العربية.. لغة العالم / l'arabe langue du monde

خميس, 09/20/2018 - 15:30

كتاب جديد بالفرنسية يبرز استعمال العربية في العالم

وقدرتها على نقل العلوم والمعارف والتعبير عن الإنسان والبيئة والحياة 

صدر حديثا في باريس كتاب " العربية.. لغة العالم "، وشهد إقبالا كبيرا من قبل القارئ العربي والغربي على حدّ سواء؛ لما يحمله من نظرة جديدة للغة العربية تدعو إلى تجاوز الصور النمطية والتطلع للمستقبل. ويحمل الكتاب آراء وتوصيات لخبراء وباحثين في التعليم والثقافة والإعلام يُجيبون عما يمكن أن يطرح من تساؤل حول فوائد تعلّم العربية بوصفها لغة تواصل حيّة ومُنتشرة في القارات الخمس، وهو ما لا يتناسب مع واقعها اليوم في فرنسا. وأشار موقع "الإمارات 24"، إلى أن الكتاب صدر في مارس 2018 باللغتين الفرنسية والعربية عن دار "هرماتان" للنشر بإشراف ندى يافي الدبلوماسية والأكاديمية الفرنسية، والمترجمة السابقة للرئيسين الفرنسيين السابقين ، الرئيس فرانسوا ميتيران والرئيس جاك شيراك. يقع الكتاب في 221 صفحة، ويتضمن الاسهامات التي تمّ طرحها في ندوة بحثية في مجال العلوم الإنسانية نظمت في ديسمبر/كانون الأول 2016 في العاصمة الفرنسية، تناولت الأبعاد الثقافية والتاريخية للغة العربية ومكانتها اليوم في الدوائر المهنية، وحيوية تعليمها ووجودها وتأثيرها الحالي والمستقبلي في القنوات الفضائية ومختلف وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من الاهتمام المُتزايد مؤخرا بتعلّم لغة الضاد في باريس؛ فإن الكتاب يرى أنّ اللغة العربية ما زالت تُعَد "غير مرغوبة في فرنسا" حيث لا يتجاوز عدد الذين يتعلمونها في المدارس الإعدادية والثانوية 14 ألف مُتعلم، مُتسائلا عن أسباب هذا الإقبال المتواضع على تعلم خامس أكثر لغة تحدثا في العالم، وإحدى اللغات الرسمية الست المُعتمدة في الأمم المتحدة، والمنتشرة بشكل واسع عبر المئات من القنوات الفضائية، وبالتالي يُقدّم الكتاب من خلال باحثيه المُشاركين آلية مُقترحة لعلاج هذا الوضع الذي لا تستحقه اللغة العربية. ويرى الكتاب إنّ "اللغة الفرنسية، وغيرها من لغات الإنسانية، تدين للغة العربية بالكثير من الكلمات الشائعة والأساسية في علوم الحياة"؛ مما يؤكد بلا شك أنّ العربية "لغة عالمية". ومع ذلك، ينظر إليها في فرنسا أحيانا، كما لو كانت لغة مُجتمعية تتباينُ بشكل واسع عبر مُختلف مناطق العالم العربي. كما أنّ مستويات إتقان العربية حتى يومنا يفتقر إلى شهادة مُعترف بها عالميا، باستثناء مُبادرة أطلقها مؤخرا في هذا المجال معهد العالم العربي في باريس. وهذا مما تسعى إليه هذه الندوة المُختصّة عبر دعوة شخصيات من جميع الآفاق من أجل تقديم الثقافة العربية وإظهار "اللغة العربية، لغة عالمية". وقد تناول المشاركون في الندوة والذين يصدرون عن مختلف المشارب؛ من عالم التعليم، والآداب، والصحافة، والأعمال، والشركات المُتخصصة في الرياضيات، وعلوم الكمبيوتر، والشهادات اللغوية، وحتى خبراء في التدريب المهني، تناولوا كلهم بحماس القضايا المتعلقة بنشر اللغة العربية وتطويرها. ووقد ذَكَّرَ المشاركون بأنّ "أعمال أرسطو، وغيرها من التراث العلمي والثقافي القديم، قد وصلت إلى العالم بفضل حركة الترجمة الواسعة التي تمّت حينها في العصر العباسي". وأنّ عالما جليلا، على سبيل المثال، هو مخترع علم الجبر، قد منح اسمه إلى كلمة "خوارزمية" التي ما زالت مُستخدمة لليوم. هذا وقدا أشار الكتاب إلى أنّ "تدريس اللغة العربية في فرنسا بدأ منذ عام 1587م وفقا لرغبة سابقة للملك فرانسوا الأول". وأنّ أكثر من 127 ألف طالب يتعلمونها اليوم في المدارس الثانوية الفرنسية في الخارج، بينما لا يتجاوز الذين يدرسونها اليوم في المدارس الإعدادية، والثانوية داخل فرنسا 14 ألف طالب. ولا يعرض سنويا من الوظائف التي يمكن أن يشغلها خبراء في مناهج العربية في عموم فرنسا غير أربعة وظائف فقط ويدعو الكتاب لمنح شهادات إتقان رسمية مُعتمدة دوليا في اللغة العربية كغيرها من اللغات الأخرى؛ مما يُسهم في تطويرها على نحو واسع. فضلا عن أنّ استخدام اللغة العربية في المفاوضات التجارية وعالم الأعمال يُعَد ركيزة أساسية في هذا الصدد. وكان من اللافت أنّ الخبراء المُشاركين في الكتاب أشادوا بدور البث المباشر لفيسبوك والوسائط السمعية والبصرية الحية، والدروس المجانية في ابتكار تعليم مُشترك للعربية، وإن كانت نسبة كبيرة مما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي يبثّ بعدّة لهجات عربية. ونوه الكتاب أنّه من الجميل أنّ "مسيحيي المشرق يُمارسون طقوسهم الدينية باللغة العربية". وأنّ الأدب الكلاسيكي، يرفض تقليص العالم إلى ازدواجية ما بين نصوص مقدسة "حلال" و"حرام"، ونصوص غير مقدسة مثل ألف ليلة وليلة. إن النصوص الفلسفية الإبداعية، كالأغاني الحديثة التي يتداولها الجميع، تجعل القارئ يُسافر مُرتحلاً مُستمتعاً عبر الكثير من البلدان.