مجلس اللسان العربي ينسق الاحتفاليات المشتركة تخليدا لليوم العالمي للغة العربية

ثلاثاء, 12/20/2022 - 14:47

احتضنت قاعة المؤتمرات بمباني الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين ضحوة يوم الأحد 24 جمادى الأولى 1444 هـ الموافق 18 دجمبر 2022غ الانطلاقة المشتركة للاحتفاليات المخلدة لليوم العالمي للغة العربية.

وتميزت هذه الانطلاقة بمشاركة وحضور عدد كبير من المسؤولين السامين في الدولة وجمهور كبير من قادة الرأي والثقافة والفكر والأدب والمهتمين بالتمكين للسان العربي المبين، بالإضافة إلى رؤساء الهيئات الوطنية العاملة في هذا المجال، وخاصة: اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، ومجلس اللسان العربي بموريتانيا، واتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، والحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير اللغات الوطنية، والمركز الموريتاني للغة العربية، وبيت الشعر، والمرصد الموريتاني للغة العربية.

جرى الحفل الرسمي بإشراف وحضور معالي وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان السيد محمد ولد اسويدات. كما حضره معالي وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي السيد إبراهيم فال محمد الأمين، ورئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية د. الحسين امدو، ورئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الأستاذ أحمد سالم بوحبيني، ورئيس الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب د. البكاي عبد  المالك، والأمين العام للجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم الأستاذ محمد بن سيدي عبد اللـه.

وقد افتتح الحفل بآيات بينات من كتاب الله العزيز رتلها القارئ رمضان بيجل. بعدها تابع الحاضرون عرضا ناطقا ومصورا لمحتويات لبطاقة تعريف بعنوان "أنا العربية"، تضمنت أرقاما ومعطيات عن مكانة اللغة العربية، وومضات مضيئة من تاريخها، واقتباسات من الأقوال المأثورة والأوصاف المنظومة والمنثورة في عظمة اللغة العربية ودورها التاريخي في الحضارة البشرية ومكانتها المتقدمة ومستقبلها المشرق، على ألسنة علمائها وشعرائها، ومكانتها في أعين عظماء العالم من غير العرب والمسلمين.

وفي خطاب الافتتاح، عبر معالي وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان عن سروره وغبطته بإشرافه على هذه المناسبة العظيمة، مبرزا أن اللغة العربية التي هي لغة القرآن الكريم، فرضت مكانتها في العالم وفي موريتانيا بشكل خاص حيث حملها أهل هذه البلاد وتعلقوا بها شعرا ونثرا.

وأوضح أن اللغة العربية تعد ركنا أساسيا ورئيسيا من أركان التنوع الثقافي البشري وقد سادت لقرون طويلة.

وأضاف أن هذا الاحتفاء يكتسي أهمية خاصة لكونه يأتي في ظرفية تشهد التحضير لإطلاق فعاليات نواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي للعام 2023 وهو ما يمثل حدثا هاما وفرصة نادرة يحب اغتنامها للمزيد من التعريف بموروثنا الفكري وتنوعنا الثقافي ودور علمائنا في خدمة الإسلام السني المالكي.

وبصفته منسقا لبرنامج الاحتفاليات الذي يمتد على مدى نحو 10 أيام، رحب الأستاذ الخليل النحوي رئيس مجلس اللسان العربي بموريتانيا بالحضور، منوها بالتجاوب الكبير مع الاحتفاء بيوم اللغة العربية.

وأوضح أننا اليوم نحتفل بيوم اللغة العربية بصفتها لغة عالمية، لأن العربية، كما جاء في عنوان أعمال إحدى الندوات الدولية التي نظهما معهد العالم العربي في باريس، "لغة العالم"، مضيفا: "لسنا وحدنا في هذا الاحتفال؛ فهناك اليوم من احتفلوا ويحتفلون باللغة العربية، في هانوي وطوكيو وبكين شرقا وفي الولايات المتحدة الأمريكية غربا، وفي اليونيسكو التي وضعت الاحتفال باللغة العربية هذا العام تحت شعار "إسهام اللغة العربية في الحضارة والثقافة الإنسانية".

واستشهد رئيس مجلس اللسان العربي بما قالته في هذه المناسبة أستاذة من بلغاريا: إن أهم مكسب في حياتها هو أنها تعلمت اللغة العربية وعلمتها لمدة تزيد على أربعين سنة، وقالت إن اللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي يشتق فيها "الصدق" و"الصداقة" من جذر لغوي واحد!

وأشار إلى أن اللغة العربية كتب عنها الكثير، مستشهدا بتصنيف عدة هيئات إعلامية وتجارية متخصصة للغة العربية لغةً متقدمة أو متفوقة في إدرار الأرباح في عالم الأعمال في بريطانيا، كما أنها تدرس في 10 ولايات من مجموع 16 ولاية ألمانية، حسبما أوردته مجلة "شبيغل". كل هذا يؤكد المكانة العالمية للغة العربية، مصداقا لما أشارت إليه آيات القرآن الكريم، التي افتتح بها القارئ هذا الاحتفال، ولأنها حملت رسالة عالمية إلى العالم أجمع.

وأكد الأستاذ الخليل النحوي أننا نحتفي باللغة العربية أيضا بوصفها اللغة الأولي لإفريقيا، مشيرا إلى أقوال بعض أعلام القارة من المفكرين والزعماء السياسيين. وفوق ذلك فهي بالنسبة لنا نحن الموريتانيين إرثنا المشترك وكنزنا الذي فتحنا به أعماق هذه القارة وبه جلنا وصلنا في أرجاء العالم كله.

وقال، إننا اليوم ونحن نعد لإصلاح جديد للتعليم، نحتاج أن ننصف هذه اللغة، مشيرا هنا إلى حضور الوزير المعني بإصلاح نظام التعليم.

وبيَّن أننا إذ نحتاج تعلم اللغة الفرنسية والانجليزية وغيرهما من لغات العالم، فإن علينا أن نستلهم أمرا مهما هو الدرس الفرنسي الذي جعل من اللغة أداة للوحدة والانصهار بين الفرنسيين، فقد جعلوا الفرنسية لغة وطنية جامعة، مع أنها إلى وقت غير بعيد لم تكن لغة فرنسا، وإنما كانت لغة بعض أقاليمها. ولكن فرنسا أدركت أنها لتكون دولة ووطنا فإنها تحتاج لغة جامعة، فوحدت الشعب الفرنسي حول هذه اللغة، ثم أصبحت بها قوة أممية عظمى.

وأوضح أن الأمم المتحدة اعتمدت رسميا ست لغات ـ بينها اللغة العربية ـ والجامع بين أربع من تلك اللغات أنها لغات دول ذات قوة نووية، بينما لا تقف وراء اثنتين منها، هما العربية والإسبانية، قوة نووية. ولكن اللغة العربية متقدمة في الترتيب العالمي على جل هذه اللغات الست. ونحن نعتبر أن لدينا ما هو أهم من القوة النووية، إذا أحسنا استخدام اللغة العربية قوةً ناعمة نستطيع بها أن نفتح العالم، وأن نعزز وحدتنا ولحمتنا، ونجعلها رافعة للغات الوطنية ونرتقي بها. مع إدراك ما يواجهنا من التحديات.

وأشار في الأخير إلى أننا مطالبون بوقفة وفاء واعتراف بالفضل والسبق لمن خدموا اللسان العربي في هذه الربوع من العلماء والأمراء، منذ العصور الأولى إلى العصر الحديث، وكل الذين استطاعوا الإسهام في صياغة شخصية هذه البلاد وتسويق واستثمار هذا الرصيد العظيم الذي نمتلكه والذي تختصره عبارة "لنا العربية..." في أبيات الشاعر المشهورة.

وفي كلمة باسم الهيئات المشاركة، نوه النائب والوزير السابق صو آبو دمبا رئيس الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية واللغات الوطنية بتأثير اللغة العربية في كثير من اللغات والثقافات في العالم، كما أنها اليوم رابع لغة عالمية لأنها لغة لما يقرب من ملياري شخص.

وأشار إلى أن انتشار اللغة العربية وتأثيرها في إفريقيا جنوب الصحراء يرجع إلى عهود قديمة، حينما اتخذت ممالك وإمبراطوريات إفريقية اللسان العربي لغة عمل لها، فضلا عن كونها لغة الدين والثقافة، مما ترك أثرا وإثراء في اللغات المحلية.

وأوضح أن دراسات الباحثين الأفارقة بينت أن كثيرا من مفردات اللغات البولارية والسوننكية والولفية وغيرها، تعود للغة العربية. كما أن كافة اللغات المحلية ظلت تكتب كلها بالحرف العربي إلى أن جاء المستعمر وتمكن؛ حيث "عمل جاهدا بشتى الطرق على فك الارتباط بين هذه اللغات والحضارة العربية الإسلامية لحاجة في نفسه وخدمة لمبدأ فرق تسد".

وتوجه بالشكر لفخامة رئيس الجمهورية على إقرار القانون التوجيهي لإصلاح النظام التربوي الهادف لجعل المدرسة الجمهورية إطارا جامعا.

ودعا لإنشاء منظمة دولية جامعة تعنى بالاستفادة من انتشار اللغة العربية واتخاذها غاية ووسيلة، لبناء وتطوير العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية، على أن تضم هذه المنظمة كافة الدول الناطقة بالعربية كليا أو جزئيا.