
احتفاء باليوم العالمي للمخطوطات وتخليدا لليوم العربي للمخطوط، نظم مجلس اللسان العربي بموريتانيا واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم اشتراكا، يوم الاثنين 9 شوال 1446هـ/ 7 ابريل 2025غ، ندوة علمية تحت عنوان "المخطوط العربي في موريتانيا والجوار الإفريقي"، مصحوبة بمعرض حي للمخطوطات، وذلك بإشراف معالي السيد وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الدكتور الحسين مدو.
جرت الندوة والمعرض في مباني مجلس اللسان العربي بحضور عدد من العلماء والخبراء والباحثين والأساتذة الجامعيين.
استهل هذا النشاط بتلاوة آيات ومن القرآن الكريم، وألقى معالي وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان كلمة رحب فيها بالمشاركين وأشاد بمبادرة تنظيم هذه الندوة والمعرض، منوها بأهمية المخطوطات في حفظ التاريخ وتخليد الهوية، ومذكرا بما تزخر به المكتبات الموريتانية من كنوز المخطوطات، ومشددا على أن صيانة المخطوط وتثمينه وحفظه وإبراز قيمته العظيمة هي مسؤولية الجميع، مؤملا أن تسهم هذه الندوة في تحقيق ذلك.
أما رئيس مجلس اللسان العربي الشيخ الخليل النحوي فقد رحب بالخبراء المشاركين وخاصة من خارج الدولة. وقدم بين يدي كلمته مشاكلة بين الحبر الأسود الذي يخط به القلم المخطوط وبين الحبر القاني من دم الشهداء إخوتنا في فلسطين الذي يسفك هذا الأوان ظلما وعدوانا والعالم يتفرج على ذلك لا يبالي بتقتيل النساء والولدان الذين "يدفعون عنا ضريبة العزة والكرامة".
ثم تحدث الشيخ الخليل النحوي عن المخطوط وتاريخ الكتابة والتدوين، ومسيرة القلم والحرف، التي علت وكرمت وتقدست بالذكر الحكيم الذي نزل على محمد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم.
وفي عرضه لأهمية ومسيرة المخطوط العربي في بلاد شنقيط الموريتانية ذكر رئيس مجلس اللسان العربي بالعناية الفائقة للموريتانيين بالكتاب، مما انعكس على ثراء مكتباتهم الأهلية بنوادر المخطوطات منذ فجر تاريخهم حث يعود بعضها إلى القرن الرابع الهجري الذي ترجع إليه وإلى قريب منه مخطوطات فريدة أخرى لا تزال موجودة ببلادنا.
وألقى الدكتور مراد الريفي، مدير معهد المخطوطات العربية سابقا ورئيس مركز تنسيق التعريب التابعين للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، كلمة باسم المشاركين ثمن فيها تنظيم هذه الندوة وما لقوه من ترحيب وتيسير وحسن نظام وكمال إعداد لهذا النشاط العلمي.
وفي دوره تحدث الأمين العام للجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم الدكتور محمد سيدي عبد الله عن أهمية المخطوط ودوره شاهدا على حضارتنا ومنيرا دروب المعرفة، مشيرا إلى تنوع وثراء مضامينه المعرفية.
وقال ولد سيدي عبد الله إن هذه الورشة التي تشمل ندوة علمية ومعرضا للمخطوطات ستمكن من تبادل الخبرات وتعزز العلاقات بين مراكز وخبراء المخطوطات، ومشاركة جهود استنطاق التراث المعرفي والتاريخي الذي تجسده المخطوطات العربية في موريتانيا وجوارها الإفريقي.
وتميزت الندوة العلمية بعرضين تقنيين عن المخطوطات وشؤونها وشجونها، قدم أولهما الخبير المغربي د. مراد الريفي مدير معهد المخطوطات العربية سابقا تحت عنوان: "مدخل عام عن المخطوطات العربية... الواقع والآفاق" تحدث فيه عن واقع المخطوط العربي والتحديات الجمة التي تواجهه، وخاصة في مجالات الإحصاء والتحقيق والبحث وتشتت وفوضوية مناهج التعامل معه.
بينما قدم العرض الثاني الخبير المالي د. محمد دياكتي مدير معهد أحمد بابا التمبكتي (في تمبكتو بمالي) تحت عنوان "المخطوطات العربية في إفريقيا: مالي نموذجا"، ركز فيه على واقع المخطوطات العربية في ذلك المعهد الغني بالتراث العربي من خلال احتضانه صنفين من المخطوطات هما "المخطوطات العربية والمخطوطات العجمية"، وهي اللغات الافريقية المكتوبة بالحرف العربي. وقال إن مجمل هذه المخطوطات بلغ 38772 كتابا ووثيقة، موضحا أن كمية كبيرة منها نقلت إلى باماكو خلال التهديدات الأمنية التي تعرضت لها مدينة تمبكتو.
وأشار دياكتي إلى أنه رغم ما تم من إنقاذ هذه الكنوز الثمينة فإنها تواجه تحديات كبيرة في مجال الترميم والرقمنة، رغم أن بعضها تمت رقمنته ولكن بوسائط حفظ أصبحت متجاوزة.
وخلال هذه الندة/ الورشة استمع المشاركون إلى عروض من خبراء آخرين عن المواضيع التالية:
ـ المخطوطات في موريتانيا وجوارها الإفريقي (ولاته ـ تمبكتو نموذجا) مع د. محمدو الداه أيده.
ـ رحلة في واحات المخطوطات مع د. محمد الأمين أبده.
ـ نشأة وتجربة دار المخطوط العربي مع مديرها الأستاذ عبد الله محمد بلال.
وبالإضافة إلى ذلك تضمنت الندوة تعقيبات ونقاشات علمية وفنية بين المشاركين وبينهم وبين الخبراء المؤطرين.
هذا وقد زار المشاركون معرضا للمخطوطات والوثائق النادرة أقامه المعهد الموريتاني للبحث العلمي واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم بقاعة مكتبة مجلس اللسان العربي، ومعرض المخطوطات والوثائق وأدواتها الخاصة، أقامته دار المخطوط العربي في قاعة الديوان بالمجلس.