق في التباسات ثنائيات اللغة، لأن التأصيل نفسه شديدة الصلة بالقواعد النحوية، وقد طبّق مفهومه للتطور والتأصل في معالجة " تطور الفعل الرباعي في العربية ولهجاتها مقارنة بأخواتها الساميات"، للإجابة عن أصالة الرباعي من حيث دراسة جوانب بناء الفعل أو الصيغة ونشأتها،وكيف تطورت، وقد استعان بأهم الكتب النحوية والصرفية المتخصصة واللغوية العامة، ودعم آراءه بقراءة المعاجم اللغوية المتداولة، وتؤدي مثل هذه الدراسة إلى "فهم كثير من الأصول ومعرفة امتداداتها وتطوراتها"(30).‏

لابدّ من تقعيد النحو دون تشعبات وتلوينات ناشزة عن أطر القواعد العامة لدى حوسبة المعجم، ويضاف إلى ذلك مسعى التيسير النحوي أو تجديده لمجانبة الإفراط في تفاصيل القواعد النحوية، مثلما فعل شوقي ضيف (مصر) في كتابه " تجديد النحو" (1982)، وقد جعل محمود أحمد السيد (سورية) الإخلاص لقواعد النحو العربي السبيل الأمثل للارتقاء بواقع تعليم النحو ومساعدة المتعلمين على اكتساب مهاراته، وهو أحد مداخل حوسبة المعجم العربي، من أجل "الإبقاء على المصطلحات النحوية التي خلّفها لنا أجدادنا القدامى، وما من لغة في العالم إلاّ ولها قواعدها ومصطلحاتها"(31).‏

وأضاف السيد ملاحظة أخرى أرى أنها تنفع في حوسبة المعجم العربي"بالابتعاد عن الشذوذات والاستثناءات والتركيز على الموضوعات النحوية الوظيفية التي تخدم المتعلم في حياته، وتلبي حاجاته. وتسهّل له عملية التفاعل الاجتماعي بحيث يقرأ بصورة سليمة، ويكتب بأسلوب سليم، ويستمتع فيفهم بصورة صحيحة فينقل رسالته بوضوح إلى الآخرين"(32).‏

وقد كان عبد اللطيف الخطيب محقاً في نتيجة فحصه وتقديمه للبحث النحوي والصرفي في " تاج العروس" إزاء الإفراط في "تتبع شوارد المسائل النحوية وأوابدها بما يتجاوز طاقة المعجم في غير ما ضرورة ملحة"(33).‏

وتتكرر مثل هذه الملاحظات لدى الكثير من اللغويين والباحثين العرب على أنها "جوهر أزمة النحو"، وتتمثل برأي فتحي أمبابي ( مصر) في مشكلتين، " الأولى تهافت المصطلح والثانية هدر المنطقة(؟)،إذ أن المشكلة لا تقتصر على التخلص من الأحاجي والطلاسم التي صنعها النحاة في طرقهم المثقلة للغة وصناعة نحوها وبناء قواعدها. وإنما بنية المصطلح النحوي وتصنيفه وطريقة وصفهم للنسق اللغوي وتنظيم اللغة الداخلي وعلاقتها بالعقل المنشئ لها"(34).‏

واقترح أمبابي بعد ذلك نماذج أخرى لبناء الجملة طبقاً للمنطق الأرسطي كاختبار مبدئي يستند إلى مجموعة من القواعد مثل الكلي والثابت والعام والشامل والتعيين المباشر للدلالات التي يطلقها اللفظ في كلّ من المعنى ونسق الجملة والتشكيل طبقاً للمبنى، بما يعني الإسقاط الصريح للإعراب وتحويل المعرب على وجه الإجمال إلى السكون، وبما يقترب حثيثاً من المنطوق.‏

دعا خبراء المعلوماتية إلى تقريب قواعد النحو من مفهوم النحو التوليدي، وهي أن تصاغ " في صورة قواعد رياضية يمكن من خلالها توليد العدد اللانهائي من التعابير اللغوية المسموح بها في اللغة. تماماً كما تولد معادلات المتواليات العددية والهندسية العدد اللانهائي من سلاسل هذه المتواليات وكما تولد معادلة الخط المستقيم (أس + ب ص +ج= صفر) في الهندسة التحليلية جميع حالات الخط المستقيم عن آخرها".(35)‏

وأضافوا إلى النحو التوليدي قابليات النهج الحاسوبي الذي يقوم على نظام رياضي لكتابة قواعد النحو وفقاً للنموذج اللغوي المتبع وتنظيم منهجي لكيفية تسجيل هذه القواعد وكذلك مفردات المعجم التي تطبق عليها، لتغدو تقانة (تكنولوجيا) المعلومات أداة لمكننة المعجم العربي. وقد ظهرت، ومازالت تظهر، نماذج نحوية عدة، وهي تمثل النتاج الوفير للتفاعل الشديد بين النحويين والدلاليين من جانب واللغويين وعلماء الحاسوب من جانب آخر.وأورد نبيل علي قائمة بأسماء هذه النماذج النحوية، وهي:‏

ـ نحو توليدي تحويلي:TGG:Transformational Generative Grammar.‏

ـ نحو الحالات الإعرابية: Grammar GG:Case.‏

ـ نحو الرابط العاملي: GB:Government Binding Theory.‏

ـ نحو وظيفي: FG:Functional Grammar .‏

ـ نحو وظيفي معجمي: LFG:Lexical Functional Grammar .‏

ـ نحو علائقي:RL:Relational Grammar .‏

ـ نحو مقولي:CG:Categorical Grammar .‏

ـ نحو شبكات الانتقال المعززة: ATN:Augmented Transition Net works.‏

ـ نحو البنية العاملة للجملة: GPSG:Generalized Phrase Stucture Grammar .‏

ـ نحو بنية الجملة المتعمدة على الرأس:HPSG:Head Phrase Structure Grammar .‏

ـ نحو ترابطي: UG:Unification Grammar . ‏

وأراد نبيل علي باستعراض هذه النماذج أن يظهر " كيف يتجاوب مهندسو اللغة مع منظريها، وذلك حتى نثبت للقراء مدى الثراء النظري والتكنولوجي الذي تحظى به اللغة في عصرنا الحالي"(36).وأوضح تالياً أن البنية الداخلية لمنظومة اللغة تقوم على محور نظام القواعد الذي يشتمل على قواعد الفروع اللغوية المختلفة: الصوتيات والصرف و التراكيب (النحو) والدلالة وما يضاف إليها من نظام الكتابة ونظام المعجم الذي يشمل مفردات اللغة ومعانيها ضمانة للمعالجة الآية للغة وتفعيلاً لعلاقة النحو بحوسبة المعجم، إذ تمثل العلاقة بين نظام القواعد والمعجم إحدى الخصائص الأساسية التي تميز لغة عن أخرى. ولابد في جميع الحالات "أن يوفي المعجم بمطالب الفروع اللغوية المختلفة: مطالب الصوتيات فيما يخص كيفية نطق الكلمات ومطالب الصرف فيما يخص الاشتقاق والتصريف ومطالب النحو التركيبي فيما يخصّ أنماط السياق اللغوي الذي ترد به هذه المفردات والذي تحدد ـ بناء عليه ـ معاني الكلمات"(37).‏

وإذا ما تأملنا بعض المعاجم النحوية المتخصصة مثل"معجم إعراب ألفاظ القرآن الكريم" الذي وضعته مكتبة لبنان وراجعه الشيخ محمد فهيم أبو عبية (الط1 و الط2 ـ 1990ـ 1994)(38) نجد أن تيسير قواعد النحو فيه يسهّل حوسبته إلى حدّ كبير.‏

4 ـ 2 ـ التغيرات الدلالية:‏

تتصل المادة المعجمية اتصالاً وثيقاً بالمعنى أو بالدلالة وقابليات تبدلها أو تغيرها من استعمال لآخر ومن مستوى لآخر، وثمة معاجم لغوية فقهية ( فقه اللغة) ومعاجم المعاني ومعاجم البلاغة ومعاجم المصطلحات اللغوية.. إلخ.‏

وهناك عشرات المعاجم التي تتدرج في هذه التصنيفات، وتتحدد طبيعتها في مراعاتها لذكر الدلالة اللغوية والدلالة السياقية والصوغ الاصطلاحي والصوغ الموجز الذي يناسب مع حدود التعريفات والدلالة المجازية ودلالة المفارقة.. إلخ، لأن مسألة الفروق الدلالية متعددة الصياغات، ولا تقتصر على الدلالة الأصلية حيناً أو الدلالة المجتلبة حيناً آخر، بل تعاين هذه الفروق في عمليات التغيرات الدلالية، وإذا نظرنا على سبيل المثال في أهم معجمين للمعاني في اللغة العربية برأي بعض اللغويين، وهما " فقه اللغة وسر العربية" للثعالبي, و"المخصص" لابن سيده، فإننا واجدون أنهما لا يحيطان بالفروق الدلالية، ولا يعنيان بالتغيرات الدلالية في تشكلها ومستوياتها ومراحلها ووظائفها.‏

وإذا نظرنا في عديد المعاجم الفقهية اللغوية مثل " المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي، فإننا نجد التداخل بيناً بين الفقه الشرعي (الحنفي) واللغوي، مما يغفل عنه واضع المعجم عند تضافر المعنى اللغوي الوضعي وأشكال الدلالات غير المباشرة، السياقية وسواها. ودعا اللغويون العرب إلى العناية المعجمية بالتغيرات الدلالية التي لا تحيط بها الحوسبة تماماً، لأن هندسة اللغة أو حوسبة اللغة تستدعي التوافق بين المعنى المباشر ومضاعفاته الدلالية الناجمة عن الأسلوبية والمجاز والاستعارة والرموز والأمثولة والتمثيل الثقافي وسوى ذلك. ولا يخفى أن معالجة اللغة آلياً ضمن مراعاة نظام القواعد والاستعمال اللغوي والتطور التاريخي تلقي بظلالها الكثيفة على حوسبة المعجم، ولا يستوي نظام التحليل الدلالي الآلي الذي يستخلص معاني الكلمات استناداً إلى سياقها دون العناية بالفرق وذكرت طيبة الشذر (الكويت) "أن الخلاف في وقوع الفروق اللغوية سببه اختلاف اللغويين والمفسرين في النظرة إلى فكرة المعنى اللغوي وتباين مواقفهم ومناهجهم في النظر إلى اللغة إضافة، إلى ذلك ما تركته النظرة العقلية والمنطقية من أثر واضح عند العلماء ومنهجهم في تناول الفروق لاقتران حدوثهما بالظروف اللغوية عامة وبالتطور الدلالي خاصة"(39).‏

ولو أمعنا النظر في سريان فاعلية العناية بالتغيرات الدلالية لوجدنا أن المعجم خير معين لذلك، ناهيك عن حوسبته التي تلتمس التوظيفات الدلالية التطبيقية فيما أثبتته الجهود الدلالية العربية القديمة.‏

وأظهرت دراسات أخرى للغة ودلالاتها أن المناهج اللسانية الحديثة باستنادها إلى هندسة اللغة وحوسبتها تساعد على التقريب التداولي للمصطلح البلاغي على سبيل المثال، فمن "فضائل التداولية المدمجة في التركيبية، والدليل أنها تلفت نظرنا ـ بعد الملقي ومعنى ما يلقيه من الكلام ـ إلى المتلقي والدلالات التداولية ( المفترضة والمضمرة) التي تحصل في ذهنه وفي سياق معين إلى الغاية العلمية والفائدة والنتيجة الفعلية من إلقاء الكلام الفوري أو الدوري... ويعتبر ما ذكرنا مثل المجاز والمشاكلة والتورية والرمز فضلاً عن الكناية و الاستعارة والمثل فالتمثيل ثم الأمثولة نموذجاً لما لم يتأت ذكُره، فالدلالات التداولية لهذه المصطلحات البلاغية تختبئ وراء معانيها الظاهرة، ولابدّ لها من متلق يفهمها في سياقها، ويتصرف وفق هذا الفهم"(40).‏

وتثّمر الغيرات الدلالية على نحو أفضل إذا عولجت الفروق الدلالية ضمن سياقات تعبيرها، ولاسيما أشكالها المجازية.‏

4ـ 3ـ وضع المصطلحات وتوليدها:‏

يتفق معظم اللغويين العرب على أن تطوير الاشتغال على قضايا المصطلح شأن من شؤون مواكبة اللغة العربية للعلوم الحديثة، كما أظهرت ذلك ندوة "قضايا المصطلح" (جامعة تشرين 28 ـ 30 نيسان 1998) ، وتنطلق المسالة برمتها من تطوير المصطلحات اللسانية ومعاجمها الحديثة من حيث قابلية المصطلح لحوسبة المعجم فيما يخص مجاوزة علل الافتقار إلى الدقة والوضوح والاكتمال، إذ يعاني المصطلح اللساني من الارتباك المتمثل في " تعدد المقابلات في المعاجم والمؤلفات والمترجمات، وتبقى محاولة التمييز والاختبار بين المقابلات أو محاولة التوفيق بينها من أصعب المشكلات التي تواجه المعجمي والدارس والمؤلف العربي، ولا حل لها إلا باتباع مبدأ المصطلح المفُضل والمصطلح المقبول (1984 Felber)، فالمصطلح المفضل هو المصطلح الموصى به والمصطلح المقبول أو المجاز هو المصطلح الذي يمكن أن نعده مرادفاً للمصطلح المفضل"(41).‏

ودعا هليل من قبل إلى التقييس المصطلحي في البلاد العربية،و"هو توحيد التصورات والتقليل من المجانسة homonymy ومن الترادف وإقناع عدد كبير من أهل الاختصاص في حقل من الحقول بأن يعتمدوا تعريفات التصورات في هذا الحقل والمصطلحات المقترح إسنادها لهذه التصورات"(42).‏

وحدد معوقات التقييس الناجمة عن التباين في المقابلات العربية للمصطلح الأجنبي الواحد فيما يلي:‏

1 ـ استعمال المقابلات العربية الترجمية لبعض المصطلحات التي يوجد لها مقابلات في التراث العربي، وقد نجد المصطلح التراثي جنباً إلى جنب مع الترجمة الحرفية للمصطلح الأجنبي.‏

2 ـ التردد بين التعريب والترجمة.‏

3 ـ ترادف المصطلح التراثي نفسه.‏

4ـ استعمال الصيغ الاشتقاقية المختلفة مقابلات للمصطلح الأجنبي.‏

5 ـ تباين طرائق النقل للمصطلح الأجنبي الواحد إلى العربية.‏

6 ـ التباين في ترجمة السوابق واللواحق والجذر والصيغ الرابطة.‏

7 ـ الترجمة الحرفية للمصطلح دون الانطلاق من التصور وراء المصطلح.‏

8ـ التباين في ترجمة العناصر المصطلحية التي تعبر بشكل متسق عن علاقات تصورية في اللغة المصدر. بسبب هذا التباين لا يتم نقل وظيفة العنصر أو معناه في حقل التخصص كما تفقد الأسرة المصطلحية اتساقها.‏

9 ـ عدم تعيين الحدود بين المترادفات وتخصيصها.‏

10ـ نقص الاهتمام بالمصطلحات المشتركة بين الحقول المتعددة التي سبق نقلها إلى العربية مما يمثل غياب التنسيق في العمل المصطلحي.‏

11ـ اختلف علماء العربية من المحدثين والمترجمين في موقفهم من النحت فعدّه بعضهم طريقة مشروعة من طرائق نقل المصطلح فأسرف في استعماله، وقد تسبب هذا الموقف في تعدد بعض المقابلات العربية.‏

12ـ الخطأ في فهم المصطلح التراثي والإسقاط الخاطئ(43).‏

وتستدعي هذه الإرباكات التواضع على طرائق نقل المصطلح إلى العربية وتوحيدها، ولا تقتصر هذه الطرائق على النقل، بل تستند بالأساس إلى الوضع الاصطلاحي من خلال معاينة عناصر هذا الوضع، لأنه يشمل التعريب والترجمة ومقاربات الاشتقاق والنحت والتراث ( مراعاة الدلالات المتوارثة وتغيراتها) والتعريب الجزئي. وقد وضعت عدة معاجم للمصطلحات اللغوية واللسانية العربية دون حوسبتها، وهي:‏

ـ عدة معدين: المعجم الموحد للمصطلحات اللسانية (إنكليزي ـ فرنسي ـ عربي). تونس 1989.‏

ـ رمزي بعلبكي: معجم المصطلحات اللغوية (إنكليزي ـ عربي) بيروت 1990.‏

ـ خليل أحمد خليل: معجم المصطلحات اللغوية (عربي ـ فرنسي ـ إنكليزي) بيروت 1995.‏

ـ مبارك مبارك: معجم المصطلحات الألسنية. بيروت 1995.‏

واقترح بعض اللغويين مثل عصام نور الدين (لبنان) " أن تنشأ لجنة عربية موحدة تضم المتخصصين المشهود بعلمهم وإخلاصهم لانتمائهم القومي، وتغذى من كل الدول العربية والجامعات العربية لترجمة أمات الكتب اللغوية من كل اللغات، ثم تعرض هذه الترجمات الموحدة على مجامع اللغة العربية كلها وعلى الجامعات ومراكز البحث لتقول كل مؤسسة كلمتها فيها وفي مصطلحاتها التي يجب أن يحوي كل كتاب منها على تثبت مصطلحات لأن تحديد المصطلحات اللغوية وتوحيدها واستعمالها ونشرها والتعليم بها شرط أساسي وأولي لتطور علم اللغة وتقدمه وشرط أساسي لتمكين الدارسين العرب من الانتقال من مرحلة التلقي والاستهلاك إلى مرحلة التمثل والتأليف والإبداع"(44).‏

ويستكمل توحيد المصطلح بوضع معاجم اصطلاحية ترتب مداخلها حسب الألفبائية العربية وشرح المصطلح وتعريفه بذكر خصائصه القياسية وليس بالمقابلة (تفيد هذه الحال الوضع وليس الترجمة أو التعريب)، و"استخدام الشواهد النصية والصورية واجتناب التعريب وإيجاد الكلمة المعبرة عن طريق التعبير الدلالي لكلمة عربية قديمة أو عن طريق الاشتقاق وتفضيل الكلمة الدقيقة على الكلمة العامة أو المبهمة"(45).‏

ولفت أحمد مختار عمر (مصر) النظر إلى الآثار السلبية للتعددية في المصطلح اللغوي، قائلاً: "فلعل أخطر ما يتعرض له المصطلح اللغوي الحديث من قصور ناتج عن كثرة ما تقذفه المطابع كل عام من دراسات لغوية يصحبها إدخال ألفاظ جديدة بدلالات جديدة كل يوم دون أن تتوافر لها شروط المصطلح واستخدام لغة لم ترق في تعبيراتها المتخصصة إلى مستوى المصطلح. ولولا أن كثيرين ممن يقدمون المفاهيم الأجنبية في لفظ عربي يقرنون المصطلح العربي بنظيره الأوروبي لغمض فهم المصطلح العربي على الكثيرين، ولكان هذا المصطلح عامل تفريق لا تجميع، وما كان هناك حدّ أدنى من الاتصال بين لغويين قطر عربي وآخر، بل بين لغوي وآخر في داخل القطر الواحد، وقد أدى هذا ـ بالضرورة ـ إلى خلق مجالات كثير للتعارض والتصادم بين هذه المصطلحات ومستخدميها بعضهم مع بعض"(46).‏

ووضع محمود أحمد السيد عدة اجتهادات في وضع المصطلحات وتوليدها في مجال المفردات بتدقيق المصطلح ووضوحه واكتماله وانسجامه مع القواعد العربي وأصولها وفي مجال النصوص باستعمال مصطلح النص المفرّع أو الممنهل مقابل hyper text والنص المفرّع في علم الحاسوب هو تسمية مجازية في تقديم المعلومات يترابط فيها النص والصورة والأصوات والأفعال معاً في شبكة من الترابطات مركبة وغير تعاقبية مما يسمح لمستعمل النص (القارئ سابقاً) أن يجول في الموضوعات ذات العلاقة دون التقيد بالترتيب الذي بنيت عليه الموضوعات، وهذه الوصلات تكون غالباً من تأسيس مؤلف وثيقة النص المفرّع أو من تأسيس المستعمل حسب ما يمليه مقصد الوثيقة. والنص المرفل Hyper media هو مصطلح لاحق للنص المفرّع وإغناء له، وقد دخل مجدداً في علم الحاسوب وعالم الإعلام والتربية، وهو في علم الحاسوب دمج الرسوم والأصوات والفيديو أو أي تشكيل آخر في منظومة ترابطية بشكل رئيسي لخزن المعلومات واستدعائها، وفي النص المرفل تربط المعلومات بشكل يسمح للمستعمل أن يقفز عند عملية البحث عن المعلومات من موضوع إلى آخر متصل به، ويسمح للمستعمل أيضاً القيام بتداعيات بين الموضوعات بدلاً من التنقل المفروض تتابعياً من موضوع إلى آخر في قائمة ألفبائية"(47).‏

وظهرت تجارب محدودة في حوسبة المعجم الاصطلاحي مثل تجربة المجلس الأعلى للغة العربية في وضع المصطلحات الإدارية التي حوت في الوقت نفسه مصطلحات من شتى الاصطلاحات مثل الاقتصادية والفلاحية والأدوات والآلات الفنية والرياضية والمعادن والأحجار‏

والطبية والبيطرية والبيولوجية والإعلام الآلي والكيميائية و الفيزيائية والقانونية والسياسية والإدارية البحتة ومصطلحات أخرى،ولاحظ ناقدو هذا العمل المعجمي النقض والخلط فيه، بالإضافة إلى خلوه من التهيئة للحوسبة، وهناك ألفاظ عربية وفرنسية عامة لا علاقة لها، وأشار لعبيدي بوعبد الله (الجزائر) إلى توافر استراتيجيات الوضع القابلة للحوسبة في حالتين الأولى تتعلق بوضع عدة مقابلات لمصطلح واحد فيما يتعلق باللغة العامة وما يتعلق بالمصطلحات مثل تسمية واحدة لعدة مفاهيم (تحويل ـ تخفيض ـ تداول ـ تمديد) أو عدة تسميات لمفهوم واحد، وتتعلق بالحالة الثانية من طرق الوضع كالاشتقاق والترجمة والنحت والافتراض وغيرها، ولعل توكيد استخدام الموروث المصطلحي وتطويره بعيداً " عن الصيغ الغربية التي لا تنسجم مع المجال المعرفي المحدد، ويستحسن وضع تعريف يحدد معناه ومظانه ومجال استخدام كل مصطلح بشكل يضمن له التداول وعدم الهجران"(48).‏

ولعلنا بعد هذه الإلماحات المتعددة لواقع المعجم العربي إزاء المصطلحية والاصطلاحات نفيد أن حوسبة المعجم تقوم على قواعد الضبط الاصطلاحي من نظريات متعددة ومناهج مختلفة تراعي العديد من الاعتبارات اللغوية والتقنية.‏

4 ـ 4ـ توظيف التقنيات العصرية:‏

صار لزاماً على المعنيين بحوسبة المعجم العربي أن يراعوا توظيف التقنيات العصرية مثل المعالجة الآلية لعناصر المعجمية وبرمجتها من حيث التصنيف والتخزين والمرجعية وتحويل النص المعجمي إلى نص إلكتروني ممنهل يدمج أيضاً بين الفكر والكتابة، "موحداً العقل ومساحة الكتابة في كل واحد غير قابل للنسخ"(49)، ناهيك عن إثراء المعجمية بالتكامل بين الصور الرقمية والأصوات في قاموس إلكتروني حيث تحل محل النص الكلامي الصور والأصوات وإدراكات حواسية أخرى كاللمس والشمّ، ويتم التوصل إلى تقديم تعددي الاتصال يتوجه فيه الحاسوب إلى حواس المشترك جميعاً، وحيث يصيب هذا الأخير مشاهداً، وتتحول الموسوعة إلى تلفزة تبادلية أو واقع خلبي (والأفضل خلاّب)"(50).‏

وتساعد حوسبة المعجم العربي على تسهيل معجمية الرصيد اللغوي العربي الثرّ في حافظات برمجية جاهزة للتسيير وفق الأغراض المعجمية المنشودة من حيث الإحصاء والوصف والتعدد الدلالي والتوزع اللغوي الصوتي أو الصرفي أو النحوي أو البلاغي أو الاصطلاحي والمجالات الإبلاغية الاتصالية في هذا المنحى أو ذاك بالتعاضد مع تقانات " الملتيميديا" لدى إدخالها تقانات للنص المرفّل .. إلخ والمجالات الاستعمالية للغة في التعليم أو التدريب أو التأليف، ولطالما شكا اللغويون من محدودية النشر الإلكتروني، وإن لم يصرحوا بغنى الأخير لعدم تعاملهم معه واكتناه قابلياته التقنية المتعددة في صون الرصيد اللغوي العربي وتثمير إمكاناته الكثيرة، وسمت الباحثة حفيظة تازروتي (الجزائر) قصور النشر المعجمي التقليدي عيوباً (51)دون أن تقارب تقانات النشر الإلكتروني في خدمة حوسبة المعجم العربي.‏

و أورد مثالاً على تخديم حوسبة المعجم العربي بتوظيف التقنيات العصرية، فقد وضع أمين علي السيد كتاباً أقرب إلى العمل المعجمي عن قواعد الصرف سمّاه "في علم الصرف"(52)،وظهرت منه طبعات متعددة، والكتاب موضوع لتيسير الدراسة في علم الصرف والسير بها نحو الجانب التطبيقي المفيد، على أن تحويل هذه القواعد إلى مجال البرمجة والحوسبة يخفف من الجهود الكبيرة للحصول على قاعدة معينة في كتاب صغير الحجم، ويتطلب ذلك في الوقت نفسه إعادة النظر في إيراد هذه القواعد مشمولة باستخدام التقنيات العصرية.‏

ويقال الرأي نفسه حول " معجم الإملاء"(53) لمحمد محيي الدين مينو الصادر مؤخراً (2002) ويضم قواعد الإملاء حسب الحروف وحالاتها، وملحقاً بمعجم الأخطاء الإملائية الشائعة وآخر عن أبجديات الحروف وقيمتها وثالثاً عن مخارج الحروف. ومن المفيد أن نعترف بأن حوسبة هذا المعجم الصغير، على محدوديته، تيسر الاتصال معه، وتُغنيه إذا أدغمت بتقنيات النص الممنهل والمرفل والكتابة عامة.‏

5 ـ آليات معجم عربي جديد:‏

رهن كثيرون تحديث العربية بتحديث معجمها اللغوي، وقد دعا العفيف الأخضر، وهو مفكر سياسي، إلى تأطير عمليات تحديث المعجم العربي فيما يلي:‏

* فتح المعجم على دفتيه للدخيل أي المعرب وأيضاً للنحت وللترجمة.‏

* ترجمة معجمين أساسين عامين من الإنجليزية والفرنسية.‏

* نقل المعاجم المتخصصة في العلوم الدقيقة والإنسانية.‏

* إصدار معجم عربي حديث حقاً.‏

* إصدار معجم اشتقاقي.‏

*إصدار معجم تاريخي للعربية.‏

*إصدار معجم بفصحى الحياة.‏

* الاعتراف باللحن.‏

* تحديث الأبجدية.‏

* دمج البادئة واللاحقة في صلب المصطلحات العربية المترجمة على غرار اللغات الأوربية(54).‏

ومن الواضح أن اهتمام المفكرين والكتّاب مثل اللغويين بتحديث العربية ومعجمها شاغل ضاغط على الوجدان والعلم و المعرفة، وعلى الرغم من ارتباك آراء العفيف الأخضر واختلاطها، فإنها تعبر عن مسعى تحديث المعجم العربي، وإن غفل عن آفاق حوسبته وقضاياها.‏

وقد اخترت إشارة لرأيه أنموذجاً للاتفاق العام على ضرورة تحديث المعجم العربي، إذ تحتاج حوسبة المعجم العربي إلى آليات جديدة في مجالات التوليد المصطلحي (الصوتي ـ الصرفي ـ الدلالي ـ المرتجل بقاعدتيه الارتجال الحقيقي والإتباع ـ والافتراضي بقاعدتيه المعرب والدخيل) وبالاستناد إلى تفعيل القاعدتين الأهم وهما الاشتقاق والمجاز لدى معاينة الأصول الجذرية أو الجذعية أو الأجنبية. ويرى بعض اللغويين المعجميين مثل إبراهيم بن مراد أن " أهم هذه الأصناف الثلاثة بالنسبة إلى الحاسوب هو الصنف الثاني أي صنف الأصول الجذعية. وهو مشتمل على خمسة أنواع من الأصول: أربعة منها تمثلها المقولات المعجمية التامة، وهي الأسماء والأفعال والصفات والظروف. والصنف الخامس تمثله الوحدات المعجمية غير التامة، وهي تنتمي إلى مقولة الأدوات، وهي تشمل الحروف بمختلف أنواعها والضمائر وأسماء الإشارة وأسماء الموصول والأفعال الناقصة.‏

وهذه الأدوات كما يلاحظ هي وحدات صرفية نحوية، لأنها ذات وظائف نحوية في اللغة أهم من وظائفها الدلالية العامة"(55).‏

والمجال الثاني من مجالات التطبيق الحوسبي في المعجمية المختصة هو الجمع من المصادر والنظر في المستويات اللغوية والوضع باعتماد الترتيب والتعريف خدمة للتكنيز المصطلحي، غير أن هذين المجالين يستدعيان اشتغالاً على معالجة القضايا المتعددة التي أشرنا إلى جوانب منها في حوسبة المعجم العربي.‏

وبدأ الكثيرون بإعداد معجم جديد، مثلما فعل محمد محمد حلمي هليل( الكويت) في معجمه الجديد للترجمة من العربية إلى الإنجليزية ساعياً إلى أن تغيّر الثنائية من وسائلها، وأن تعيد النظر في منهجيتها. "من هنا تولدت لنا فكرة معجم الترجمة. وحيث إن الترجمة كما يقول (1989:9) Hartmann: " عملية معقدة تتضمن القدرة على صياغة معنى التعبير الواحد باللغة المصدر واللغة الهدف"، فالجمع بين معجم عربي أحادي اللغة ومعجم ثنائي من نوع خاص من أفضل آليات الترجمة"(56).‏

وعمد هليل إلى العناية بالسياق والجذر والأمثلة التوضيحية والتعريف والاستعمال المجازي والمقابلات والوحدات متعددة الكلمات والمتلازمات اللفظية والتعبيرات الاصطلاحية. وخلص إلى اقتراح بناء المعجم الجديد على محورين أولهما الترجمة الناجحة التي تعتمد اعتماداً كبيراً على فهم النص، وتنحصر الوسائل المعجمية في اللجوء إلى ما من شأنه أن يساعد على دقة الفهم من شرح معنى الجذر الذي يدور حوله المعنى العام والتعريف الدقيق والشامل الواضح والاعتماد أساساً على كلمات أو تعبيرات تعيش في سياقها لا كلمات مجرد عن السياق. وثانيهما أن فكرة المقابل تنبع من فكرة ضيقة عن التكافؤ اللغوي والمعجمي، لأنه واقع الحال يضحد الفكرة، فليس ثمة تقابل بين كلمات اللغة التي نترجم منها واللغة التي نترجم إليها. من ثم فالمعجم المقترح لا يطمح في تزويد المستعمل بالمقابل اللغوي، ولكن يزوده بالمقابل النصي، لأن معنى الكلمة أو التعبير لا ينفصم عن السياق، بل هو رهين به(57).‏

هناك دعوات لمعجم عربي جديد، ولكنها لا تستفيد من إمكانات الحاسوب الهائلة في إنتاج حوسبة المعجم على الرغم من الاشتغال الكبير في هذا التطلع من خبراء المعلوماتية العرب الذين ينبغي أن تتعاضد جهودهم مع علماء اللغة واللغويين العرب، فقد ظهرت مؤشرات متعددة لمثل هذا الإنتاج، وما تزال الجهود قاصرة عن الإنجاز المنشود.‏

6ـ خاتمة:‏

لقد أظهرت دراسة حواسبة المعجم العربي أن المشكلات اللغوية والتقنية الناجمة عن هذه الحوسبة كثيرة بالنظر إلى خصوصيات اللغة العربية وتراثها العريق والثرّ من جهة وأهمية تحديثها، ولاسيما معجمها من جهة أخرى سبيلاً لصون الذات وتثمير معطياتها التاريخية والوجودية باللغة أداة لسلطة المعرفة في صوغها الجديد. ومن المفيد أن نورد بعض الحلول لهذه المشكلات:‏

أ. تطوير عمل المجامع اللغوية لمواجهة هذه التحديات والشروع في البرمجيات لوضع إطار تقانة المعلومات من منظور اللغة العربية وإقامة النماذج اللغوية وتحليل فروعها المختلفة في ميادين الصرف الحاسوبي و النحو الحاسوبي والدلالة الحاسوبية والمعجمية الحاسوبية وعلم النفس اللغوي الحاسوبي والتاريخ اللغوي لحاسوبي للمواءمة بين المنظومات البرمجية وطبيعة اللغة العربية.‏

ب. مجاوزة الحال السائدة التي تفرّق بين الحاسوبيين واللغويين العرب، فلا يمكن وضع البرمجيات المنشودة دون الاستناد لمعرفة لغوية صرفية وصوتية ونحوية ودلالية وتركيبية، وقبل ذلك معرفة لغوية تاريخية للإحاطة بجوانب الاشتقاق والنحت والمجاز وما يندرج في مكونات التمثيل الثقافي من جهة، وبجوانب الأصيل والدخلي والثنائيات المتعددة المشار إليها في البحث من جهة أخرى.‏

ج. مجاوزة الأطر النظرية لحوسبة المعجم التي مازالت متوقفة عند الجمع المعجمي الذي يراعي عمليات تفعيل النظم الإشارية والرمزية والدلالية للكلمة في نسيجها التركيبي والمجازي والتاريخي التي تنفع في تثمير معطيات الحوسبة في النص الممنهل أو النص المرفل من أجل الاستعمال المعجمي المتعدد.‏

د. تطوير آليات الاشتغال المعجمي في مجالاته المختلفة مما يستدعي تشكيل فرق عمل من اللغويين والحاسوبيين من أجل معجم عربي جديد يقوم على توسيع فروع المعجم لئلا تقتصر على شرح المفردة في حال معينة والعناية بمجالات التوليد المصطلحي.‏

هـ. الاشتغال اللغوي في مجالات تيسير النحو العربي نحو تقعيده وقوننته وذكر ما يخرج عن هذه القواعد والقوانين أو ما يختلف عنها في جانب فرع المعجم التاريخي إزاء أصل الوضع وأصل القاعدة والأخذ بموقف النحاة من القراءات القرآنية والاستشهاد بالشعراء أو الحديث النبوي.. إلخ. ولابد من التواضع على هذه القواعد والقوانين تفعيلاً لحوسبة المعجم العربي وتوظيفاً لخصوصيات اللغة العربية التي تندعم بالنحو وبسيرورة تقانات حوسبته للإجابة على نماذجه دون عسر مثل النحو التوليدي والتحويلي ونحو الحالات الإعرابية.. إلخ، ولا تنطبق هذه النماذج على نحو اللغة العربية، لأن نحوها يعتمد أساساً على خصوصيات قواعد الاستصحاب وامتدادها إلى العلاقات البلاغية والصرفية مما يشكل النحو العلائقي في مثل هذا الجانب.‏

و. العناية بالفروق الدلالية التي تسعف هندسة اللغة وإثراء حوسبتها بمستويات الدلالة وسياقات تعبيرها المجازية وسواها.‏

ز. أخذ اللغويين والحاسوبيين المشتغلين بوضع معجم لغوي عربي جديد بعلم اللسانيات أو علم الدراسات اللغوية الحديثة لدى وضع البرمجيات، وأن تستند إلى معرفة لغوية بالنظرية اللسانية الحديثة لدى تحليل بنية اللغة العربية، وأن تتحالف هذه المعرفة مع كفاية لغوية نافعة في ميادين الإشتغال على التوليد اللغوي.‏

المصادر والمراجع:‏

أ ـ الكتب‏

1 ـ اتجاهات البحث اللساني، ميلكا أفيتش (ترجمة عبد العزيز مصلوح، وفاء كامل فايد) المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 1996‏

2 ـ ((استخدام اللغة العربية في المعلوماتية)) المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس، 1996.‏

3 ـ ((البحث النحوي والصرفي في تاج العروس)) عبد اللطيف الخطيب، مطبوعات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت 2002.‏

4 ـ ((تنمية اللغة العربية في العصر الحديث)). وزارة الشؤون الثقافية، تونس 1978.‏

5 ـ الثقافة العربية وعصر المعلومات: نبيل علي ((سلسلة عالم المعرفة)) 265، الكويت: 2001.‏

6 ـ دراسة في التطور والتأصيل: تطور الفعل الرباعي في العربية ولهجاتها مقارنة بأخواتها الساميات، الشريف ميهوبي: منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين، الجزائر 2003.‏

7 ـ ((العربية الفصحى: نحو بناء لغوي جديد)) هنري فليش، ((ترجمة وتقديم عبد الصبور شاهين))، دار المشرق، بيروت 1983.‏

8 ـ علوم الاتصال والمجتمعات الرقمية، فريال مهنا، دار الفكر المعاصر، بيروت ـ دار الفكر ـ، دمشق 2002.‏

9 ـ ((فتاوى كبار الكتاب والأدباء في مستقبل اللغة العربية، ونهضة الشرق العربي وموقفه إزاء المدنية الغربية))، سلسلة آفاق ثقافية، الكتاب الشهري 4، وزارة الثقافة، دمشق 2003، (والطبعة الأولى من الكتاب صدرت عام 1923 عن دار الهلال بالقاهرة).‏

10 ـ في علم الصرف، أمين علي السيد، دار المعارف القاهرة، ط3، 1976 (174 صفحة من القطع الكبير).‏

11 ـ ((في قضايا التعريب))، محمود أحمد السيد، دمشق 2002.‏

12 ـ ((قضايا فكرية))، الكتاب السابع والثامن عشر، القاهرة، مايو 1997.‏

13 ـ ((قضايا المصطلح ـ اللغة العربي في مواكبة العلوم الحديثة))، جامعة تشرين 28 ـ 30 نيسان 1998 اللاذقية.‏

14 ـ ((اللسانيات ونظرية التواصل))، عبد القادر الغزالي، دار الحوار، اللاذقية 2003.‏

15 ـ ((اللغة العربية وتحديات القرن الحادي والعشرين))، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس 1996.‏

16 ـ ((معجم إعراب ألفاظ القرآن الكريم)) قدم له فضيلة الأستاذ مفتي الديار المصرية الدكتور محمد سيد طنطاوي، وراجعه الشيخ محمد فهيم أبو عبيد، مكتبة لبنان بيروت، ط2، 1994.‏

17 ـ معجم الإملاء، محمد محيي الدين مينو، منشورات منطقة دبي التعليمية، دبي 2002.‏

18 ـ المعجمات العربية وموقعها بين المعجمات العالمية، محمود فهمي حجازي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بحوث ((ندوة خاصة بمناسبة الانتهاء من تحقيق وطباعة معجم تاج العروس من جواهر القاموس)) الكويت 9 ـ 10 فبراير 2002.‏

19 ـ ((مؤتمر اللغة العربية أمام تحديات العولمة)) الدورة الأولى، بيروت، 2002م ـ 1423ه‍.‏

20 ـ ((مكانة اللغة العربية بين اللغات العالمية)) منشورات المجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر، الجزائر 2001.‏

21 ـ المنطلقات التأسيسية والفنية إلى النحو العربي، عفيف دمشقية، معهد الإنماء العربي، بيروت 1978 .‏

ب ـ الدوريات‏

1 ـ ((التجارب الراهنة حول حوسبة النصوص التي تعتمد اللغة العربية)) موسى زمولي، في مجلة ((اللغة العربية)) (الجزائر)، المجلس الأعلى للغة العربية، الجزائر العدد السابع خريف 2002.‏

2 ـ تجربة المجلس الأعلى للغة العربية في وضع المصطلحات، العبيدي بوعبد الله، في مجلة ((اللغة العربية)) (الجزائر) العدد 7.‏

3 ـ الرصيد اللغوي العربي والتأليف المدرسي، حفيظة تازاروتي، في مجلة ((اللغة العربية)) (الجزائر) العدد 8، صيف 2003.‏

4 ـ الفروق الدلالية في التراث اللغوي، طيبة الشذر، في ((المجلة العربية للعلوم الإنسانية)) (الكويت) السنة 19 العدد 73 شتاء 2001.‏

5 ـ قمة المعلومات (جنيف 2003) هل تقلص الفجوة الرقمية؟، في مجلة ((السياسة الدولية)) (القاهرة) العدد 155 يناير 2004.‏

6 ـ اللسانيات والحاسوب واللغة العربية، مازن الوعر، في صحيفة ((رؤى ثقافية)) (دمشق) العدد 4، 13 أيلول 2003.‏

7 ـ اللسانية التوليدية والتحويلية، عادل فاخوري، منشورات لبنان الجديد، بيروت 1970.‏

8 ـ اللغة ودلالاتها، تقريب تداولي للمصطلح البلاغي، محمد سويرتي، في مجلة ((عالم الفكر)) (الكويت) المجلد 28 العدد 3 يناير ومارس 2000.‏

9 ـ المعاجم العلمية العربية المختصة ودور الحاسوب، إبراهيم بن مراد، في مجلة ((اللغة العربية)) (الجزائر) العدد 4، 2001.‏

10 ـ من مواضيع تيسير تعليم النحو وحلول مقترحة، محمود أحمد السيد، في مجلة ((اللغة العربية)) (الجزائر)، العدد 9 خريف 2003.‏

* مدرس في جامعة تشرين (اللاذقية).‏

(1) قمة المعلومات (جنيف 2003) هل تقلص الفجوة الرقمية؟. في مجلة " السياسة الدولية" (القاهرة)، ص69 ـ86.‏

(2) اتجاهات البحث اللساني: ميلكا افتيش ،ص432.‏

(3) "فتاوى كبار الكتّاب والأدباء في مستقبل اللغة العربية ونهضة الشرق العربي وموقفه إزاء المدنية الغربية". ص3.‏

(4) المصدر نفسه. ص228.‏

(5) "المعاجم الحديثة العامة والخاصة":عبد العزيز بنعبد الله : في كتاب "تنمية اللغة العربية في العصر الحديث"، ص132 ـ147.‏

(6) المعاجم العربية في واقعها الراهن وخطة تطويرها: أحمد أبو سعد :ص224 ـ 225.‏

(7)استعمال اللغة العربية في مجال المعلوماتية ـ نبذة تاريخية :محمد بن ساسي، في كتاب " استخدام اللغة العربية في المعلوماتية"،‏

ص19.‏

(8) تعامل الأجهزة والمعدات مع الحرف العربي: محمد مراياتي، في المصدر السابق نفسه ص79.‏

(9) المواصفات والمقاييس لتعريب المعلوماتية: أحمد أبو الهيجاء، في المصدر السابق نفسه، ص180.‏

(10) الثقافة العربية وعصر المعلومات : نبيل علي، ص257 ـ258.‏

(11) اللسانيات والحاسوب واللغة العربية: مازن الوعر، في صحيفة "رؤى ثقافية" (دمشق)، ص23.‏

(12) "استخدام اللغة العربية في مجال المعلوماتية: نبذة تاريخية"، مصدر سابق، ص20.‏

(13) "التوصيف: مقاربة في حوسبة العولمة" : نهاد الموسى، في كتاب، مكانة اللغة العربية بين اللغات العالمية"، ص390.‏

(14) المصدر السابق نفسه، ص404 ـ 405.‏

(15) " اللغة العربية والنظم الحاسوبية والبرمجيات": محمد بن أحمد، في كتاب " استخدام اللغة العربية ..."، مصدر سابق، ص125.‏

(16) "اللغة العربية وتحديات العولمة": عبد الله أبو هيف، في كتاب "مؤتمر اللغة العربية أمام تحديات العولمة"،ص466 ـ 498.‏

(17) المعجمات العربية وموقعها بين المعجمات العالمية: محمود فهمي حجازي، ص18.‏

(18) المصدر السابق نفسه. ص18 ـ 19.‏

(19) مصدر سابق :مازن الوعر، ص23.‏

(20) المعالجة الآلية للكلام المنطوق: التعرّف والتأليف: سالم الغزالي، في كتاب "استخدام اللغة العربية في المعلوماتية" مصدر سابق، ص72.‏

(21) " التجارب الراهنة حول حوسبة النصوص التي تعتمد اللغة العربية": موسى زمولي: في مجلة " اللغة العربية"، ص274.‏

(22) المصدر السابق نفسه، ص274 ـ 288.‏

(23) " الإنترنت ـ دراسة اتصالية ومصطلحية": محمود ابراقن، المصدر السابق، ص300.‏

(24) أسلوب معالجة اللغة العربية في المعلوماتية: الكلمة ـ الجملة: مروان البواب، (ومحمد حسان الطيان)، في كتاب " استخدام اللغة العربية في المعلوماتية"، مصدر سابق، ص27 ـ 28.‏

(25) حجازي ، محمود فهمي: مصدر سابق، ص17.‏

(26) المنطلقات التأسيسية والفنية إلى النحو العربي: عفيف دمشقية، ص9.‏

(27) " العربية الفصحى: نحو بناء لغوي جديد". هنري فليش، ص14.‏

(28) اللسانية التوليدية والتحويلية: عادل فاخوري، ص23.‏

(29) " اللسانيات ونظرية التواصل": عبد القادر الغزالي، ص 74 ـ 75.‏

(30) دراسة في التطور والتأصيل: تطور الفعل الرباعي في العربية ولهجاتها مقارنة بأخواتها الساميات: الشريف ميهوبي، ص10.‏

(31) من مواضيع تيسير تعليم النحو وحلول مقترحة : محمود أحمد السيد، في مجلة " اللغة العربية" (الجزائر)، ص70.‏

(32) المصدر السابق نفسه ، ص71 ـ 72.‏

(33) " البحث النحوي والصرفي في تاج العروس": عبد اللطيف الخطيب،ص19.‏

(34) تحرير اللغة تحرير العقل وإعادة منهجية : فتحي أمبابي، في كتاب:"قضايا فكرية" مصدر سابق، ص287.‏

(35) الثقافة العربية و عصر المعلومات ، مصدر سابق، ص266 ـ 267.‏

(36) المصدر نفسه، ص26.‏

(37) المصدر نفسه، ص 286 ـ 287.‏

(38) " معجم إعراب ألفاظ القرآن الكريم".‏

(39) الفروق الدلالية في التراث اللغوي: طيبة الشذر: في "المجلة العربية للعلوم الإنسانية" (الكويت)،ص65.‏

(40) اللغة ودلالاتها : تقريب تداولي للمصطلح البلاغي: محمد سويرتي، في مجلة " عالم الفكر" (الكويت)، ص48 ـ49.‏

(41) المصطلحات اللسانية ومعاجمها الحديثة : محمد حلمي هليل، في كتاب " قضايا المصطلح ـ اللغة العربية في مواكبة العلوم الحديثة"، ص113 ـ 114.‏

(42) التقييس المصطلحي في البلاد العربية: محمد حلمي هليل، في كتاب " اللغة العربية وتحديات القرن الحادي والعشرين"،ص9.‏

(43) المصدر السابق نفسه، ص61 ـ 63.‏

(44) أزمة المصطلح اللغوي : عصام نور الدين، في كتاب " قضايا المصطلح". مصدر سابق ، ص125 ـ 126.‏

(45) "المفاهيم الاصطلاحية: رؤية نقدية": محمد البوصيري، في المصدر السابق، ص134 ـ 135.‏

(46) التعددية في المصطلح اللغوي وآثارها السلبية ووسائل القضاء عليها : أحمد مختار عمر، في المصدر السابق، ص183.‏

(47) "في قضايا التعريب": محمود أحمد السيد، ص114 ـ 116.‏

(48) تجربة المجلس الأعلى للغة العربية في وضع المصطلحات: لعبيدي بوعبد الله، في مجلة " اللغة العربية" (الجزائر)،ص357.‏

(49) علوم الاتصال والمجتمعات الرقمية: فريال مهنا، ص542.‏

(50) المصدر نفسه،ص513.‏

(51) الرصيد اللغوي العربي والتأليف المدرسي : حفيظة تازروتي، في مجلة " اللغة العربية" (الجزائر)، ص271.‏

(52) في علم الصرف : أمين علي السيد.‏

(53) معجم الإملاء: محمد محيي الدين مينو.‏

(54) الأصولية تعيق تطور العربية: العفيف الأخضر، في كتاب "قضايا فكرية" (القاهرة) مصدر سابق. ص244.‏

(55) المعاجم العلمية العربية المختصة ودور الحاسوب: إبراهيم ابن مراد. في مجلة " اللغة العربية" (الجزائر)، ص98 ـ 99.‏

(56) في طور التنفيذ: معجم جديد للترجمة من العربية إلى الإنجليزية: محمد محمد حلمي هليل. في مجلة " عالم الفكر" (الكويت) مصدر سابق، ص237.‏

(57) المصدر نفسه، ص247.‏
--------------------
نشر هذا البحث في :
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 93 و 94 - السنة الرابعة والعشرون - آذار وحزيران 2004 - المحرم وربيع الثاني 1424

التصنيف الرئيسي: 

اللغةُ العَرَبيّة والتَّقْنِيَة

التصنيف الفرعي: 

بحوث لغوية حاسوبية