الشارقة تحتضن احتفالية عربية باليوم العالمي للغة العربية

خميس, 12/19/2019 - 10:51

احتضنت الشارقة يومي 21-22 ربيع الثاني 1441هـ/ 18-19 دجمبر 2019غ تظاهرات ثقافية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، انتظمت تحت رئاسة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للإمارات العربية المتحدة، حاكم الشارقة، وحضرها رئيس مجلس اللسان العربي بموريتانيا الأستاذ الخليل النحوي وبعض قادة مجامع اللغة العربية وعلماء اللغة العرب وشخصيات من خارج الوطن العربي.

وخلال احتفالية اليوم العالمي للغة العربية، أشرف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، بمعية معالي الدكتور محمد بن اعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم على  تكريم الفائزين في الدورة الثالثة لجائزة الشارقة – الألكسو للغة العربية، وهي جائزة ينظمها مجمع اللغة العربية في الشارقة بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. وقد فاز بالمركز الأول في مجال الدراسات اللغوية الدكتور شوقي بوعناني (من تونس) عن كتابه: "مبدأ الانسجام في تحليل الخطاب القرآني من خلال علم المناسبات"، بينما فاز بالمركز الثاني في المجال ذاته الدكتور حميد الزيتوني (من المغرب) عن كتابه: "المعجم القرآني بين الاشتراكين المعنوي واللفظي". أما في مجال الدراسات المعجمية، فقد فاز بالمركز الأول الدكتور الحبيب النصراوي (من تونس) عن كتابه: "في المعجمية العربية تنظيرًا وتطبيقًا"، بينما فازت بالمركز الثاني الدكتورة بدرية بنت براك العنزي (من السعودية) عن كتابها: "نحو بناء معجم للمتلازمات اللفظية في المعاجم العربية المعاصرة".

وقد أعلن الشيخ الدكتور سلطان القاسمي خلال حفل التكريم عن جاهزية أكثر من 300 عالم وباحث عربي للشروع في تحرير المعجم التاريخي الذي طال انتظاره. وتوقع صاحب السمو أن تنجز بعض أجزاء المعجم خلال العام القادم. كما تحدث في كلمته عن اللغة العربية وضرورة المحافظة عليها، قائلا: "إن الذي يتخلى عن لغته يعيش منبت الأصل عن جذوره، منقطع الوشيجة عن أهله وعشيرته، مقطوع الصلة عن ماضي أمته وحاضره، وسيلفظه التاريخ ولو بعد حين".

وفي النطاق ذاته، تحدث د. محمد بن اعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، فذكّر بأن "التمكن من اللغة أضحى في الأدبيات اللغوية المعاصرة يعني التمكّن من المعرفة، وهذه حقيقة أظهرتها الدراسات اللسانية الحديثة في تحليلها للغة بوصفها كلية اجتماعية ذات صلة بوعي جمعي ورمزي أكثر منها مجرد أداة للتواصل".

وبالمناسبة ذاتها، دشن الشيخ القاسمي، بمعية معالي د. علي بن عبد الخالق القرني المدير العام لمكتب التربية العربي لدول الخليج ومعالي د. محمد بن اعمر المدير العام للمنظمة العربية، مقرا جديدا لمركز اللغة العربية لدول الخليج كان صاحب السمو الشيخ القاسمي قد تبرع ببنائه وتجهيزه.  

وكانت التظاهرات المواكبة للاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية قد بدأت يوم الثلاثاء 20 ربيع الثاني 1441هـ/ 17 دجمبر 2019، بندوة حول نشأة النحو العربي، ألقى خلالها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي محاضرة قدم فيها خلاصة أبحاث أجراها حول تاريخ العرب وهجراتهم وذهب فيها إلى أن اللغة العربية الحميرية أصل لكثير من اللغات التي توصف بالسامية، وأن التسمية الصحيحة للآرامية هي "الإرمية" نسبة إلى إرم ذات العماد التي توجد بعض آثارها قرب البتراء في الأردن، وأن العبرانيين إنما اشتقت من مادة "عبر"، وأطلقت على القوم الذين عبروا النهر مع طالوت. وعرض الشيخ القاسمي خرائط تبين مواقع العرب البائدة وخطوط رحلاتهم، كما عرض جدولا مقارنا يبين جوانب من الشبه بين الخط العربي الحالي وخط المسند (العربي القديم) بفروعه المختلفة.

وقد تحدث خلال الندوة عدد من قادة المجامع واللغويين المشاركين. وأشاد رئيس مجلس اللسان العربي في مداخلته بالخدمات الجليلة التي يقدمها صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي للغة والثقافة العربيتين. وركز في مناقشة الموضوع العلمي على التذكير بما يوحي به النظر في القرآن من الاعتقاد بأن اللغة العربية من أقدم اللغات إن لم تكن أقدمها، وهو أمر أكدته دراسات لسانية مقارنة أجراها باحثون كبار نظروا في العربية وفي أكثر من 30 لغة منتشرة.  ودعا الأستاذ النحوي إلى مراجعة نظريات الاحتجاج اللغوي مركزا على أنه خلافا لما هو سائد من اعتبار العصر الجاهلي عصر اكتمال اللغة العربية، فإن عصر النبوة، برافدي القرآن الكريم والسنة، هو العصر الذي تحولت فيه العربية من لغات قبائل إلى لغة جامعة، وبلغت فيه أوج معياريتها، وتحقق لها فيه من النمذجة والتثبيت ما يعصمها من التحلل والاندثار بتأثير الانزياحات اللاحقة التي انتقلت بها العربية الدارجة من لغات قبائل إلى لهجات أوطان. وأشار إلى نماذج من الأخطاء التي ظهرت في أدب الجاهلية على مستوى بنية الكلمة العربية (الصرف) وعلى مستوى التراكيب (النحو) وعلى المستويين معا (العروض). وأشار إلى الصراع المبكر بين السليقيين والنحويين، داعيا إلى الجمع بين التقعيد وبناء السليقة اللغوية. وقد ذهب عدد من العلماء الذين تحدثوا في الندوة إلى أن السبب الرئيس لتقعيد اللغة العربية لم يكن ظهور اللحن، وإنما كان خدمة القرآن الكريم. ودعوا إلى التمسك باللغة العربية والتمكين لها وتشجيع البحث في أسرارها وخصائصها.