الشيخ الولي محمذٍ ابن محمودًا يحاضر في مجلس اللسان العربي حول "إيمان اللغة"

اثنين, 05/07/2018 - 01:58
الشيخ الولي محمذٍ ابن محمودًا يحاضر في مجلس اللسان العربي حول "إيمان اللغة"

احتضن مجلس اللسان العربي بموريتانيا مساء السبت 19شعبان 1439هـ / 05 مايو 2018غ حلقة نقاش بعنوان: "مذاكرة حول إيمان اللغة"، قدم الشيخ الولي محمذٍ ابن محمودا عرضها المحوري، وذلك بحضور عدد من الأساتذة الجامعيين والمثقفين والإعلاميين والباحثين والمهتمين بقضايا اللغة العربية.

وقد بدأ الولي العرض المحوري للمذاكرة بما أسماه "إثارة "أو"مدخلا" إلى الموضوع، ذكر فيه بأن العربية هي لغة القرآن الكريم ولغة النبي صلى الله عليه وسلم ولغة أهل الجنة، وقال إن بعض الدراسات الحديثة بينت أن القرآن الكريم تضمن 15% من جذور اللغة التي تضمنها "تاج العروس"، وأن هذه النسبة كان لها أثر كبير في تثبيت العربية، وفي جعلنا اليوم نفهم ونتكلم بمفردات لغة القرآن أو بما يقاربها، بل إننا نفهم عن امرئ القيس قوله "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل"، بينما يحتاج الإنجليزي اليوم إلى أن تترجم له أعمال كتبها شكسبير قبل نحو 300 عام، لبعد البون بين إنجليزية عصره وإنجليزية العصر الحاضر.  وقال إن أكثر الأفعال ورودا في القرآن هي الفعل الثلاثي، كما هو الشأن في العربية، وتحدث عن مخارج الحروف في العربية وعن التغييرات التي تلحق بعض الحروف في القرآن عن طريق الإدغام والإخفاء والقلب.

وتحدث الشيخ الولي عن "إيمان اللغة" من خلال شواهد من معجم اللغة ومن النظام التركيبي، منها ما يتعلق بدلالة المفردات، ومنها ما يتعلق بالجملة الفعلية ومنها ما يتعلق بالجملة الاسمية، ومنها ما يتعلق بشبه الجملة، ومنها ما يتعلق بما يسمى "الفضلة" مما تتوسع به الجملة. أما فيما يتعلق بالمفردات، فإن مما يميز القرآن "انفتاح" دلالة كلمات العربية فيه، فإن القرآن الكريم يعبر عن الأشياء في شموليتها وديمومتها، ومثل لذلك بقوله تعالى: {والْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ}، فإن العلماء كانوا يفسرون الصدع بما يقع للأرض حين يخرج منها النبات، أما اليوم فإن نفس الكلمة تعبر عن الصدوع التي تقع في أعماق البحار وغيرها بسبب البراكين، أو الزلازل.

وفيما يتعلق بالجملة الفعلية، فإنه من المقرر أنه لا بد للفعل من فاعل. وهذا "الفاعل لا يتعدد ولا يحذف (إلا بتقدير) ولا يكون جملة" مما يدل على أن هناك موجهات إيمانية أولية تبعث بها اللغة إلى عقل الإنسان وقلبه. أما الجملة الاسمية فإن المبتدأ يرفع فيها بعامل معنوي هو الابتداء وفي ذلك أيضا رسالة إيمانية، فالإيمان بالعامل المعنوي يرمز إلى الإيمان بالغيب.

وأشار الشيخ الولي إلى أن الظرف والجار والمجرور أحياز لا بد أن تملأ بأحداث ولا يمكن أن تملأ بالجثث، ولها تعلقات تحمل أيضا رسائل إيمانية.

أما الفضلة فضرب المحاضر مثلا لها بالتوابع مشيرا إلى أنها لا تملك شخصية إعرابية مستقلة فوجودها مستمد من غيرها، لكن تبعيتها أعطتها ما لا يملكه غيرها من صنوف الإعراب، نصبا ورفعا وخفضا، وكذلك جزما في حال إبدال الفعل من الفعل مثلا، فكأن التابع المطيع بتعلق شخصيته بشخصية المتبوع يكافأ مكافأة خاصة.

وقد مهد للمحاضرة الأستاذ الخليل النحوي، رئيس مجلس اللسان العربي، بكلمة رحب فيها بالشيخ الولي. وقال:إن هذه الأمسية هي أمسية استثنائية مع ضيف استثنائي؛ ذلك أن الشيخ قد اعتاد أن يستضيف المتكلمين في الشأن الثقافي والعلمي في مجلسه الثقافي الذي يعتبر أعرق "صالون" ثقافي في البلد، وقد اعتاد أن يحسن الإصغاء بصمت ولا يتكلم. وكان مجلسه المورود منهلا عذبا كثير الزحام، ورَبْعًا تَعْتَوِرُهُ رياح الفكر والثقافة والمطارحات العلمية من كل الجهات، وذلك منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي. وها هو الشيخ الولي اليوم يتحدث لأول مرة في مجلس اللسان العربي ليبوح ببعض درر معارفه التي كان يدخرها لأحاديث خاصة. وقال الأستاذ الخليل إن "المذاكرة" مع الشيخ الولى في موضوع "إيمان اللغة" تعتبر دعوة لعلماء البلاد الذين تعلموا في نظام تربوي أصيل لينفقوا من سعتهم ويثبتوا ما وصفت به البلاد من الملاءة في مجال اللغة العربية ليدرك الآخرون أن لدى علماء هذه البلاد ما يضيفونه. ودعا إلى تحويل موضوع المذاكرة إلى مشغل بحثي يغوص في أسرار العربية، ويصل – ربما – إلى بلورة وتطوير مؤشر لـ"إيمانية اللغة" يتناول العربية واللغات الأخرى بمنهح بحث تقابلي مقارن.

وقد أتبعت المحاضرة بنقاش غني أداره الإعلامي الدكتور الشيخ بن سيدي عبد اللـه وقدم فيه العلماء والباحثون الحاضرون رؤى وأفكارا وأسئلة واستشكالات كانت موضوع ردود وتعليقات من الشيخ الولي، توسع فيها بسرد أمثلة متنوعة من أوجه المناسبة بين سور القرآن وآياته. وسيعمل المجلس، لاحقا، على نشر مجريات الحلقة إن شاء اللـه.