تعد اللُّغَة العَرَبِيّة من أكثر اللغات تحدثاً ونطقاً ضمن مجموعة اللغات السامية، وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، إذ يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة يتوزعون في الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأحواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال وإرتيريا و إثيوبيا و جنوب السودان و إيران. كما تستعمل لغة ثانية لما يناهز540 مليون نسمة.
واللغة العربية ذات أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة (لغة القرآن)، ولا تتم الصلاة في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها. كما أنها لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في الوطن العربي، كما كتبت بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى. وأثّر انتشار الإسلام، وتأسيسه لعدد من الدول، في ارتفاع مكانة اللغة العربية، وأصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون. كما أثرت العربية تأثيراً مباشراً أو غير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، كالتركية والفارسية والأمازيغية والكردية والأردوية والماليزية والإندونيسية والألبانية، وبعض اللغات الإفريقية الأخرى مثل الهاوسا والسواحيلية والتجرية والأمهرية و الصومالية، وبعض اللغات الأوروبية وخاصةً المتوسطية كالإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية. كما أنها تُدرَّس بشكل رسمي أو غير رسمي في الدول الإسلامية والدول الإفريقية المحاذية للوطن العربي.
إن العربية لغة رسمية في كل دول الوطن العربي إضافة إلى كونها لغة رسمية في تشاد وإريتريا وإسرائيل. وهي إحدى اللغات الرسمية الست في منظمة الأمم المتحدة، ويُحتفل باليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر كذكرى اعتماد العربية بين لغات العمل في الأمم المتحدة.
واللغة العربية من أغزر اللغات من حيث المادة اللغوية، فعلى سبيل المثال يحوي معجم لسان العرب لابن منظور من القرن الثالث عشر أكثر من 80 ألف مادة، بينما يحتوي قاموس صموئيل جونسون للغة الإنجليزية-وهو من أوائل من وضع قاموساً إنجليزياً من القرن الثامن عشر على 42 ألف كلمة.
تحتوي الأبجدية العربية على 28 حرفاً مكتوباً. ويرى بعض اللغويين أنه يجب إضافة حرف الهمزة إلى حروف العربية، ليصبح عدد الحروف 29. وتُكتب من اليمين إلى اليسار – وومثلها في ذلك أبجدية اللغة الفارسية والعبرية خلافا لكثير من لغات العالم.
لقد كان للفتوحات الإسلامية بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) أثر كبير في نشر اللغة العربية في أصقاع مختلفة خارج شبه الجزيرة العربية، فبعد أن اعتنق كثير من السريان والأقباط والروم والأمازيغ والآشوريين الدين الإسلامي، أصبحوا عربًا باللغة؛ وذلك لسببين رئيسيين:
أولهما أن اللغة الجديدة كانت لغة الدين، ولغة مصدر التشريع الأساسي في الإسلام (القرآن، والأحاديث النبوية)، ولا تتم الصلاة وبعض العبادات الأخرى إلا بإتقان بعض كلمات من هذه اللغة؛
وثانيهما تعريب دواوين الأمصار حديثة الفتح، في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان. وبذلك أصبحت العربية لغة السياسة والإدارة بعد أن نُقلت إليها المصطلحات الفنيّة في الإدارة والحساب.
وعلى الرغم من أن كثيرا من الأمم أبقت على هويتها ولم تتقبل الهوية العربية، مثل قسم كبير من الأمازيغ والترك والكرد والفرس وبعض الآشوريين والسريان، فإنها تلقنت اللغة العربية وتكلمتها بطلاقة إلى جانب لغتها الأم، وذلك لأن بعضها اعتنق الإسلام مثل الأكراد والفرس والأتراك، وحتى الذين بقوا على الدين المسيحي أو اليهودي أو المندائي الصابئي، تكلموا العربية كلغة رئيسية إلى جانب لغتهم الأم، بعد أن أصبحت لغة العلم والأدب خلال العصر الذهبي للدولة الإسلامية، تحت ظل الخلافة العباسيّة، بل أن تلك الشعوب اقتبست الأبجدية العربية في كتابة لغتها. ومع مرور الوقت أصبحت اللغة العربية لغة الشعائر لعدد كبير من الكنائس المسيحية في الوطن العربي، مثل كنائس الروم الأرثوذكس، والروم الكاثوليك، والسريان، كما كتبت بها كثير من الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى.
ساهم عدد من الأعاجم في تطوير اللغة العربية ومصطلحاتها خلال العصرين الأموي والعباسي بفضل ما نقلوه إلى العربية من علوم مترجمة عن لغتهم الأم، فبرز في العربية كلمات ومصطلحات جديدة لم تكن معهودة من قبل، مثل "بيمارستان"، المأخوذة من الفارسية، وخلال العصر الذهبي بلغت اللغة العربية أقصى درجات الازدهار، حيث عبّر الأدباء والشعراء والعلماء العرب والعجم عن أفكارهم بهذه اللغة، فكُتبت آلاف المجلدات والمؤلفات والمخطوطات حول مختلف المواضيع بلسان العرب. وكان من أهمية اللغة العربية في المجال العلمي والثقافي، أن اقتبست بعض اللغات الأوروبيّة كلمات منها أثناء العهد الصليبي في المشرق، أو عن طريق التثاقف والاختلاط مع عرب الأندلس، ومن أبرز اللغات التي تأثرت بالعربية: الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والألمانية.
اللغة العربية في العصر الحديث:
بعد أن سيطر على اللغة العربية فترة طويلة من التراجع والركود، أخذت في أواخر القرن التاسع عشر تشهد بعض الانتعاش الذي تجلّى في نهضة ثقافية في بلاد الشام ومصر بسبب ازدياد نسبة المتعلمين وافتتاح كثير من المطابع التي قامت بتجميع الحروف العربية، ونشرت الصحف الحديثة بهذه اللغة لأول مرة، كذلك ظهرت عدّة جمعيات أدبيّة. ونبغ في هذا الجو أدباء وشعراء كبار ساهموا في إحياء اللغة العربية الفصحى، ومن هؤلاء: أحمد شوقي الملقب بأمير الشعراء، والشيخ ناصيف اليازجي، والمعلّم بطرس البستاني، وأمين الريحاني، وجبران خليل جبران. وقد أسس هؤلاء الأدباء القواميس والمعاجم الحديثة مثل دائرة المعارف وقاموس محيط المحيط، وأضافوا مؤلفات قيّمة في مختلف فنون المعرفة، بعد أن ترجموا واقتبسوا روائع الفكر الغربي، كذلك يسّر الأدباء العرب في تلك الفترة اللغة العربية وقواعدها، فوضعوا لها المعاجم الحديثة التي لا تزال متداولة حتى الآن، وتأسست الصحافة العربية لتعيد إحياء الفكر العربي وتوقظ القرّاء على أخبار بلادهم المحلية والأخبار العالميّة. ومن أبرز المدارس الفكرية العربية التي برزت في ذلك العهد مدرسة أدب المهجر، وهو الأدب الذي أنشأه العرب الذين هاجروا من بلاد الشام إلى أمريكا الشمالية والجنوبية، وكونوا جاليات عربية، وروابط أدبية أخرجت صحفًا ومجلات تهتم بشؤونهم وأدبهم، وأنشأ أتباعها عدّة نقابات أبرزها الرابطة القلمية
يُلاحظ أن هذا الانتعاش للغة العربية كان انتعاشًا في الحقل الأدبي فحسب، أما في الحقل العلمي فلم تلعب اللغة العربية دورًا كبيرًا كما كان في السابق. ويرجع ذلك إلى غياب الإرادة السياسية في جعل اللغة العربية لغة الإدارة والعلم. فلم تكن في أغلب الأحيان إلا لغة تلقين لمواد علمية في بعض المدارس والجامعات، وقد تراجع حتى دورها هذا بشكل كبير ، خصوصًا بعد نهاية الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي في أواخر القرن العشرين، واتجاه العالم نحو نظام العالم الواحد، حيث انتشرت اللغة الإنكليزية في أغلب الدول العربية، وغدا كثيرون يتكلمونها لغة ثانية، خصوصًا بعد أن أصبحت هي لغة العلم والتجارة المتداولة.
يتحدث العربية اليوم أكثر من 422 مليون نسمة، ويتوزع متحدثوها بشكل رئيسي في المنطقة المعروفة باسم الوطن العربي، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة له كالأحواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال وإرتيريا. كما أنها تُدرّس بشكل رسمي أو غير رسمي في الدول الإسلامية والدول الإفريقية المحاذية للوطن العربي، إلا أن عدد اللغات التي تستخدم الأبجدية العربية تراجع بعض الشيء، فقد عدلت بعض الدول مثل أذربيجان وتركيا عن استخدام تلك الأبجدية واستعاضت عنها بالحروف اللاتينية.
اعتماد اللغة العربية لغة عالمية:
بدأ العمل باللغة العربية بناءً على قرار الجمعية العامة رقم 878 في دورتها التاسعة المؤرخ في 4 كانون الأول / ديسمبر 1954، باعتبارها لغة عمل عام 1955، وكان عنوان القرار هو "ترجمة بعض الوثائق الرسمية للجمعية العامة إلى اللغة العربية وفقا للمادة 59 من النظام الداخلي للجمعية العامة"، وفي عام 1960 اتخذت اليونسكو قراراً يقضي باستخدام اللغة العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربية وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية.
الشعار الرسـمي لليوم العالمي للغة الـعربية، لكونه التاريخ الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190، عام 1973 والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية في المنظمة الأممية.
وفي 18 كانون الأول / ديسمبر 1973، اُعتمدت اللغة العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها 3190 في دورتها الـ 28. لتكون بذلك إحدى اللغات الرسمية الست في الجمعية العامة والهيئات الفرعية التابعة لها. ونص القرار على:
"أن الجمعية العامة إذ تدرك ما للغة العربية من دور هام في حفظ ونشر حضارة الإنسان وثقافته، وإذ تدرك أيضا أن اللغة العربية هي لغة تسعة عشر عضوا من أعضاء الأمم المتحدة (آنذاك)، وأنها لغة عمل مقررة في وكالات: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة العمل الدولية، كما أنها لغة رسمية ولغة عمل في منظمة الوحدة الأفريقية؛ وإذ تلاحظ مع التقدير ما قدمته الدول العربية من تأكيدات بأنها ستُغطي بصورة جماعية النفقات الناجمة عن تطبيق هذا القرار خلال السنوات الثلاث الأولى، تقرر إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل المعتمدة في الجمعية العامة ولجانها الرئيسية ، على أن تقوم بتعديل أحكام النظام الداخلي للجمعية العامة المتصلة بالموضوع"
صدر في الاجتماع الرقم 2206، في 18 ديسمبر 1973.
“
وفي 1 كانون الثاني / يناير 1983، أصبحت اللغة العربية لغة رسمية في مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، بناء على قرار الجمعية العامة 219 في دورتها 35 المؤرخة 17 كانون الأول / ديسمبر 1980، ونص على أنه يتعين بموجب هذا القرار أن يُصبح جهاز موظفي اللغة العربية في حجم جهاز موظفي كل من اللغات الرسمية ولغات العمل الأخرى، وعلى أن تتمتع اللغة العربية بنفس الوضع الممنوح للغات الرسمية ولغات العمل الأخرى، وترجو مجلس الأمن إدخال اللغة العربية لغة رسمية ولغة عمل، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي إدخال اللغة العربية لغة رسمية في أجل لا يتعدى 1 كانون الثاني / يناير 1983. وتنفيذا لهذين القرارين أنشئت دوائر وأقسام الترجمة التحريرية والشفوية العربية بمقر الأمانة العامة في نيويورك و چنيف و ڤيينا و نيروبي، ووحدة تجهيز النصوص العربية، وقسم المحاضر الحرفية، وقسم تحرير الوثائق الرسمية، وقسم تصحيح التجارب الطباعية، وشعبة النشر، وكلها تتبع إدارة شؤون الجمعية العامة وخدمات المؤتمرات. كما أنشئ قسمان للترجمة العربية في اللجنة الاقتصادية لغرب آسيا ومقرها بيروت، واللجنة الاقتصادية لأفريقيا ومقرها أديس أبابا. وفي نفس الوقت، أنشئ قسم الخدمات الإذاعية وقسم تعليم اللغة العربية، فضلا عن خدمات مكتبة داغ همرشولد، والخدمات التليفزيونية، والإنترنت والخدمات التقنية والتكنولوجية الحديثة من مثل التعرف الصوتي، وخدمة المؤتمرات عن بُعد، والترجمة التحريرية عن بُعد، والترجمة الشفوية عن بُعد، أسوة باللغات الرسمية ولغات العمل الأخرى.
اليوم العالمي للغة العربية
تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من شهر كانون الأول / ديسمبر من كل عام. ففي هذا التاريخ من عام 1973، اعتمدت الجمعية العامة اللغة العربية لغة عمل رسمية، لتكون بذلك إحدى اللغات الست التي تعمل بها الأمم المتحدة، وهي: العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية والإسبانية. ويحتفل النادي العربي في الأمم المتحدة سنويا بهذه المناسبة من خلال البعثات الدبلوماسية العربية، فيقيم معرضا للكتب والأعمال الفنية للدول العربية المشاركة في هذا الاحتفال، فضلا عن إقامة حفل منوعات يشتمل على الكلمات والشعر وفقرات متنوعة من الفنون الشعبية العربية
عن موسوعة ويكيبيديا بتصرف.