د. مبــاركه الـبــــراء/ أستاذة الأدب الحديـــث
المدرسة العليا للتعليم
تحديد المفاهيم:
أود القول إن مبتغانا في هذه المقاربة ليس الوقوف على شعرية هذا النص وإنما النظر في المواد الأولية المشكلة له، والهندسة اللغوية التي اتبع الشاعر في بنائه، فأنا هنا أبعد ما أكون عن البحث في أدبية النص، رغم أنه نص مخاتل مرواغ، وأن صاحبه هو الشاعر المتنبي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس.
سنتحدث عن الاتساق والانسجام في هذه القصيدة، ونبدأ بالتعريف بهذين المفهومين المنتميين إلى حقل اللسانيات النصية.
فالاتساق والانسجام من مظاهر الترابط، بالغة الأهمية في النص، لضمان حبكه وتماسكه، وهذا ما جعل اللسانيين يهتمون بهما، ويفردون لهما مباحث خاصة.
ولو نظرنا في المعنى المعجمي للكلمتين لوجدناه يفيد معاني الانتظام والانضمام والاستواء والتتابع والاجتماع.
تعريف الاتساق:
جاء في لسان العرب: "اتسقت الإبل واستوسقت؛ اجتمعت، وقد وسق الليل واتسق؛ وكل ما انضم فقد اتسق، والطريق يتسق أي ينضم، وفي التنزيل: (فلا أقسم بالشفق والليل وما وسق والقمر إذا اتسق) (1)
ويقول الفراء: "وما وسق أي وما جمع وضم، واتساق القمر: امتلاؤه واجتماعه واستواؤه، والوسق ضم الشيء إلى الشيء، والاتساق الانتظام، ووسقت الحنطة توسيقا أي جعلتها وسقا وسقا"(2)
أما اصطلاحا فإن المفهوم ا الاصطلاحي للاتساق لا يبتعد عن معناه اللغوي، وقد ظهر هذا المفهوم عند اللغويين الغربيين ، ويعتبر من المفاهيم الأساسية في لسانيات النص(3)
فالاتساق بنية تحكم سطح النص، وتوظف مجموعة من الروابط والآليات الشكلية النحوية والمعجمية، للربط بين الجمل والمتتاليات في النص ليصبح بناء نصيا متماسكا.
تعريف الانسجام:
الانسجام لغة هو التتابع :جاء في لسان العرب " ا َجم ُه س ُم َسج ُه و ت َسجم سجمت العین الدمع ، و هو جريان الدمع ، و السحابة الماء تسجاما وسجوما : سلیانه ، و انسجم الماء إذا انصب، وَسجمت السحابة مطرها تسجمه إذا صبته و الانسجام هو الانصباب َ" (4)
أما اصطلاحا؛ فقد ظهر مصطلح الانسجام عند الغرب بلفظ " coherence " و معناه الالتحام، ویتطلب من الإجراءات ما تنشط به عناصر المعرفة لإیجاد الترابط المفهومي و استرجاعه ، " و تشتمل وسائل الالتحام على عناصر منطقیة كالسببیة و العموم و الخصوص، ومعلومات عن تنظیم الأحداث والأعمال والموضوعات و المواقف، مع المعرفة السابقة بالعالم(5)
وتتمثل أدوات الانسجام في استخدام مبدأ الإشراكـ في العلاقات موضوع الخطاب، البنية الكلية والتغريض والتناص والسياق.
سنعتمد في هذه الدراسة المنهج الوصفي لآنه الأنسب لتتبع هذه الظاهرة، وهو ما يسمح بتتبع عناصر البحث عن طريق تعقب ما فيه من مفاهيم مختلفة لضيطها ثم عرضها على محك التطبيق وتحليلها.
الاتساق في النص:
يقوم النص اللغوي على مجموعة من العلاقات متجاذبة الأطراف، ومتعالقة الدلالات، وتتجسد هذه العلائق بين مكونات النص، عبر مجموعة من الإمكانات المتاحة في اللغة، التي تشمل الوسائل اللغوية الشكلية، إضافة إلى العلاقات النحوية والمعجمية .
ولا شك أن مقاربة النص الشعري، ومحاولة الوقوف على هندسته التركيبية تختلف عن مقاربة غيره من النصوص، ذلك أن لغة الشعر مراوغة ومخاتلة؛ تسعى دوما إلى إعادة التشكل، وتغيير المواقع المعهودة، من أجل إثارة المتلقي، وبناء الدلالات المستفزة.
ولتبين العلائق التي تجعل من النص بنية متكاملة؛ لا بد من البحث عن معينات الاتساق التي تضمن استمرار النص، ومن أجل اكتشاف الترابط النصي في هذه القصيدة سنركز على اكتشاف وسائل الاتساق النحوي ثم المعجمي، ثم نعرج على مظاهر الانسجام كذلك.
يعتمد الاتساق النحوي وسائل لغوية مختلفة، تهدف إلى الربط بين العناصر اللغوية المشكلة للخطاب، ولعل أبرزها في النص الإحالات الضميرية، وأدوات الربط الإضافي والسببي، والاستبدال والتوازي، والحذف والوصل والتكرار والتضام.
1- الإحالة؛ ويقصد بها أنها العملية التي بمقتضاها تحيل اللفظة المستعملة على لفظة متقدمة عليها، أو متأخرة عنها، أو خارج النص، فهي عملية تربط بين الجمل.
وهي حسب الباحثين: الضمائر وأسماء الإشارة وأدوات المقارنة(6)
2- الضمائر: وهي مهمة في اتساق النص سواء كانت وجودية : (أنا – أنت - هو) أو ملكية: (لي- لك - له).
3- الاستبدال: وهو عملية من عمليات الترابط النصي التي تتم في المستوى النحوي والمعجمي بين الكلمات أو العبارات من النص؛ مثل: الاستبدال الاسمي كقولك: (آخربدل آخرون)، والاستبدال الفعلي: كقولك: (هل تظن المطر نازلا؟ فيجبك المخاطب: أعتقد ذلك)؛ فقد تم استبدال "نعم سينزل"، ب "أعتقد ذلك".
الإحالات الضميرية:
إن من أهم وسائل الربط في النصوص الشعرية الإحالات الضميرية، فهي عصب النص الذي يغذيه، ويضمن استمراره؛ لذلك يركز الباحثون" على مدى أهمية الإحالة النصية في صنع الاتساق داخل فضاء النصوص الشعرية زيادة على تعددها وتنوعها؛ لخصوصية الرؤيا والتشكيل داخل هذ الفضاء الشعري".(7)
وتحتل الإحالات الضميرية مساحة معتبرة في هذه القصيد ة؛ فحضور الشاعر القوي، وتفاعله مع ذوات مختلفة في النص، كثف من حضور هذه الإحالات الضميرية، ووثق الوشائج بينها، ونوع فيها.
وقد وردت الإحالات الضميرية في القصيدة مائة وستا وعشرين(126) مرة، احتلت فيها الإحالة لضمير الغيبة الصدارة؛ حيث وصلت إلى سبع وثمانين
( 87 ) إحالة موزعة بين ضمائر الغيبة، ويأتي بعدها في الترتيب ضمير المتكلم فقد وصلت إحالاته إلى اثنتين وثلاثين(32)إحالة، أما ضمير المخاطب فتمت الإحالة إليه سبع(7) مرات.
وبالنظر إلى هذه الإحالات نلاحظ أنها جاءت في أغلبها نصيىة سياقية، ولم يرد من الإحالات المقامية إلا اثنتان.
وكما أسلفنا فإن الإحالات الضميرية إلى الغائب هيمنت على غيرها، ولا شك أن المقصدية التي هي المحرك الضمني لإنتاج النص، عملت على هذا الزخم الإحالي للغائب؛ لأن القصيدة تصب في غرض المدح، الذي يجعل من الممدوح شخصا متعاليا، يفترض ألا يحاوره المادح إلا نادرا.
فمقصدية النص هي التي توجهه، وتؤطر تشكيله، وبذلك فهي تكسبه دينامية وحركة؛ " بل هي منطلق الدينامية". (8)
وقد أحيل بضمير الغائب في عموم النص إلى أكثر من ذات؛ هي: (الجآذر- الظباء – البدويات – الشاعر- الممدوح - الخيل)؛ ولو تأملنا الإحالات الضميرية في الوحدة المعنوية الأولى من البيت (1-17) لوجدنا ثلاث عشرة ( 13) إحالة إلى الجآذر والبدويات .
غير أن الإحالات في الوحدة المعنوية الأولى للنص، والتي تشكل ديباجته الطللية؛ لم تكن كلها عن (الجآذر والظباء والبدويات) وإنما أحيل فيها إلى ذوات أخرى تتعالق مع الذات المركزية التي هي ذات (الشاعر)؛ وسنكتشف لاحقا كيف جاء التوزع الإحالي للضمائر في هذه الوحدة.
إن الذات المتحدثة التبست إحالتها الضميرية بالإحالات التي ترجع إلى الذوات الأخرى، في ثلاث لحظات كبرى في النص:
اللحظة الأولى التي مثلت البداية وشكلت المحور الخاص بالمرأة والشاعر، وجاءت الإحالات إليها كلها بضمير الغيبة، فالضمير: (هن) تحيل إلى الجآذر؛ رمز جمال العيون في الشعر عادة؛ كما تحيل إلى البدويات؛ رمز الجمال الطبيعي، ثم في الأخير تحيل إلى ظباء الفلاة؛ كناية عن الشرود والتمنع، وكلها من الصفات المستحبة في المرأة.
وجاءت الإحالات في هذه الوحدة نصية سياقية كلها، مما يؤكد أن النص يحافظ على خط اتساقي مترابط.
أما ذات الشاعر فتحضر عن طريق الإحالات إلى ضمائر المخطاب والمتكلم؛ فقد جاءت الجملة الاستفهامية في البيت الأول تمهيدا للتعريف بهن، عبر الإحالات الضميرية:
من الجآذر في زي الأعاريب حمر الحلى والمطايا والجلابيب؟(9)
يهيء الاستفهام الإنكاري في بداية النص عن هذه الجآذر السامع لانتظار الجواب ليتعرف إليهن، وقد رسم الشاعر لهن صورة، تجعل المتلقي يتلهف إلى معرفتهن، وهكذا يأتي المتكلم الذي هو السائل الضمني المستتر وراء اسم الاستفهام ( من)، ليظهر في ضمير المخاطب: ( كنتَ- تسألُ- بَلاكَ- )، ولذلك يأتي الجواب في صيغة سؤال مفعم بالتفاصيل؛ حيث لا مجال لتجاهلن، وهن السبب في ما يلاقيه ضمير المتكلم: ( الشاعر) من تباريح الغرام.
وتبرز الإحالات الضميرية أنواع العلاقة القائمة بين الذوات في هذا الشكل:
فهناك: - سائل ضمني هو: (من) وهو مرسل الخطاب أي (الشاعر)
-مسؤول عنه: (الجآذر) وهي استعارة تقصد بها (النساء الجميلات).
-مجيب على السؤال: (إن كنت)؛ وهومرسل الخطاب، أي ( الشاعر).
إن الشاعر الذي مثل السائل والمجيب في افتتاح النص، ستستمر ذاته في الحضور المتواترعلى مدى القصيدة.
لذلك حملت الصورة الممهدة للنص عددا من الإحالات الضميرية المتعلقة بالضمير: (هن)، الذي أحال إلى ذات واحدة، تجسدت عبر مسميات ثلاثة هي: (الجآذر) أولا، و(ظباء الفلاة) ثانيا، ثم (البدويات) ثالثا.
وقد بين السياق العلاقة الثنائية القائمة في النص بين هذه الذات الأولى، والذات الثانية ممثلة في الإحالة المقامية إلى ضمير المخاطب المذكر: (كنتَ) أي: (الشاعر)، وما يكابده من شوق ولهفة إلى هؤلاء النسوة.
وترتبط الإحالة الضميرية الثالثة بالإحالة الأولى فهي ليست إلا امتدادا طبيعيا لها، حيث يصبح ضمير الجمع: (هم) يشمل جنس الأعراب بما فيهن الجميلات.
وتبدو العلاقة متوترة بين ضمير الغائب الجمع؛ هذا: (الأعراب)، وما يمثله
من قوة ومنعة، وغيرة على الحمى: (وافقوا- خالفوا- في بيوتهم)، وضمير المتكلم: (أزورهم – لي - أنثني )، وما يحمل هذا التوتر من دلالة في السياق، على الإقدام والتضحية في سبيل بلوغ الهدف، حيث يأتي ضمير المتكلم المفرد (أنا)، في مواجهة ضمير الجمع: (هم)، عبر مقابلة بديعة في البيت السابع:
أزورهم وسواد الليل يشفع لي وأنثني وبياض الصبح يغري بي(10)
ولو تقصينا الإحالات الضميرية في هذه الوحدة المعنوية الأولى لأظهرت المزاوجة بين ضمير المتكلم: (المرسل)، وضمير الغائب ممثلا تارة في النساء، وأخرى في الأعراب:
ضمير المتكلم والمخاطب:(الشاعر) |
ضمير الغائبات (الجآذر-الظباء-البدويات) |
ضمير المتكلم(الشاعر) |
ضمير الغائبين ( الأعراب) |
ضمير المتكلم (الشاعر) |
ضميرالغائبة:(الحوادث) |
كنت –تسأل- بلاك- لك- لا تجزني- بي- دموعي
|
معارفها- هوادجها- عرفن- برزن- أوراكهن |
أزورهم- لي- أنثني- بي-
|
رقدوا-أزورهم-وافقوا- خالفوا- بيوتهم- هم- هم
|
تركت -رغبت- باعتني- مني- حلمي-تجريبي |
باعتني – أخذت- أعطت |
لو استقرأنا هذه الخطاطة للإحالات الضميرية البارزة في هذا الجزء الأول من القصيدة، لوجدنا أربع ذوات تؤدي وظائف شتى، تصب كلها في موضوع الخطاب، مع تفاوت في عدد الإحالات الضميرية المهيمنة. فالإحالات الخاصة بالنساء جاءت في المرتبة الثالثة، رغم أن الحديث عنهن تصدر الخطاب، عندما بدأ بالجملة الاستفهامية: (من الجآذر؟)، ولكن أهل هؤلاء النسوة جاءوا في المرتبة الثانية، فوردت الإحالة إليهم بضمير الغائبين سبع(7) مرات، وهو ما يؤكد حصانة هؤلاء النسوة حيث يفوق عدد حراسهم أعدادهن.ويتسق هذا مع المعنى العام للنص الذي يؤكد صعوبة الوصول إليهن أو لقاءهن.
واحتلت الحوادث؛ التي هي عقبة من العقبات التي يواجهها الشاعر في هذه الوحدة، المرتبة الرابعة؛ فحظيت بثلاث إحالات ضميرية للغائبة المؤنثة، أما الذات المتصدرة للخطاب في هذه الوحدة، فهي ذات الشاعر، التي أحيل إليها مع كل مرة تمت فيها الإحالة إلى إحدى الذوات الحاضرة في النص، فبلغت الإحالات إليها سبع عشرة (17) إحالة.
ولو حاولنا تأويل هذه الإحصائية، لقلنا إن ذات المرسل برزت باعتبارها المحور الذي يهيمن في الخطاب، وبذا فإن حضور الذوات الأخرى لم يكن إلا وسيلة لتلميع المرسل، وتركيز حضوره في الخطاب؛ فإذا كان النساء قد سبينه وتمنعن عليه لقوة رجالهن، فإنه استطاع الوصول إليهن ليلا بعد أن نام الحراس، وإذا كانت حوادث الدهر نالت منه وأرهقته، فإنه تغلب عليها باكتسابه التجربة والعلم، ويتمنى في ذات الوقت أن ترجع له شبابه:
ليت الحوادث باعتني الذي أخذت مني بحلمي الذي أعطت وتجريبي(11)
ويمهد أسلوب التمني للوحدة المعنوية الثانية في النص، لأن الشاعر ما دام اعترف بأن الحوادث سلبته شبابه، فإن حديثه عن النساء وولعه بهن لا يبدو واردا ولا منسجما مع سنه.
وبهذه القراءة نفهم أن القصد من الخطاب ليس التغزل بالنساء، بقدر ما هو التمهيد لموضوع آخر هو مقصد الشاعر؛ فلم تكن هذه الوحدة المعنوية بإحالاتها المختلفة إلا مدخلا فنيا يبرز تحدي الشاعر للمصاعب، وقدرته على الوصول إلى مراميه رغم المعوقات، وهذا ما ينسجم مع السياق التاريخي للنص، الذي يمثل مرحلة انفصاله عن بلاط سيف الدولة الحمداني بعد أن أحس منه الجفاء، وابتغاؤه سبيلا آخر يوصله إلى مطامحه وهو الالتحاق ببلاط كافور الإخشيدي.
وقد عرفت القصيدة وحدتين معنويتين بارزتين، أسست لهما المعينات النصية اللغوية والإشارية؛ وتشكل هاتان الوحدتان البنية المضمونية للقصيدة، والتي تدرجت من الغزل إلى المدح.
فالوحدة الأولى تنتهي بوقفة شعرية يتوقف فيها المرسل عن الإحالة إلى غيره من الذوات، ويتفرد في لحظة تأمل ليركز على: (ضمير الأنا)، وهي وقفة تؤكد ما سبق أن أشرنا إليه من هيمنة ضمير المتكلم على ما سواه من الضمائر:
ومن هوى الصدق في قولي وعادته رغبت عن شعر في الرأس مكذوب
ومن هـوى كـل من ليست مموهـــة تركت لون مشيبي غير مخضــوب(12)
ويشكل البيتان السابقان جسرا ومعبرا إلى الوحدة الثانية التي تشكل مركز الثقل في النص، حيث تتكثف الإحالات الضميرية المتعلقة بالممدوح: (هو)، ليحتل مرتبة تنافس مرتبة الأنا: (الشاعر).
وقد حققت هذه الإحالات الضميرية التي وردت سواء في الرحلة إلى الممدوح، أو في الحديث عن مآثره وخصاله، تطابقا في الهدف من حيث الدلالة على كرم هذا الملك، ونبله، ومن ثم ضرورة الارتحال إليه .
ويمكن أن نتبين كيف توزعت الإحالات الضميرية بين الذوات في هذا الجزء الأخير من النص:
كافور |
الشاعر |
الخيل |
الأعادي |
همه-منه-منه-خاتمه- مسامعه-شجاعته-كتائبه- يدبر- أراد- إليه- يديه-راحته- تلقى –تضحكه-له- بلغنك-أنت- به- لا يمن- لا يروع- لا يفزع- يروع -أنت- به
|
هجرت-قلت-وجدت- كنت- أذخره -بي-لي- مذاهبه-يرى- يحاول- وصلت- إدلاجي- تأويبي- أكفر- بي- مطلوبي-أعوذ- أكون.
|
رأين-وفين- فتن-تهوي-لها-نعمتها- بلغنك-
|
غزته-حاربته -ما تنجو- لا تنجو-
|
العدد:26 |
العدد:18 |
العدد:7 |
العدد:4 |
النسبة47% |
النسبة 32% |
النسبة 12% |
7% |
تبين الجدولة أن الذوات جاءت حسب الإحالة الضميرية إليها أربعا على النحو الوارد في الخطاطة؛ فقد بلغ مجوع الإحالات خمسا وخمسين (55) إحالة، احتل مركز الصدارة فيها ضمير الغائب (هو) الذي أحال إلى ذات جاءت تحت تسميات مختلفة: (الملك- النفس المحجبة - كافور- الحبيب) ، وكلها تتعلق بالممدوح، وقد بلغت نسبة الإحالة إليه 47%من مجموع الإحالات، ويأتي بعده (الشاعر) ممثلا في ضميري المتكلم والمخاطب، وبلغت نسبة الإحالة إليه 32%، وتحتل الذات الثالثة: (هن) الخيل ، بنسبة12%، ثم (الأعادي) بنسبة7%.
إن كل الإحالات في هذه الوحدة هي إحالات نصية سياقية، لم يشذ عن ذلك إلا إحالة مقامية واحدة، شكلت المعبر الذي اتكأ عليه الشاعر ليبرر سفره إلى الممدوح ، وذلك في قوله:
قالوا هجرت إليه الغيث قلت لهم إلى غيوث يديه والشآبيب(13)
ويؤكد هذا التكثيف للإحالات السياقية القبلية، ترابط النص واتساقه، فلا توجد فيه فجوات، ولا ثغرات، تشوش استقبلال المتلقي للخطاب، أو تضطره إلى محاولة ملء هذه الثغرات لبناء المعنى.
ويظهر من رصد الضمائر في النص أن الإحالات القبلية ظلت مهيمنة في الخطاب عبر ضمير الغائب، وتؤكد هذه الوفرة في الإحالات القبلية، سعي الباث إلى ترتيب كلامه وتنظيمه بحيث يعود اللاحق فيه على السابق.
ويتضح أن ضمير الغائب تواتر بشكل كبير في النص، فكان له النصيب الأوفر من الإحالات .
وقد استهل الشاعر الوحدة الثانية من النص بصفات متتالية أطلقها على الممدوح منها: (الملك) و(الأستاذ)، وكلتا الصفتين تعضدان معاني القوة والنبل:
ترعرع الملك الأستاذ مكتهلا قبل اكتهال، أديبا قبل تأديب(14)
ثم تأتي الإحالات القبلية في الأبيات الموالية عبر الضمائر الظاهرة والمستترة الدالة على القدرة والتدبير، والشجاعة: ( يدبر- يصرف - يحط)، (همه – أعاديه - إليه)
ولعل سيطرة ضمير الغائب في هذه الإحالات يمكن أن يقرأ على أنه نوع من التعظيم للممدوح، فلم يرد الشاعر أن يوجه إليه ضمائر الخطاب لما في ذلك من قرب المسافة والدلالة على الندية.
ويؤيد ما نقوله تلك الصفات التي تدرج في إطلاقها عليه: (الأستاذُ – الْفَهٍمُ - النفس المحجبةُ) وكلها من أجل خلق هالة من الإعظام والهيبة حول هذا الممدوح، كما أن نسق الخطاب في الوحدة، والذي جعل الاستفهام الضمني في البيت السابق يحمل نوعا من التأنيب:
قالوا هجرت إليه الغيث؟ قلت لهم: إلى غيوث يديه والشآبيب (15)
هو ما حمل الشاعر على أن يبالغ في تشويق المتلقي، وذلك بإرجاعه كل ضمائر الغيبة على الممدوح، كي لا يكشف عنه القناع إلا في الأخير عندما استوفى مدحه، وأوصلته الرواحل بابه، وعندها خاطبه باسمه العلم، وبضمير المخاطب تحببا وتقربا:
وكيف أكفر يا كافور نعمتها وقد بلغنك بي، يا كـل مطلــوبي؟
أنت الحبيب ولكني أعوذ به من أن أكون محبا غير محبوب(16)
وفي هذه الوحدة سيطرت الإحالات القبلية كما حدث في الوحدة الأولى، وكانت في عمومها سياقية تهدف إلى أن يظل المتلقي حاضر الذهن، نشيط الذاكرة، يربط ما يقف عليه بما سبقه، ولتظل عناصر النص متماسكة، متبعة نسقا خطيا خاليا من الثغرات.
ونلاحظ أن الشاعر أفرد للممدوح مساحة نصية من البيت (20-31)، جعل الإحالات الضميرية فيها راجعة إليه أومتعلقة به؛ وكأنه بذلك يضعه في خانة خاصة تؤطره لتميزه عن غيره من الذوات في القصيدة.
أما الإحالات المقامية في القصيدة فلم تتعد اثنتين أسست كل منهما لتحول في مسار الخطاب؛ فجاءت الإحالة المقامية الأولى في البيت الثاني من القصيدة، محيلة إلى ذات لا توجد في النص هي الذات المتحدثة، وترجمها ضمير المخاطب المذكر.
وقد استخدم المرسل هذا الضمير ردا على السؤال الذي طرحه في البداية:(من الجآذر؟) وجاء المخاطب في البيت الثاني ليرد على هذا التساؤل، ويبدأ تفاعله المعلن مع الذوات المتعددة في الخطاب:
إن كنت تسأل شكا في معارفها ** فمن بلاك بتسهيد وتعذيب؟(17 )
في هذا البيت تشكلت البؤرة المحور، التي ستكون كل الوحدة المعنوية الخاصة بالغزل تنمية وتمطيطا لها؛ فالجملة الفعلية (بلاك) تختصر كل هذا الكلام الذي ورد في الخطاب، فهناك الفاعل (هو) الجآذر، وهناك المفعول به (ك) الشاعر، وهناك الفعل الذي وقع (ابلى) فجاءت الوحدة نشرا وتوضيحا لهذه العلاقة بين المبتلِي، والمبتلَى، وحيثياتها.
ويمكن تمثل العلاقة في الجملة كالتالي:
اسم الاستفهام من= مبتدأ وهو الفاعل= الجآذر
بلى= فعل= وهو تأثير الفاعل = الحب
ك=ضمير المخاطب= مفعول به= الشاعر
فهذه الجملة بإحالاتها الضميرية حددت الذوات الفاعلة في الجزء الأول من النص، كما أشرنا سابقا.
أما الإحالة المقامية الثانية فهي التي وردت في قوله:
قالوا هجرت إليه الغيث؟ قلت لهم إلى غيوث يديه والشآبيب(18)
وقد مهد بالجملة التقريرية أوالاستفهامية، المسندة إلى ضمير الغائبين لتكون تأشرة الدخول إلى دنيا الممدوح في البيت السالف الذكر.
ويمكن القول إن الإحالات الضميرية أظهرت العلاقة القائمة بين مرسل الخطاب ومستقبله، وكشفت مضمون الرسالة والهدف منها، وذلك في قول الشاعر في نهاية القصيدة:
وكيف أكفر يا كافور نعمتها وقد بلغنك بي، يا كل مطلوبي؟(19)
إن تحليل الإحالات في الشطر الأخير، يجسد لنا نصيا العلاقة القائمة بين الذوات الفاعلة في النص؛ فجملة (بلغنك بي) عندما نجدها تلخص هذا الجزء من القصيدة بإحالاته وذواته المختلفة؛ وهو ما يؤكد قدرة الشاعر على التصرف في الإحالات الضميرية حيث تجسد بتعالقها الفكرة التي يرمي إليها:
-الفعل: (بلغ) = الهدف: (الوصول إلى الممدوح)
-الفاعل: (نون النسوة ) = (الوسيلة)
-المفعول به الأول؛ ضميرالمخاطب: (ك) = (الممدوح)
المفعول به الثاني؛ ضمير المتكلم: (ي) = (الشاعر)
وهكذا تكون الغاية والمقصدية المتحكمة في النص كله، هي:
وصول المرسل: (الشاعر) عبر الوسيلة: (الخيل) إلى هدفه: (الممدوح).
الربط بالأدوات:
يعتبر الربط بالأدوات مهما في تماسك البنية السطحية للنص، إذ يسهم في ترابط مكوناته؛ فيمكن من السبك بين الوحدات اللغوية، وكذلك بين الجمل، والمقاطع والفقرات. وقد انتشرت في القصيدة روابط عديدة كأحرف العطف، التي تفيد الربط الإضافي، وحروف الجر التي تفيد معاني يحددها السياق.
ويظهر استقراء المدونة شيوع الربط الإضافي في هذا النص، وذلك بارتكازه على حرف:"الواو"، الذي شكل أعلى نسبة ورود في القصيدة، مقارنة بغيره من أدوات الربط .
ولعل ذلك يرجع إلى ما تنفرد به الواو عن غيرها من سائر الأدوات من خفة ومرونة، وكذلك لدلالتها على مطلق الجمع.
لقد بلغ عدد الروابط الإضافية في القصيدة خمسة وأربعين(45) رابطا، مثلت الواو أعلى نسبة فيها، وهو ما يوضحه الجدول التالي:
نوع الرابط الإضافي |
العدد |
النسبة |
الواو |
39 |
86% |
الفاء |
5 |
11 % |
أو |
1 |
2% |
إن قراءة الجدول توضح هيمنة الواو على غيره من الروابط، إذ بلغت نسبة وروده 86%: فقد ورد الواو للربط بين المفردات التي تشتركفنفس الصفة كقوله:
من الجآذر في زي الأعاريب حمر الحلى والمطايا والجلابيب(20)
فلون الحمرة يوحد بين هذه المتعاطفات: (الحلى- المطايا- الجلابيب).
ويركز الشاعر على اللون في البيت الأول ويربطه بالجآذر، ليرمز بذلك إلى الفتنة؛ لأن الحمرة رمز الشهوة، ورمز الدم كذلك، وهو ما يدل على أن هؤلاء النسوة بقدر ما هن مغريات وجميلات، فإن التقرب منهن يفضي إلى هدر دم صاحبه، لشدة بأس رجالهن.
كما استخدم الواو للربط بين الجمل التي ترجع في معناها إلى نفس الحقل الدلالي مثل:
إلى الذي تهب الدولات راحته ولا يمن على آثار موهوب
ولا يـــروع بمغـدوربــه أحدا ولا يفزع موفورا بمنكوب( 21)
فعندنا في هذين البيتين التراكم الدلالي القائم بين الأفعال: (ولا يمن - ولا يروع - ولا يفزع)؛ وكلها تشترك في الدلالة على كرم الممدوح وطيب شمائله.
كما جاءت الواو في بعض الأبيات لتسهم في بناء التوازي الإيقاعي والأسلوبي القائم في الأبيات، وبهذا تجاوزت دلالتها على الربط الإضافي، إلى تعيين الحالة التي يتسم بها هؤلاء الأعراب البداة:
قد وافقوا الوحش في سكنى مراتعها وخالـفـوها بتقـويـض وتطنيب
جيرانها وهــــــم شـــــر الجوار لها وصحبها وهم شر الأصاحيب(22)
فنلاحظ التوازي بين:
وافقوا: ( فعل ماضي ثلاثي+ واو الجماعة)
خالفوا : ( فعل ماضي ثلاثي+ واو الجماعة) = (تشابه بنائي وإيقاعي)
جيـرانها وهـم شــر الجـــوار: (مبتدأ+ ضمير الغائبة + ضمير الغائبين المنفصل+خبر+ مضاف إليه)
وصحبها وهم شر الأصاحيب:(مبتدأ+ضمير الغائبة + ضمير الغائبين المنفصل+خبر+مضاف إليه) = (تشابه بنائي وإيقاعي)
وهكذا يكون الرابط الواو قد أسهم بتواتره في النص إسهاما واضحا في اتساقه اللغوي والتركيبي والإيقاعي.
أما الفاء فقد ظل ورودها محدودا إلا أنها أسهمت كذلك في اتساق النص والربط بين معاني الأبيات كقوله:
فما الحداثة من حلم بمانعة قد يوجد الحلم في الشبان والشيب(23)
فقد جاءت الفاء في بداية البيت لتربطه بالأبيات السابقة لاستنتاج الحكمة منها في أسلوب تقريري مؤكد: (قد يوجد الحلم في الشبان والشيب)
كما وردت الفاء العاطفة لتفيد الترتيب بين مكونات الجملة في قوله:
يدبر الملك من مصر إلى عدن إلى العراق فأرض الروم فالنوب(24)
لقد عدد الشاعر في البيت الأقاليم الخاضعة لسلطان كافور الإخشيدي، واستخدم الفاء في ذلك.
وفي سياق آخر تأتي الفاء السببية للربط بين أجزاء الجملة الشرطية، فتتصدر جملة جواب الشرط مثل:
إذا غزته أعاديه بمسألة فقد غزته بجيش غير مغلوب(25)
وعلاوة على الربط الإضافي، كثر الربط بمختلف حروف الجر، مما أسهم في تماسك النص وانسجامه؛ فقد ورد حرف الجر "الباء" ستا وعشرين (26) مرة في القصيدة، كقوله:
ولا يروع بمغدور به أحدا ولا يفزع موفورا بمنكوب(26)
ونلاحظ أن الباء تكررت في هذا البيت ثلاث (3) مرات، فربطت بين أجزاء الجملة التي تقدم فيها شبه الجملة على المفعول به، وأفادت الإلصاق بين الغادر والمغدور به، كما أفادت في الشطر الثاني: (موفورا بمنكوب) معنى المماثلة.
كذلك تكررت "ِمِن" سبع عشرة (17) مرة؛ ومنها قوله:
ومن هوى الصدق في قولي وعادته رغبت عن شعر في الرأس مكذوب(27)
لقد تصدرت "مِنْ" الجملة، لتبين سبب ابتعاد الشاعر عن زيف المظهر، وهو حرصه على الصدق قولا وفعلا؛ فأفادت في السياق معنى السببية، وربطت هذا البيت بالأبيات السابقة عليه، والتي أقام فيها الشاعر مقارنة بين المظهر الحقيقي والمظهر الزائف، ليؤكد الحكمة المقررة التي سلف وأن أعلنها حين قال:
حسن الحضارة مجلوب بتطرية وفي البداوة حسن غير مجلوب (28)
وإضافة إلى هذه الحروف المذكورة نجد الحرف: "في" الدال على الظرفية، تكرر إحدى عشرة (11) مرة، كما تكرر الحرف: "على" عشر(10) مرات، ولام الجر ثماني(8) مرات.
ونخلص من هذا إلى أن الروابط الإضافية خاصة الواو والفاء، وكذلك الروابط الحرفية خاصة: "الباء" و"من" و"في"؛ تضافرت وأسهمت في اتساق هذا النص وتماسك أجزائه، وبنياته التركيبية والدلالية والإيقاعية.
الاتساق المعجمي:
يظهر الاتساق المعجمي عبر تتابع وحدات النص المعجمية وترابطها، مما يسهم في استمرارية النص وذلك من خلال خاصيتي التراكم والتقابل أو التكرار والتضاد.
يعتبر التكرار ركيزة مهمة من الركائز المعجمية التي تؤكد اتساق النص وتآلف عناصره، ويظهر اتساق النص من خلال دورانه حول كلمات أو بؤر محاور، تشكل مركز الثقل فيه، ويمكن إرجاع مكوناته المختلفة إليها.
وللتكرار أنواع ؛ فقد يكون كليا، أو جزئيا، أو شبه تكرار، أو ترادفا؛ ولا تقتصر وظيفة التكرار على الإسهام في ربط مكونات النص بل إن له جوانب أخرى ذات أهمية بالغة؛ وذلك في ربطه التواصل بين المرسل والمتلقي، مما تنبثق عنه وظائف نصية شتى؛ كالتأكيد، أو التأثير، أو غيرها.
وينقسم التكرار إلى نوعين هما: التكرار الشكلي، والتكرار الدلالي.
أولا : التكرار الشكلي:
يضم التكرار الشكلي أنواعا ثلاثة هي : التكرار الكلي أو (المحض)، والتكرار الجزئي، وشبه التكرار.
ا-التكرار المحض: وهو إعادة المفردة ذاتها، وقد وردت منه في القصيدة ست عشرة (16)حالة، جاء أغلبها لتأكيد المعنى والإلحاح عليه، وذلك لأهداف سياقية ومضمونية؛ مثال:
لا تجزني بضنى بي بعدها بقـر تجزي دموعي مسكوبا بمسكوب(29)
فقد ورد تكرار كلمة: "مسكوب" في عجز البيت، للدلالة على أن الشاعر الذي أهرق دموعه لفراق الحبيبات، قابلن بكاءه ببكاء مماثل؛ فهو يرمي إلى تكرار الكلمة للتأكيد على المماثلة والمشابهة بين حالته وحالتهن، وأنهن يألمن للفراق كما هو يألم، ويشقين كما يشقى.
ب-التكرار الجزئي: ويتعلق بالعلاقة الاشتقاقية بين الكلمات، وله حضور بارز في النص فقد وردت منه ست عشرة حالة (16)، فكان بذلك مقاربا في نسبة وروده للتكرار المحض مثال:
سوائرا ربما سارت هوادجها منيعة بين مطعون ومضروب(30)
أورد الشاعر في البيت اسم الفاعل واصفا به الظاعنات، للتدليل على السير الحثيث الذي شق عليه، ثم حدد ملابسات سيرهن، ومن حولهن الرجال المدججون بالسلاح ليؤكد استحالة اللحاق بركبهن.
ج-شبه التكرار: ويعني اشتراك الكلمات في بعض الحروف مع اختلاف المعنى، ولم يستكثر منه الشاعر في النص، حيث وردت منه ثلاث(3) حالات، مثال:
وكيف أكفر يا كافور نعمتها وقد بلغنك بي يا كل مطلوبي(31)
ولعل هذا التجنيس في البيت تَقَصَّدَهُ الشاعرقصدا، وهو في معرض حديثه عن الخيل العتاق التي أوصلته إلى الممدوح، ليكشف عن اسم هذا الملك الذي أطنب في مدحه، وأسبغ عليه كل صفات الكمال، فجاء بكلمة: (يكفر) لتتجانس مع الاسم: (كافور) وتكون مسوغا بديعيا لذكر اسمه.
ويوضح الجدول التالي التكرار الشكلي في النص:
نوع التكرار |
المفردات |
العدد |
النسبة |
المحض |
مسكوب/ مسكوب زورة/ زورة مال/ المال حسن/ حسن/الحسن ناظرة/ ناظرة هوى/ هوى مطي/ مطايا حلمي/ حلم/ الحلم الملك/ الملك طويل/ طويل غزته/ غزته/ تنجو/ تنجو الغيث/ الغيوث يروع/ يروع نفس/ النفوس الحمد/ الحمد
|
16 |
النسبة44% |
الجزئي |
صحبها/ الأصاحيب الحضر/ الحضارة البدويات/ البداوة مكتهلا/ اكتهال أديبا/ تأديب مجربا/ تجربة مهذبا/ تهذيب الملك/ الملك قالت/ قلت/ قال/ قائلها وفين/ وفت سلب/ مسلوب تضحكه/ إضحاك محجبة/محجوب حبيب/ محب/ محبوب زورة/ أزورهم سوائرا/ سارت جيرانها/ الجوار
|
17 |
النسبة47% |
شبه التكرار |
هوى/ مموهة الشبان/الشيب أكفر/كافور |
3 |
19% |
وكما يظهر من الجدول السابق فقد بلغت نسبة التكرار ستا وثلاثين(36) حالة، سيطر فيها التكرار المحض، والتكرار الجزئي الاشتقاقي على النص بنسبة تكاد تكون متقاربة: - التكرار الجـــزئي: 47%
- التكرار المحض: 44%
- شبه التـــكــرار :19 %.
ولعل استقراء هذه النسب يؤكد على الصلات المعجمية المتشابهة التي قامت بين مكونات النص، مما يعضد اتساقه وانسجامه.
وقد تكون قلة ورود: "شبه التكرار" في القصيدة، ناتجة عن تركيز الشاعر على بناء المعنى، وجزالة الأسلوب، مما أبعده عن التوشية والزخرفة اللفظية.
التكرار الدلالي:
يشكل التكرار الدلالي وظيفة مهمة في اتساق النص وترابطه، ومن ثم في بناء الدلالة العامة للخطاب، ويقصد به اتفاق الكلمات أو اختلافها في المعنى ، وهو ما يتسع ويضيق حسب السياق الذي ترد فيه المفردات، ويتجسد من خلال آليتين اثنتين هما: الترابط الدلالي، أو التضاد.
أ-الترابط الدلالي: ويمكن تمييزه من خلال المفردات التي تشترك في الدلالة، أو تنتمي إلى نفس الحقل الدلالي، مثل:
سوائرا ربما سارت هوادجها منيعة بين مطعون ومضروب(32)
فقد حصل في هذا البيت تكرار معنوي بين كلمتي: (مطعون) و (مضروب)، والطعن وإن كان بالسيف أو الرمح؛ فإنه يدخل في عموم الضرب، ويريد الشاعر بهذا الترادف التأكيد على الحراسة المقامة حول حبيباته، وأن مصير من يتعرض لهن هو القتل بأي طريقة.
وتهيئ قراءة النص وجود حقلين دلاليين بارزين عكستهما البنية اللغوية لهذه القصيدة؛ وهما:
1-حقل الغزل: وتضمن معجما يحيل إلى مرجعيات مختلفة منها ما يتعلق بالحيوان ومنها ما يتعلق بالإنسان:
الحيوان الصحراوي |
المرأة |
الزينة |
العاطفة |
الجآذر-بقر- الوحش-الآرام- المعيز- الظباء |
البدويات- الرعابيب-الحضر |
الحلى- الجلابيب- هوادج- حمر- المستحسنات- حسن- مجلوب- مضغ الكلام- صبغ الحواجيب- مائلة أوراكهن- صقيلات العراقيب- مخضوب |
تسهيد- تعذيب- ضنى- دموع- زورة- الليل- يشفع-فؤاد- محب- أوجه- - هوى- حبيب- محب- محبوب.
|
العدد:6/النسبة:16% |
العدد3/النسبة:8% |
العدد14/النسبة:37% |
العدد14/النسبة37% |
إن استقراء الجدول السابق يضعنا حقول معجمية؛ تتعلق بعالمي الإنسان والحيوان، وإذا أردنا التحديد أكثر، فإننا سنجد أن أسماء الحيوان الواردة في المعجم ليست إلا تمويها قصد به بناء صورة استعارية، للتدليل على المرأة الجميلة؛ فالإحالة المرجعية إلى الجآذر، هي للتدليل على جمال العيون، وكذلك الإحالة إلى الظباء، فإنه يقصد بها طول الجيد، ونفس الشيء في البقر والآرام، ولذلك كثر تشبيه المرأة بهذه الحيوانات في الشعر العربي.
وقد بلغت هذه النسبة في الحقلين الأولين اللذين يشتركان في الدلالة 19%.
وهذه الإحالة المرجعية الدالة على الجمال البشري ستتوسع لتشمل بقية الحقول، والتي تمثل مجتمعة نسبة 74% و تؤكد كلها على تأثير المرأة الجميلة والمنعمة في الرجل.
ويظهر ذلك جليا منذ البيت الأول، حين ذكر الشاعر الجآذر وجعل لها جلابيب وحليا ومطايا؛ وهو ما يؤشر للمعنى المجازي الذي يقصد إليه:
من الجآذر في زي الأعاريب حمر الحلى والمطايا والجلابيب
فعدل بالكلمة (جآذر) عن معناها المعجمي، ليضفي عليها دلالات استعارية تدخلها عالم الإنسان والمرأة على الخصوص.
هكذا يصبح الحقل الدال على الحيوان الصحراوي في هذا الجزء من النص، ليس إلا رمزا للبدويات الرعابيب، ومن هنا نفهم أن هذين الحقلين ليسا إلا تراكما في الحقيقة لحقل واحد هو حقل الإغراء والفتنة.
ولذا سيكون هذا الحقل وثيق الصلة بحقل الزينة، فكل المفردات الواردة في الحقل الثالث، تدخل في خصوصيات المرأة المرفهة والمنعمة، وهذا ما سعى الشاعر إلى بنائه دلاليا، ليجعل هؤلاء النسوة فتنة للناظر، مما يسوغ كل تلك المفردات الدالة على الشوق والوله في الحقل الرابع، والتي هي ترجمة لأحاسيس الشاعر تجاه هؤلاء النساء وفتنته بهن.
لقد ساهم معجم الغزل بحقوله المختلفة في بناء الجزء الأول من النص واتساق المعاني عبر تراكم المفردات الدالة على العشق، والتي لها ثلاثة أركان يمكن أن نتصورها كما يلي:
1-المرأة الفاتنة: (الجآذر)/ 2-الذات المحبة: (الشاعر): 3-الرسالة:(المقدمة الطللية)
وكما رأينا فقد جسدت القصيدة في وحدتها الأولى هذه العلاقة وما انجر عنها من تراكم في المفردات الدالة على الحب.
أما في الجزء الثاني والذي يبدأ من البيت العشرين إلى آخر القصيدة ، فإن النص يضعنا أمام مجموعة من الحقول المعجمية، تشترك في كونها تتضافر لتبني صورة للممدوح المثالي الذي يقصده الشاعر من أجل تلبية مطامحه.
ومن استنطاق النص، نعلم أن مطامح المتنبي كبيرة، ليست بالهينة ولا اليسيرة؛ وكما قال في القصيدة متحدثا عن نفسه:
تهوي بمنجرد ليست مذاهبه للبس ثوب ومأكول ومشروب(33)
إنه يريد الحصول على ما لم يستطع الحصول عليه عند سيف الدولة الحمداني الذي كرس له أجود شعره؛ يسعى مع ممدوحه الجديد إلى أن يكون واليا أو أميرا لأحد الأقاليم؛ وهو ما صرح به في البيت الموالي للبيت السابق حين يقول:
إلى الذي تهب الدولات راحته** ولا يمن على آثار موهوب(34)
وهكذا سنجد المعجم في هذا الجزء من النص، والذي يشكل المتن، دار حول أربعة حقول هي: (الرحلة - الفروسية - التملك والذكاء - الكرم )
الرحلة |
الفروسية |
التملك والذكاء |
الكرم |
السوابق- المهالك- الجرد- السراحيب- منجرد- تهوي- سلب- مسلوب- القنا- إدلاجي- تأويبي-
|
مطعون- مضروب-نجيع-أخيذ المال- مسلوب- الرمح –سرج - أعاديه-غوته - جيش- مغلوب – حاربته – شجاعته – كتائبه - الحِمام- موت- مرهوب- - يروع- جيش- يجدله أحم- غربيب- النقع-
|
الملك- الأستاذ- مجربا- فهما- همه- يدبر- يصرف- الأمر- خاتمه-أراد-إذن- محجبة- تلقى-أروع- صافي العقل- - لا يروع- لا يفزع- |
الغيث- غيوث- شآبيب- يديه- تهب- الدولات- راحته- لا يمن- موهوب- موفور- مال- ثوب- فضل مأكول- مشروب- كرما |
العدد:11 |
العدد:23 |
العدد:19 |
العدد: 15 |
النسبة16% |
النسبة33% |
النسبة27% |
النسبة22% |
يوضح استقراء المدونة في ضوء هذه الحقول، أن الخطاب تشكل متخذا مسارا تصاعديا، بدأ بالإشادة بفضائل الممدوح، وقوة سلطانه؛ فساق الشاعر كل المفردات الدالة على رجاحة العقل، والكرم، وامتلاك السلطة، ثم بدأ بوصف الرحلة التي أوصلته إلى الممدوح.
فقد جاءت الأبيات من (20- 35) مخصصة لمكارم الممدوح:
ترعرع الملك الأستاذ مكتهلا قبل اكتهاــل أديبا قبل تأديــب
مجربا فهما من قبـــل تجربة مهذبا كرما من غير تهذيب(35)
وقد ركز على فضيلة الكرم، لأنها الخصلة التي ينشدها في الممدوح:
قالوا هجرت إليه الغيث قلت لهم إلى غيوث يديه والشآبيـــب
إلى الذي تهب الــدولات راحتـــه ولا يمن على آثار موهوب(36)
ويمكن أن نمثل للتراكم الدلالي المعجمي في الأبيات كالتالي:
1-رجاحة العقل وتدل عليها المفردات:( الأستاذ- المكتهل- أديبا- قبل تأديب- مجربا- فهما- مهذبا- )
2-الكـــــــــــــرم، وتدل عليه: (غيوث- أياديه- الشآبيب-تهب- راحته- لا يمن- موهوب- موفورا-فضل- غير محجوب- كل سؤال- قميص يوسف- أجفان يعقوب)
3-قوة السلطان، وتدل عليه: (يصرف الأمر- إلا لها إذن- يدبر الملك-يروع- بذي جيش).
وقد خصص الشاعر بقية النص من البيت: (36-44)، لإعمال الرحلة إلى هذا الممدوح، الذي طبقت شهرته الآفاق؛ ووظف في هذا الجزء المفردات الدالة على قوة تحمل الخيل، ومواصلة السير، وإرهاق الرحلة، ليصور ما كلفه الوصول إلى الممدوح من جهد ووقت، وقد بدأ وصف الرحلة بقوله:
لما رأين صروف الدهر تغدر بي وفين لي، ووفت صم الأنابيب (37)
وتدور المفردات في هذه الأبيات كلها حول الجهد والإسراع في الرحلة: (سوابق- تهوي- بمنجرد-حتى بلغن)
وبذا نجد أن النص بكامله تشكل حول معجمين رئيسين؛ جاءت كل المفردات الواردة فيه تراكما دلاليا لهما وهما: معجم الغزل، ومعجم المدح، وقد انبثقت عن تنمية نواة كل منهما حقول معجمية، تتفرع وتمتد في النص لتشكل اتساقا واضحا لغرض المدح في القصيدة؛ فهما يرجعان إلى ثابت واحد في النفس البشرية، هو ثابت البقاء، والتمسك بالحياة.
التضاد:
إذا كان النص قام على تراكم دلالي لبعض المفردات، فإنه كذلك قام على المقابلة بينها لتوضيح المعنى ولتعميق الدلالة العامة في النص؛ ومن أمثلة التضاد:
الكلمة أو العبارة |
ضدها |
سواد الليل يشفع لي حسن مجلوب المعيز ناظرة الشبان موفور تغدر إدلاجي الشرق محب |
بياض الصبح يغري بي حسن غير مجلوب الآرام غير ناظرة الشيب منكوب وفين تأويبي الغرب محبوب |
لقد شكل التضاد مقوما معنويا مهما في اتساق النص، فإذا كانت الكلمات تعرف بمرادفاتها، فإنها كذلك تعرف بأضدادها، ومن ثم يصبح التضاد ملمحا من ملامح اتساق النص على محور الاستبدال في الجملة؛ وقد وردت في القصيدة منه نماذج عديدة أسهمت في بناء الدلالة وتوضيح المعنى.
أما من حيث المواءمة بين التركيب والإيقاع في القافية فسنتبين ذلك من خلال الجدول التالي لنعرف كيف اختار الشاعر وظائف نحوية بعينها، لبناء قوافيه، ومدى ارتباط القافية بالتركيب أو غناه عنها:
انسجام القوافي:
العلاقة النحوية |
كلمة القافية |
البيت |
العلاقة النحوية |
كلمة القافية |
البيت |
اسم مجرور |
بتغريب |
25 |
عطف |
الجلابيب |
1 |
مضاف إليه |
مكتوب |
26 |
عطف |
تعذيب |
2 |
صفة |
يعبوب |
27 |
اسم مجرور |
بمسكوب |
3 |
مضاف إليه |
يعقوب |
28 |
عطف |
مضروب |
4 |
مضاف إليه |
مغلوب |
29 |
صفة |
مصبوب |
5 |
اسم مجرور |
بتحبيب |
30 |
مضاف إليه |
الذيب |
6 |
اسم مجرور(خبر) |
بمرهوب |
31 |
فعل ومفعول |
يغري بي |
7 |
عطف |
والشآبيب |
32 |
عطف |
تطنيب |
8 |
مضاف إليه |
موهوب |
33 |
مضاف إليه |
الأصاحيب |
9 |
اسم مجرور |
بمنكوب |
34 |
مضاف إليه |
محروب |
10 |
صفة |
غربيب |
35 |
صفة |
الرعابيب |
11 |
عطف |
وتقريب |
36 |
مضاف إليه |
مجلوب |
12 |
مضاف إليه |
الأنابيب |
37 |
عطف |
والطيب |
13 |
صفة |
السراحيب |
38 |
مضاف إليه |
الحواجيب |
14 |
عطف |
ومشروب |
39 |
مضاف إليه |
العراقيب |
15 |
مضاف إليه |
مسلوب |
40 |
مضاف إليه |
مخضوب |
16 |
مضاف إليه |
محجوب |
41 |
صفة |
مكذوب |
17 |
مضاف إليه |
الأعاجيب |
42 |
عطف |
وتجريبي |
18 |
عطف |
وتأويبي |
43 |
عطف |
والشيب |
19 |
مضاف إليه |
مطلوبي |
44 |
مضاف إليه |
تأديب |
20 |
عطف |
وتلقيب |
45 |
مضاف إليه |
تهذيب |
21 |
مضاف إليه |
محبوب |
46 |
عطف |
وتشبيب |
22 |
|
|
|
عطف |
فالنوب |
23 |
|
|
|
اسم مجرور(مستثنى) |
بترتيب |
24 |
وبقراءة الجدول يتضح أن الوظائف النحوية الأساسية لكلمة القافية جاءت كالتالي:
|
النسبة المئوية |
العدد |
الوظيفة |
المرتبة |
|
41,30% |
19 |
المضاف إليه |
1 |
|
30,43% |
14 |
العطف |
2 |
|
13,04% |
6 |
الاسم المجرور |
3 |
|
13,04% |
6 |
الصفة |
4 |
|
2,17% |
1 |
المفعول به |
5 |
|
|
46 |
|
المجموع |
نستنتج من هذا الجرد أن المضاف إليه والاسم المجرور والمفعول به شكلا معا نسبة بارزة في القوافي وهي: (56,52%)؛ أي ما يزيد على النصف، وتوزعت بقية القوافي التوابع من عطف وصفة بنسبة: (43,47%)، ولو نظرنا في هذه القوافي التي جاءت وظيفتها الإعرابية مكملة للجملة لأمكن أن نصنفها إلى نوعين: فمنها قواف شديدة الارتباط بالتركيب لا غنى له عنها وهي الأغلب كقوله:
من الجآذر في زي الأعاريب حمر الحلى والمطايا والجلابيب
ففي هذا البيت لم تأت كلمة (الجلابيب) مكملة للقافية في البيت، بقدر ما جاءت معززة للصورة التي أراد الشاعر أن يرسمها لموكب هؤلاء النسوة؛ والتي بناهاعلى ثنائية: اللذة /الموت، ونجد أن القاسم الموحد بين هذين القطبي المتنافرين: (اللذة/الموت) هو اللون الأحمر، فرمزية اللون هنا لعبت دورا أساسيا في بناء الصورة وتشكيل إيحاءاتها، التي أراد الشاعر أن يوعز بها إلى المتلقي.
ذلك أن اللون الأحمر طالما رمز في الشعر العربي إلى الفتنة واللذة، لما له من تأثير على العين الباصرة، ولما له كذلك من وقع في الوجدان، والأمثلة عديدة في هذا السياق، يقول زهيربن أبي سلمى في معلقته واصفا موكب الظعن:
علون بأنماط عتاق وكلة ورادٍ حواشيها مشاكهة الدم (38)
إلى هذا فإن هذا اللون مرتبط في نفس الوقت بالدم والموت.(39)
ولعل هذا المعنى هو ما أراد المتنبي أن يحمله للصورة؛ لتدل على اجتذاب هؤلاء الغانيات القلوب، رغم خطورة التعرض لهن، وهو ما يؤدي حتما إلى الموت والهلاك:
سوائرا ربما سارت هـوادجـها منيعة بين مطعـون ومضـروب
وربما وخدت أيدي المطي بها على نجيع من الفرسان مصبوب(40)
أما الصنف الثاني فهي الكلمات التي جاءت للقافية والقافية ذاتها، فكان الهدف من إيرادها إيقاعيا بحتا، وهو ما تحدث عنه القدماء من النقاد تحت عنوان (الإيغال والاستدعاء): فالإيغال عندهم: "أن يأتي الشاعر بالمعنى في البيت تاما من غير أن يكون للقافية فيما ذكره صنع، ثم يأتي بها لحاجة الشعرفيزيد بمعناها في ما ذكره من المعنى في البيت. أما الاستدعاء فهو ألا يكون للقافية فائدة إلا كونها قافية فقط، فتخلو حينئذ من المعنى، وقد عده قدامة من عيوب ائتلاف المعنى والقافية". (41)
وفي هذا النص نجد أن الشاعر لجأ في أكثر من بيت إلى الإيغال توضيحا وتأكيدا للمعنى، كقوله:
إن كنت تسأل شكا في معارفها فمن بلاك بتسهـيـد وتعــذيـب(42)
فكلمة (تعذيب) هنا جاءت تعبيرا عن المبالغة في معاناة الشاعر جراء هذا الحب، حيث تضافر عليه عاملا السهر والألم الممض.
كما نجد في بعض الأبيات استعاء واضحا للقافية حيث لا يتطلبها المعنى، وإنما الإيقاع، ومن ذلك قوله:
سوائرا ربما سارت هـوادجـها منيعة بين مطعـون ومضـروب(43)
فكلمة (مضروب) في آخر البيت لم تزد فيه أي معنى، بل إنها أضعفته، لأن الطعن أشد من الضرب.
خاتمة:
مما سلف يتبين أن القافية في القصيدة لعبت دورا أساسيا في بناء الدلالة وتكثيف الموسيقى الخارجية للنص، وأن كلماتها في الأغلب كانت ذات صلة حميمة بالتركيب النحوي، وإن وجدنا أن الشاعر انساق في بعض الأبيات وراء الإيقاع واستدعى القوافي لإثرائه.
وبذا نصل إلى أن هذا النص وظف آليات عديدة، إن على مستوى الإحالات الضميرية، أو الروابط الإضافية أوالحرفية، أو على المستوى المعجمي بتفريعاته المختلفة، أو على مستوى التركيب والإيقاع لتعزيز انسجامه واتساقه، لغويا وأسلوبيا وإيقاعيا.
ونؤكد كذلك أنه جاء منسجما مع بنية القصيدة الكلاسيكية القديمة، فبدأ بالغزل وثنى بالرحلة إلى الممدوح وذكر شمائله.
والله ولي التوفيق.
الهوامش:
1-لسان العرب، ابن منظور، تحقيق عامر أحمد حيدر، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، ط1، 3003م 1424هـ، ص:1032
2- م.س. ص:457-458
3- الاتساق والانسجام النصي، الآليات والروابط، ابن الدين بخوله، دار التنوير/ الجزائر، سنة2014م، ص9.
4- لسان العرب، ابن منظور، تحقيق عامر أحمد حيدر، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، ط1، 3003م 1424هـ، ص:
5- فنحي مرزوق الخوالدة، ص: 45
6- محمد الخطابي، لسانيات النص، ص:17
7- فتحي مرزوق الخوالدة، ص:58
8- محمد مفتاح، دينامية النص، ص: 39
9- المتنبي، الديوان، ص: 181
10- م.س.، ص: 182
11- م.س، ص: 184
12-م.س، ص: 184
13- م، س، ص: 186
14- م، س، ص: 186
15- م، س، ص: 187
16- م، س، ص: 188
17- م، س، ص: 181
18- م، س، ص: 187
19- م، س، ص: 188
20- م، س، ص: 181
21- م، س، ص: 186
22- م، س، ص: 182
23- م، س، ص: 185
24- م، س، ص: 186
25- م، س، ص: 186
26- م، س، ص: 187
27- م، س، ص: 185
28- م، س، ص: 184
29- م، س، ص: 182
30- م، س، ص: 181
31- م، س، ص: 188
32- م، س، ص:180
33- م، س. ص:187
34- م، س، ص:187
35- م، س، ص: 185
36- م، س، ص: 187
37- م، س، ص: 186
38- الموسوعة العالمية للشعر العربي، زهير بن أبي سلمى، تاريخ الزيارة:5/5/2019م
39- الجمال اللوني في الشعر العربي، ليلا قاسمي حاجي آبادي ومهدي ممتحن، تاريخ الزيارة: 6/5/2019م الرابط: http://www.sid.ir/fa/VEWSSID/J_pdf/34513900905.pdf
40- ديوان المتنبي، ص: 181
41- محمد بن يحي، السمات الأسلوبية في الخطاب الشعري، ص:83
42- ديوان المتنبي، ص: 181
43-م،س، ص:181