احتضن مجلس اللسان العربي بموريتانيا في مقره مساء السبت 12 صفر1440هـ/ 20 أكتوبر 2018 غ محاضرة عنوانها: "اللغة العربية وتحديات الرقمنة".
المحاضرة قدمها الأستاذ الشاعر والمترجم محمد اباه إمام.
وتدخل هذه المحاضرة ضمن برنامج محاضرات المجلس لهذه السنة 1440هـ، وقد حضرها عدد من الأساتذة الجامعيين والمثقفين والإعلاميين والباحثين والمهتمين بقضايا اللغة العربية.
وقد قدم الموضوع في مستهل المحاضرة الأمين العام للمجلس الدكتور المختار الجيلاني شاكرا للحاضرين تلبية دعوة المجلس والمشاركة في هذه المناسبة العلمية، منوها أن اللسانيات الحاسوبية تعتبر أحدث فروع اللسانيات، وقد تكون أهم فروعها جميعاً في هذا العصر الذي تتعاظم فيه أهمية الآلة والتقنية والمعرفة.
واللسانيات الحوسوبية هي فرع بينيّ ينتسب نصفه إلى اللسانيات وموضوعها اللغة، ونصفه الآخر حاسوبي وموضوعه ترجمة اللغة إلى رموز رياضية يفهما الحاسوب، أو تهيئة اللغة الطبيعية لتكون لغة تخاطب وتحاور مع الحاسوب، بما يفضي إلى أن يؤدي الحاسوب كثيراً من الأنشطة اللغوية التي يؤديها الإنسان، مع الفرق في الوقت والكلفة.
وتقوم اللسانيات الحاسوبية على تصور نظري يتخيل الحاسوب عقلاً بشرياً، محاولة استكناه العمليات العقلية والنفسية التي يقوم بها العقل البشري حين ينتج اللغة ويستقبلها، من ثَمَّ يفهمها ويدركها، ولكنها تستدرك على الحاسوب أنه جهاز أصمُّ لا يُسْتَعَمل إلاّ وفق البرنامج الذي صممه الإنسان له، ولذلك ينبغي أن نوصِّف للحاسوب المواد اللغوية توصيفاً دقيقاً يستنفذ الإشكالات اللغوية التي يدركها الإنسان بالحدس.
وفي مستهل حديثه شكر المحاضر مجلس اللسان العربي على استضافته في هذه الجلسة، وعلى ما يقوم به من جهود من أجل اللغة العربية لتتبوأ مكانتها في جميع مجالات الحياة.
منوها إلى أن ما سيقدمه هنا لا يمكن وصفه "محاضرة" بالمعنى الأكاديمي وإنما هو أقرب إلى خواطر ممارس للإعلام والترجمة تمر عليه عشرات الكلمات يوميا عليه أن يجد مقابلها في اللغة العربية، وإذا لجأ المترجم إلى المعاجم العربية، فإنها قلما تسعفه لأن معظمها يرجع إلى حقب تاريخية قديمة؛ فمعاني الكلمات فيها لا تعبر عن الحياة العصرية، وما تزخر به من تطور علمي وتقني. ومن هنا لن يكون أمام المترجم غير المغامرة بنحت الكلمات التي يراها معبرة عن المفاهيم المستجدة؛ فعمله الإعلامي مرتبط بالأخبار والأخبار لا تحتمل التأجيل.
وقد تحدث المحاضر من مفهوم الرقمنة التي تعني جعل الشيء رقميا سواء أكان ذلك الشيء شكلا أو صورة أو صوتا؛ فجعل الشيء رقميا أن يكون صالحا للتداول على الأجهزة الرقمية مثل الجاسوب والهاتف وغيرهما. ويكون ذلك إما عن طريق تسجيله وكتابته أو تصويره بالماسح الضوئي وغيره. وللأسف الشديد؛ كما يقول المحاضر، فإن المحتوى العربي على الإنترنيت لا يتجاوز 3%، وهي حصيلة ضئيلة إذا ما قورنت بأهمية التجربة الحضارية التي احتضنتها اللغة الغربية على مدى قرون.
وهذه الفجوة الرقمية يحاول كثير من المهتمين باللغة العربية بما في ذلك بعض الشركات الأجنبية أن يتغلبوا عليها.