بدعوة من الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي بالمغرب، ألقى الدكتور المختار الجيلاني، الأمين العام لمجلس اللسان العربي بموريتانيا، محاضرة تأطيرية بالمائدة المستديرة التي نظمها الائتلاف بالدار البيضاء مساء الجمعة 13 مارس 2020 تحت عنوان: العربية بين الهدر والترشيد.
وقد تناول المحاضر تشخيصا لواقع اللغة العربية اليوم، مبرزا جوانب القوة الذاتية لديها، ونقاط القصور المرتبطة بجوانب كان يمكن أن تشكل سندا قويا لتعزيز مكانتها في وجه التنافس اللغوي والعولمة الثقافية.
كما استعرض المحاضر أشكالا من الهدر غير المحسوب في الطاقات والعقول البشرية والإمكانيات المادية الفردية والجماعية، بسبب التعددية اللغوية في مجالات التعليم والإدارة وحتى في البيوت، والتضييق على اللغة اللغة العربية في مجالات البحث العلمي والصناعة والتجارة.
وطرحت المحاضرة فكرة النظر إلى العربية بوصفها موردا اقتصاديا مهدورا، ليس فقط بما تختزنه من تراث غني بالمعارف والخبرات الإنسانية والآداب والعلوم، ولكن أيضا باعتبار الآفاق الواسعة التي تتيحها للاستثمار في مجال اللغة إذا جرى العمل على تحسين سبل الانتفاع بها باتباع سياسة لغوية رشيدة تحد من الإنفاق غير المبرر على اللغات الأجنبية في التعليم وقطاعات العمل والتجارة، وتعيد توجيهه للاستثمار في ميادين: صقل اللغة العربية وتحسين طرق تدريسها، وتنميط ترجمة المصطلحات العلمية والتكنولوجية إليها، وتصنيف المعاجم للاستعمال العام، وكذلك معاجم المصطلحات، وتطوير برامج معالجة النصوص والترجمة الآلية والذكاء الاصطناعي، وتحسين الاتصال بين الإنسان والآلة كتطويع نظم الكومبيوتر لأنساق اللغة العربية كتابةً واشتقاقاً وتركيباً ودلالة.
ودعا المحاضر إلى العمل من أجل رفع القيمة التسويقية للغة العربية، والكف عن هدر المزيد من الموارد المادية والبشرية خدمة للغات الأجنبية دون وعي منا، بسبب زيادة الطلب عليها، وتزايد المتحدثين بها، وخنق العربية وإبعادها من سوق المنافسة، والتفريط في طاقات المتحدثين بالعربية، وتعريض هوياتهم وانتماءاتهم الوطنية إلى مزيد من التشظي والقلق، تجنبا لماهو أسوأ وهو "أن نجد أنفسنا غدا أمام أجيال قادمة بهوية معطوبة، لا تسطيع أن تأخذ من الماضي ولا أن تعطي للمستقبل، لأنها ببساطة لم تمكن من أداة قراءة ماضيها، ولم تمكن من المشاركة في صنع مستقبلها" كما يقول المحاضر.
حضر المائدة المستديرة وأسهم في إثرائها تعليقا ومناقشة، نائب رئيسة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء المكلف بالدمج والحياة الجامعية د. حسن حبيبي منتدبا من طرف رئيسة الجامعة، ورئيس الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي د. جواد عراقي، والكاتب العام للائتلاف د. عطاء الله الأزمي، ولفيف من الأكاديميين والمهتمين.
وفي ختام المحاضرة تسلم الأمين العام للمجلس شهادة تكريم باسم الائتلاف الوطني لترشيد الحقل اللغوي، وأهدى بدوره نسخة من عددي "مجلة اللسان" التي يصدرها المجلس إلى مكتبة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وتسلم الهدية نائب رئيسة الجامعة.
