يحتفل العالم في الثامن عشر من ديسمبر كل عام باليوم العالمي للغة العربية، وسيكون موضوع الاحتفالات التي ستُقام هذه السنة في مقر اليونسكو في باريس تخليدا لهذا اليوم " اللغة العربية والذكاء الاصطناعي"
وبهذه المناسبة، وبرعاية وزير الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان، نظم مجلس اللسان العربي بموريتانيا، صباح الاربعاء 18 دجمبر2019غ الموافق 21 ربيع الثاني 1441هـ، بالتعاون مع كل من المركز الموريتاني للغة العربية، ومركز عربي نت، وجمعية أنا لغتي، ، احتفالية في قاعة العروض بمقر الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين بنواكشوط، حضرها لفيف من الشخصيات الرسمية والمثقفين ورجال الإعلام والمهتمين.
تضمن برنامج الاحتفالية عرضا عن الأهمية الحضارية والثقافية للغة العربية في العالم والخطوات التي اتخذتها الأمم تجاه اللغة العربية منذ القرن الماضي وصولا إلى المصادقة بالإجماع في الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2012 على أن يكون 18 دجمبر يوما عالميا للغة العربية.
وفي كلمته بالمناسبة أكد وزير الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان الدكتور سيدي محمد ولد الغابر، أن موريتانيا تخلد اليوم مع المجموعة الدولية ذكرى عزيزة على نفوس أبناء هذا الوطن، مذكرا بما للحدث من أهمية حيث يأتي لتأكيد اهتمام الإنسانية؛ وخاصة العالم الإسلامي والعربي بهذه اللغة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون وعاء لنقل القرآن الكريم الى البشرية جمعاء، فأرسل محمدا صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين وكتاب بليغ.
وأوضح الوزير أن قطاع الثقافة وبتوجيهات من رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وتنفيذا لبرنامج حكومة الوزير الأول، السيد اسماعيل بده الشيخ سيديا، يعمل مع الفاعلين في هذا المجال من منظمات المجتمع المدني إلى صون وحفظ وترقية وتثمين ثقافتنا التي تعتبر اللغة العربية الوعاء الحافظ لها منذ قرون.
وأبرز أن رعاية الوزارة لهذا النشاط تدخل في صميم اهتمامها بترسيخ جذور اللغة العربية في نفوس الأجيال الناشئة، منبها إلى أنها اللغة الرسمية في البلد دستوريا، مطالبا النخبة بتحمل مسؤوليتها في ترقيتها وتطويرها لتواكب مستجدات العولمة والحداثة التي أضحت تفرض نفسها في عالمنا اليوم.
وكان الأمين العام لمجلس اللسان العربي بموريتانيا د. المختار الجيلاني ألقى في مستهل هذه الاحتفالية خطابا ترحيبيا باسم المنظمات والجمعيات الوطنية العاملة في خدمة اللغة، نوه فيه بإشراف الوزير على افتتاح أنشطة اليوم العالمي للغة العربية، مذكرا بان تخليد هذا اليوم يعد مناسبة لطرح أهم القضايا والاشكالات المرتبطة بواقع اللغة العربية وضرورة النهوض بها؛ مما ينسجم مع المعاني السامية التي عبر عنها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب عيد الاستقلال الوطني حول مفهوم الاستقلال الثقافي وضرورة الحفاظ على اللسان والهوية.
وهذا نص الخطاب:
معالي السيد وزير الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان،
السيد حاكم مقاطعة لكصر،
السيد عمدة بلدية لكصر،
السادة قادة المنظمات والجمعيات الوطنية العاملة في مجال خدمة اللغة العربية،
أيتها السيدات والسادة،
الحضور الكريم،
باسم المنظمات والجمعيات الوطنية العاملة في مجال خدمة اللغة العربية، ونيابة مجلس اللسان العربي بموريتانيا ورئيسه الأخ الأكبر الشيخ الخليل النحوي الذي يوجد خارج البلاد للمشاركة في احتفالية أخرى عالمية بالمناسبة، يشرفني أن أرحب بكم جميعا، لاستجابتكم الكريمة لنداء اللغة العربية، ومشاركتنا هذا الحفل المخلد ليومها العالمي، المنظم بالتعاون بين كل من مجلس اللسان العربي بموريتانيا، والمركز الموريتاني للغة العربية، ومركز عربي نت، وجمعية أنا لغتي.
ولا يسعنا بهذه المناسبة إلا أن نسدي الشكر جزيلا إلى وزارة الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان، لتكرمها بالإشراف على هذا الحفل الذي يمثل مناسبة سنوية لإعلان مناصرة اللغة العربية، وفرصة لطرح أهم القضايا والإشكالات المرتبطة بواقعها وضرورة النهوض بها، وهو ما ينسجم مع المعاني السامية التي عبر عنها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب عيد الاستقلال الوطني حول مفهوم الاستقلال الثقافي وضرورة الحفاظ على اللسان والهوية.
حضورنا الكريم،
كما تعلمون، لقد اعتمدت الأمم المتحدة يوم الثامن عشر دجمبر يوما سنويا بناء على مبادرة من اليونسكو، ليكون "اليوم العالمي للغة العربية"، وهو اليوم ذاته الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة بإدخال العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة عام 1973. إنها لفتة شكر إنسانية تجاه هذه اللغة العظيمة التي احتضنت تجربة الفكر الإنساني طيلة ثمانية قرون. إننا إذ نحتفل بهذا اليوم، نشاطر العالم والإنسانية غبطتها بهذه اللغة التي تدين لها البشرية بالفضل، ونعمل على تعميق اعتزازنا بالانتماء إلى ثقافتها الغنية التي لا تزال تقدم للإنسان أعظم القيم والمبادئ الأخلاقية والروحية.
وفضلا عن كل ذلك، يكفي اللغة العربية شرفا أن رب العالمين جعلها حاملة لخاتمة رسالاته إلى الأرض: ((الله أعلم حيث يجعل رسالاته)).
إنها بحق ملكة اللغات عراقة وأصالة وقدرة على توليد الألفاظ والدلالات؛ فلا توجد اليوم لغة أقدم منها يتحاور متكلموها حتى اليوم، دون صعوبة، مع فضاء من النصوص يمتد في المكان عبر مختلف البيئات، وفي الزمان على امتداد ألفي عام؛ وما ذاك إلا بفضل حسن وجودة أنظمتها الصوتية الصرفية والدلالية والتركيبية، التي أتاحت لها إمكانية واسعة للتناغم مع أحدث أنظمة المعلوماتية. ولعل ذلك مما دفع اليونسكو إلى تنظيم احتفاليتها لهذه السنة تحت شعار: "اللغة العربية والذكاء الاصطناعي".
ومع ذلك، فإن هذه اللغة الشريفة برغم ما تنماز به أنظمتها من مرونة وإمكانات إبداعية لا حد لها، تعاني اليوم من تحديات عدة مرجعها في الأساس ما تلقاه من تقصير أهلها في مجال خدمتها وتعلمها وتعليمها ونشرها وتطويرها والنهوض بها لمواكبة المعارف والابتكارات العلمية والتقنية.
أيها الإخوة،
أن نحيي هذا اليوم ونحتفي به، لهو لفتة شكر مستحق، تجاه الخدمات الجلى، التي قدمتها هذه اللغة للإنسانية، وهو لنا وقفة تأمل لمراجعة الذات تجاه ما تستحقه علينا هذه اللغة العظيمة التي هي مأوى تراث الأجداد الذي لا ينبغي لنا أن ننساه، وحصن عقول الأجيال الذي علينا أن نرعاه.
شكرا لحسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله.