أحمد مزيد عبد الحق البوني
الحمد لله الذي خلق الإنسان علمَّه البيانَ وبعد فإني أعترف بادئ ذي بدإ بعجزي وتقصيري عن سبر أغوار هذا الموضوع: «الدرس النحوي بين التبسيط والتفريط» وذلك لأنه موضوع كثرت فيه البحوث والأطروحات وأقيمت لمعالجته وتحليله المؤتمرات والندوات([1]) ونال حيزا كبيرا من اهتمام سدنة اللغة منذ نشوء المجامع اللغوية وشكَّل في فترة من الفترات موضوع استقطاب انقسم فيه حملة القلم إلى فسطاطين ساعد تدافعهما وتناظرهما في إثراء الموضوع وتقليبه من جميع جوانبه وعلى جميع أوجهه.
ونظرا لضيق الوقت المخصص لهذا العرض فإنني مضطر لاختزال كثير من مباحثه والإيجاز فيما أطرقه منها اكتفاء بالإشارة المفهمة والإحالة على مظنات التوسع في تلك الموضوعات وقد اقتضى مني ذلك تقسيم هذه المحاضرة إلى المحاور التالية:
- مقدمة أعرض فيها بإيجاز مرتكزات النحاة في تصنيفهم وتدريسهم للنحو العربي
- طرح إشكالية التبسيط والتسهيل المنافية للتعقيد والتطويل عبر التاريخ وأناقش تحت هذا المحور العناصر التالية:
-
-
-
- أسباب التعقيد
- مظاهر التعقيد
- في المنهج
- نظرية العامل
- علامات الإعراب
- الإعراب التقديري
- في المادة النحوية
- المنطق والفلسفة
- العلل الثواني والثوالث
- في ترتيب وتصنيف المادة النحوية
- في المنهج
- الخاتمة وفيها إجمال لظاهرة التبسيط والطرق الناجعة لعلاج ظاهرة التعقيد.
-
-
-
المقدمة
اعتمد النحاة العرب في تقعيد العربية ووصف بنيتها النحوية ثلاثة أصول شكلت مكونات منهجهم، وهي: السماع المبني على النقل والاستقراء لكلام العرب، والقياس الذي يرتب المادة المدروسة على نحو يساعد على الحكم عليها، والتعليل الذي يتجاوز تقرير الظواهر النحوية إلى التماس حکمة العرب في الإتيان بها على هذا الوجه المخصوص.
ويشكِّل العاملُ بتضافره مع الأصول الثلاثة السابقة، البنية العامة لنظرية النحو العربي ([2]).
طرح إشكالية التبسيط
إن التعقيد الحاصل في الدرس النحوي لا يحتاج أن يقام عليه برهان لوضوحه وجلائه ومعاناة الخاصة والعامة منه، كما أنه ليس بالأمر الجديد بل هو ملازم لمسيرة النحو منذ أمد بعيد فهذا الأخفش الأوسط ت215هـ يقف أعرابيّ على مجلسه فيسمع كلام أهله في النّحو وما يدخل معه، فيحار ويعجب، ويُطرق ويوسوس، فيقول له الأخفش: ما تسمع يا أخا العرب؟ قال:
أراكم تتكلّمون بكلامنا في كلامنا بما ليس من كلامنا([3]).
وهذا الجاحظ ت255هـ يحذر منه مؤدبي الصبيان فيقول:
«وأمّا النّحو فلا تشغل قلبَه منه إلّا بقدر ما يؤدّيه إلى السلامة من فاحش اللّحن، ومن مقدار جهل العوامّ في كتاب إن كتبَه، وشعر إن أنشدَه، وشيء إن وصفَه. وما زاد على ذلك فهو مشغلة عمّا هو أولى به، ومذهل عمّا هو أردّ عليه منه من رواية المثل والشاهد، والخبر الصادق، والتعبير البارع»([4]).
وبسب شعور المتقدمين بهذا التعقيد لجؤوا بصورة مبكرة إلى تبسيط كتب النحو بواسطة وضع كتب تشكل مقدمات موجزة واضحة عارية من التوجيه والتعليل يتعلم منها شداة الفن الأصول والمبادئ ومن أمثلة ذلك مقدمة في النحو لخلف الأحمر ت180هـ والتفاحة لأبي جعفر النَّحاس ت338هـ.
فما أسباب هذا التعقيد؟ وفيم يتجلَّى ويتمظهر؟ وما المجالات التي يبرز فيها ويتشكل؟
وهل هو تعقيد على مستوى المنهج؟ وإذا كان كذلك فما موضعه من النظرية النحوية؟
أم هو تعقيد على مستوى المادة النحوية نفسها سببه نفوذ المنطق الأرسطي([5]) والفلسفة اليونانية إلى هذا العلم فاختلط علم النحو بعلم كيفية النحو على حد قول ابن خلدون؟([6]).
أم أن سبب التعقيد راجع مع ذلك لسوء ترتيب المادة النحوية والفوضوية في تصنيف مباحثها؟
أم أن تلك العلل كلها قد اجتمعت على هذا العلم فجعلته من الدارسين مناط الثريا من يمين المتناول؟.
وإذا نظرنا نظرة فاحصة نافذة عبر خط الزمان فإننا نجد أن النحاة ظلوا مجمعين على سلامة المنهج النحوي ما يربوا على خمسة قرون معتمدين على نظرية العامل ومستندين إلى الأصول الثلاثة المتقدمة (السماع، القياس ، التعليل)([7]) وكانت نزعات الإصلاح في الدرس النحوي تتجه عندهم إلى المادة النحوية تطويلا واختصارا استطرادا واقتصارا وإلى أساليب تصنيف تلك المادة ورصفها على ضوء تلك النظرية النحوية التي سبق التنبيه إلى معالمها حتى جاءت دولة الموحدين بما تحمله من أبعاد سياسية وفكرية ففرضت المذهب الظاهري بما يحمله من إنكار للقياس والتعليل وأحرقت كتب المذاهب الفقهية الأربعة فجاء أكبر قضاة تلك الدولة بنظريته الهادمة لنظرية العامل فألف ابن مضاء كتابه "الرد على النحاة" متناغما مع تلك الظاهرية الفقهية تناغم نظرية العامل مع النظرية الفقهية التي تجعل القياس الفقهي مصدرا من مصادر التشـريع، وتعول على الحكمة والتعليل في استنباط الأحكام والقناعة بها، إلا أن صيحة ابن مضاء كانت صيحة في واد ونفخا في رماد فلم يرفع بها أحد رأسا ولم تثن النحاة عن سلوك الجادة والمنهج الذي نهجه الخليل وسيبويه وسار عليه النحاة على اختلاف مدارسهم ومذاهبهم، وبقي الأمر على ذلك ثمانية قرون بعد ابن مضاء لم تنتطح في شأن العامل عنزان حتى أخرج الشيخ إبراهيم مصطفى كتابه "إحياء النحو" في منتصف القرن الرابع عشر الهجري فبشر فيه بمنهج جديد في صناعة النحو يستلهم تجربة ابن مضاء ويبني على نسف نظرية العامل ويعطي في إعراب الأسماء خاصة الخطوط العريضة لنظرية جديدة جذورها مستلهمة من تصـرف بعض قدامى النحاة([8]) وزاد هذا الكتابَ تألقا أن قدَّم له الدكتور طه حسين بمقدمة ضافية ونشـر الدكتور شوقي ضيف كتاب ابن مضاء وقدم له بمقدمة طويلة الذيل استلهمت تجربتي ابن مضاء وإبراهيم مصطفى وحاولت أن تدخل في صياغة نظرية نحوية بديلا للنظرية النحوية الكلاسيكية وقد أحدث كتاب إحياء النحو ثورة عارمة أدت لظهور كثير من المؤلفات الداعمة له من تلاميذ مؤلفه وتلاميذهم وجل أولئك من أساتذة دار العلوم ممن درسوا في الجامعات الغربية أو تتلمذوا على المستشـرقين في البلاد العربية([9]) وكانت ردة الفعل عنيفة من الأزهر الشـريف فانبرى جلة من علمائه للرد على هذه النزعة الجديدة([10]).
ثورة إحياء النحو
لقد كان كتاب إحياء النحو أول صيحة بعد ابن مضاء تدعو على إلى إعادة النظر في الأصول والمرتكزات التي قامت عليها نظرية النحو العربي وتقوم هذه النظرية الجديدة على رأى أن الجملة العربية تتكون من جزأين أساسيين هما المسند اليه والمسند ، وتختزل أبواب النحو جميعا في ثلاثة أبواب كبيرة ، هي باب الضمة علم الاسناد ، وباب الكسـرة علم الإضافة ، وباب الفتحة وذهب إلى أنها ليست علامه إعراب ، وبذلك يعلم الناشئة أن الكلمة في العربية إما مرفوعة وإما مضافة ، وما عدا هذين النوعين يكون منصوبا([11])، والتنوين علم التنكير، وعلامات الإعراب أصلية فقط وأما العلامات الفرعية فهي امتداد للحركات الأصلية فحسب([12]).
وتجاوبا مع الدعوة لإحياء النحو ألفت وزارة المعارف المصـرية لجنة ضمت إبراهيم مصطفى ونخبة من كبار أساتذة الأدب والنحو في الوزارة و دار العلوم وجامعة القاهرة وتوالت اجتماعاتها وتقدمت بورقة في اقتراحات التيسير المنشود بناء على كتاب "إحياء النحو" ثم عرضت الوزارة هذه المقترحات على مجمع اللغة العربية في القاهرة فعُني بها وأفرد لها ثماني جلسات من دورته المنعقدة عام(1945غ) انتهت بإقرار المقترحات بعد صياغتها على شكل قرارات، وطلب المجمع من الوزارة أن تؤلف كتب الناشئة على أساس مقترحات اللجنة وما أدخل عليها من تعديلات، إلا أن المؤتمر الثقافي العربي الأول للمجامع المنعقد في لبنان عام 1947غ رأى إعادة المصطلحات القديمة وإحدث تغييرات بنيوية في مقترحات التيسير ومال مجمع دمشق ومجمع بغداد للرجوع إلى النحو بنظريته الأولى ومصطلحاته القديمة([13]).
وقد سوغت نظرية إحياء النحو هذا المنزع الإصلاحي بأن النحو قد دخلت عليه داخلة من الفلسفة حملت القدماء على أن يفترضوا أو يعللوا أو يسرفوا في الافتراض والتعليل ونجم عن ذلك إسراف في القواعد نشأ عنه إسراف في الاصطلاحات، وصاحب ذلك إمعان في التعمق العلمي باعد بين النحو والأدب([14]).
وكما انبرت أقلام محافظة للرد على ثورة أو "موضة" تيسير النحو فقد دخل الحلبة أكاديميون درسوا تجربتي ابن مضاء وإبراهيم مصطفى ووضعوا فرضياتهما على المحك وحاكموهما بموضوعية متكئين على أحدث نظريات علم اللغة المقارن وعلم اللغة الحديث وعلم اللسانيات
ومن أشهر هؤلاء الدكتور عز الدين مجدوب في كتابه (المنوال النحوي العربي-قراءة لسانية جديدة) والدكتور عبد القادر المهيري(نظرات في التراث اللغوي العربي) و عبد الرحمان الحاج صالح في كتابه (النحو العربي ومنطق أرسطو).
يقول الدكتور محمد خير الحلواني:
«وفي العصـر الحديث نجم كثير من الباحثين ، وحاولوا أن يجددوا في النحو العربي ، وأن يصوغوه صياغة تلائم العصر والمناخ الفكري الذي يحيط بالمتعلم.
لقد بدأت الحركة في دراسة المستشرقين ، ثم انتقلت الى مصر ولبنان والعراق وسورية ، وكان العامل أكثر تقاليد النحو العربي عرضة للهجوم والهدم ، غير أن دراسات هؤلاء اتسمت بأشياء لا تهيء أصحابها لمثل هذه الأعباء ، ولعل أهمها:
1- السطحية في فهم كلام القدماء وأغراضهم .
2-الجهل بتاريخ علم النحو ، ودقائقه ، و أساليب أربابه
٣-التحامل على النحاة القدماء، والتظاهر بأنهم مجددون
4- التكلف في قسـر نظرياتهم على ظواهر اللغة ، سبقوا به القدماء في تكلفهم الذي تحدثنا عنه في نقد نظرية العامل.
5 - الجزئية والافتقار إلى الشمول ، فنظریاتهم جميعا لا تسمو إلى تفسير ظواهر العربية ولا تطَّرد في تحليلها .
وأهم هؤلاء ابراهيم مصطفي ، و أمين الخولي([15])، من مصـر، وأنيس فريحة من لبنان([16]) ، ومحمد الكسار([17]) من سورية »([18]).
ويمكن تقسيم المتناظرين المُختلفين حول تبسيط النحو العربي بواسطة منهجه إلى أربعة مجموعات بحسب مقاصدهم وخلفياتهم العلمية والثقافية وبحسب بنائهم على الإرث النحوي القديم وانبتاتهم عنه إلى أربع مجموعات:
-الأولى مجموعة أصيبت بالانبهار الحضاري وأعشاها بريق النظريات اللغوية الحديثة والمنتسبون لهذه المجموعة في الغالب هم من غير المتخصصين في الدراسات اللغوية ومن هؤلاء زكريا أوزون صاحب كتاب(جناية سيبويه) ، وشريف الشوباشى صاحب كتاب (لتحيا اللغة العربية: يسقط سيبويه).
-المجموعة الثانية مجموعة من علماء اللغة والنحو ممن ابتلوا بتدريس المادة وبرِموا بالتراث النحوي المتكدس فأرادوا الانعتاق من أسر التراث فكان موقفهم ردة فعل أدت إلى هدم الأصول القديمة وبناء أصول جديدة لم تخل من ابتسار واعتساف ولم تصمد أمام النظر المتأمل ولم يستطع أهلها أن يردوا إلزامات مخالفيهم ويمكن التمثيل ههنا بإبراهيم مصطفى وشوقي ضيف([19]) وتمام حسان وأمين الخولي ([20]) ومصطفى جواد([21]) ومهدي المخزومي([22])وإبراهيم السامرَّائي([23]) وعبد الستار الجواري([24]).
-المجموعة الثالثة نخبة من الدكاترة المتخصصين في الدراسات اللغوية والنحوية ممن درسوا المناهج اللغوية الغربية في الجامعات الغربية أو على يد المستشرقين والقاسم المشترك بينهم ضعف التعليم والتكوين في التراث العربي الأصيل ويمكن التمثيل ههنا بمن أنكروا الإعراب بنوعيه الظاهر والمقدر وأنكروا علامات الإعراب واتهموا النحو العربي بالاستمداد من النحو الهندي أواليوناني أو السـرياني([25]) بل بالغ بعضهم فجعل للاستعمار يدا في التمكين للنحو العربي ومن أشهر هؤلاء عبد الرحمن أيوب وأحمد برانق.
-المجموعة الرابعة المحافظون على جوهر النحو العربي المتمثلون لنظريته الكلاسيكية
المنفتحون على تسهيل النحو في الجوانب الأخرى غير المنهجية وهم جمهور علماء الأزهر وجمهور أعضاء مجمع بغداد ودمشق ([26]).
التبسيط على مستوى المادة النحوية
ولئن كان الخلاف حول نظرية النحو العربي مجسدة في نظرية العامل، أو في الإعراب وعلاماته، وفي الإعراب التقديري بشكل خاص أثارَ ضجة وخلافا أسال حبرا كثيرا فإن التعقيد الحاصل في الدرس النحوي بسبب غزارة مادته وتداخل فروعها وتواشج موضوعاتها وبسبب يبوسة وكزازة اللغة التي كتب بها، أو بسبب غرابة المصطلحات واستغلاقِها، أو تداخل المفاهيم وتعددها، أو التمارين الافتراضية واستعجامها، أو الاختلاف البين في القواعد النحوية وتعدد الآراء وتباينها في المسألة الواحدة([27]) لم يقع فيه خلاف يُذكر، وما فتِئ النحاة يشيرون إليه في مقدمات كتبهم ويجعلونه مقصدا من مقاصد التأليف ولعل ظاهرة المختصـرات النحوية نشأت بهذا الدافع ملاحِظةً هذا المعنى وإن جنحت بعد ذلك إلى الحديث عن النحو بدلا من الحديث في النحو([28]) وقد ترتب على ذلك ما ترتب من ضعف الملكة النحوية عند المتأخرين مما وصفه ابن خلدون في سياق موازنته بين أسلوبين في دراسة العلوم العربية فقال:
« وأهل صناعة العربيّة بالأندلس ومعلّموها أقرب إلى تحصيل هذه الملكة وتعليمها من سواهم لقيامهم فيها على شواهد العرب وأمثالهم والتّفقّه في الكثير من التّراكيب في مجالس تعليمهم فيسبق إلى المبتدئ كثير من الملكة أثناء التّعليم فتنقطع النّفس لها وتستعدّ إلى تحصيلها وقبولها.
وأمّا من سواهم من أهل المغرب وإفريقية وغيرهم فأجروا صناعة العربيّة مجرى العلوم بحثا وقطعوا النّظر عن التّفقّه في تراكيب كلام العرب إلّا إن أعربوا شاهدا أو رجّحوا مذهبا من جهة الاقتضاء الذّهنيّ لا من جهة محامل اللّسان وتراكيبه.
فأصبحت صناعة العربيّة كأنّها من جملة قوانين المنطق العقليّة أو الجدل وبعدت عن مناحي اللّسان وملكته وأفاد ذلك حملتَها في هذه الأمصار وآفاقها البعد عن الملكة بالكليّة، وكأنّهم لا ينظرون في كلام العرب.
وما ذلك إلّا لعدولهم عن البحث في شواهد اللّسان وتراكيبه وتمييز أساليبه وغفلتهم عن المران في ذلك للمتعلّم فهو أحسن ما تفيده الملكة في اللّسان.
وتلك القوانين إنّما هي وسائل للتّعليم لكنّهم أجروها على غير ما قصد بها وأصاروها عِلما بحتا وبعُدوا عن ثمرتها.
وتعلَم ممّا قرّرناه في هذا الباب أنّ حصول ملكة اللّسان العربيّ إنّما هو بكثرة الحفظ من كلام العرب حتّى يرتسم في خياله المنوال الّذي نسجوا عليه تراكيبهم فينسج هو عليه ويتنزّل بذلك منزلة من نشأ معهم وخالط عباراتهم في كلامهم حتّى حصلت له الملكة المستقرّة في العبارة عن المقاصد على نحو كلامهم »([29]).
وبالجملة فلا يختلف اثنان في ضرورة تيسير كتب النحو من جهة
-اختصار المطولات اختصارا واعيا يراعي مستويات الطلاب.
- وتوضيح المغلقات بواسطةٍ من تبسيط اللغة والإكثار من ضرب المُثُل والشواهد.
- أو عن طريق حسن التقسيم والتصنيف والترتيب لكتب الفن.
فلأجل ذلك يمكن أن نتفهم بسهولة رأي ابن مضاء ومن حذا حذوه في إنكار القياس و التعليل لأن النحاة لم يقتصـروا على العلل الأُول المستنبطة من استقراء كلام العرب حتى تتبعوا وتمحلوا في العلل الثواني والثوالث([30])
فالعلل عند متقدمي النحاة يغلب عليها الإقتصار على النوع الأول وعند قليل من الأولين وثُلة من الآخِرين تشمل العلل الثواني والثوالث فلذلك شبه بعض المحققين علل النحاة بعلل المتكلمين وكان الشأن أن تكون أقرب إلى علل الفقهاء([31]).
«لقد فتح مبدأ العلية على النحاة فلسفة مفرطة وثقيلة أحيانا، فهناك علل أول وثواني وثوالث، وقد يكون للمعلوم الواحد أكثر من علة يتأولها كل نحوي كما يتراءى له، وكثيرا ما استخدمت العلة الواحدة في إثبات الشيء وضده.
ولو وقف النحاة عند حد البحث عن العلل لما هو وارد عن العرب، لما كان في الأمر كبير خطر على الدرس النحوي، إذ لا تعدو العلل حينذاك أن تكون وسائل لتوضيح الظواهر اللغوية وكشف أسرارها، إذ يتدرب بها المتعلم ويقوى بتأملها المبتدي»([32]).
ويقول عباس حسن « إن النحاة بالغوا في العلل وتجاوزوا بها الحد المقبول والمفيد، فجعلوا منها قيودا حديدية أخضعوا لها الكلام العربي الأصيل، كما أخضعوا لها كلام المُحدَثين، فإذا رأوا الأول لا يسايرها قالوا عنه شاذ أو قليل أو مؤول، إلى ذلك من أسماء تُعلن عن ضَعفه، وبطلان القياس عليه وإذا رأوا كلامنا لا يوافقها حكموا عليه بالخطأ والفساد وإن كان موافقا للكلام العربي الأصيل، فالعلل عندهم غايات يخضع لها النَّصُّ القديم؛ وكأنها الأأصل وهو الفرع »([33]).
فلذلك يرى هذا الفريق أن القياس النحوي لا يمكن الاعتماد عليه كمنهج للبحث العلمي لأنه لا يمنع تعارض النتائج التي يوصل إليها عن طريقه فمنهج البحث في اللغة ينبغي أن يقوم على الاستقراء والوصف لا على القياس والمعيار.
كما أن التعليل لا يستقيم منهجا علميا فالمعروف في كل منهج علمي من مناهج البحث في الوقت الحاضر أنه يعني أولا وآخرا بالإجابة عن كيف تتم هذه الظاهرة أو تلك ؟ فإذا تعدى هذا النوع من الإجابة إلى محاولة الإجابة عن لماذا تتم هذه الظاهرة أو تلك ؟ لم يعد هذا المنهج علميا، بل لا مفر من وصفه بالحدس والتخمين، وتفسير الإرادة، والبحث عن الحكمة الإلهية في وجود هذه الظواهر ([34]).
والنظرة الفاحصة للأخذ والرد بين مثبتي التعليل ونفاته يظهر منها أن مبدأ التعليل ليس فيه كبير خلاف فعامة منكري التعليل أثبتوا العلل الأول(العلل التعليمية) وإن أنكروا العلل الثواني(العلل القياسية) والعلل الثوالث(العلل الجدلية النظرية)([35]).
«وقياس العلة معمول به عند العلماء كافة...ويستدل على صحة العلة بالتأثير وشهادة الأصول»([36]).
«والواقع أن العلة قديمة في البحث النحوي، ولكنها تطورت بعد اتصال النحاة بالمنطق الأرسطي»([37]).
التبسيط على مستوى الترتيب والتصنيف
وكما كانت اللغة التي كتبت بها كتب النحو لغة قاسية جاسية ممتنعة فقد كان ترتيب هذه الكتب وتصنيفها عصيا على الشُّداة مما استرعى انتباه أئمة النحو ودعاهم لإعادة ترتيبه وسلكوا في ذلك مسالك متباينة و ترتبت على إعادة الترتيب مشكلات متعددة، ومن أوائل من تفطن لذلك المبرد حيث أعاد ترتيب النحو المضمن في كتاب سيبويه مع تجنب التكرار والتطويل في كتاب" المقتضب".
وسلك الإمام الزمخشـري مسلكا آخر في ترتيب المادة توخيا لهذا المعنى في كتبه الثلاثة المتدرجة في الطول :
1-"الأنموذج" وهو مختصر جدا.
2-"المفرد والمؤلف" وهو متوسط.
3- ثم ألف "المفصل في صنعة الإعراب" وهو أكثرها تفصيلا ورتبه على أقسام الكلام وقال في مقدمته:
«فأنشأت هذا الكتاب المترجم بكتاب المفصل في صنعة الإعراب مقسوما أربعة أقسام:
- القسم الأول في الأسماء
-القسم الثاني في الأفعال
-القسم الثالث في الحروف
-القسم الرابع في المشترك من أحوالها
وصنفت كلا من هذه الأقسام تصنيفا وفصلت كل صنف منها تفصيلا، حتى رجع كل شيء إلى نصابه واستقر في مركزه.
ولم أدخر فيما جمعت فيه من الفوائد المتكاثرة ونظمت من الفرائد المتناثرة مع الإيجاز غير المخل والتلخيص غير الممل »([38]).
وقد ضربت الكتب المدرسية التي برزت بعد ثورة التيسير النحوي ابتداء من جهود لجنة المعارف وانتهاء بكتب النحو الواضح لعلي الجارم ومصطفى أمين، والنحو الوظيفي لعبد العليم إبراهيم، والواضح في النحو لخير الدين لحلواني ضربت بسهم وافر في تسهيل وتبسيط القواعد النحوية على مستويات الاختصار والوضوح والأصالة وحسن التقسيم والترتيب في حين لم تؤثر ثورة التيسير أي تأثير على المستوى العملي فيما يتعلق بمنهج الدرس النحوي وصمدت نظرية النحو العربي أمام ذلك السيل الجارف.
« وقد أعجب معظم المعاصرين بثورة ابن مضاء، وجعله بعضهم من أوائل اللغويين الذين يدرسون اللغة دراسة وصفية، ولكنهم لم يستطيعوا حتى الآن أن يقيموا للنحو العربي أصولا راسخة يستمدونها من نظريته، وهذا يكفي للدلالة على أنها ليست بشاملة، وأنها عاجزة عن مزاحمة نظرية القدماء »([39]) .
«وفي حوصلة أولى لهذا القسم يمكن أن نزعم أن نظرية الإعراب والبناء ونظام العوامل الذي افترضه القدماء وضبطوا بمقتضاه الوظائف النحوية الأساسية وميزوا بينها وبين غيرها من فضلات وتوابع تبدو بمقتضی فرض راجح ذات كفاية وصفية لا تُنكر وأنها ملائمة لشكل المضمون في اللسان العربي.
ولعل هذا السبب هو الذي يفسر عجز ناقدي التراث عن استبدال نظام العوامل بجهاز تفسیري يعوضه رغم شدة نقدهم له»([40]).
الخاتمة
وبعد هذه الجولة الممتعة في تطور الدرس النحوي منهجا ومادة وأسلوبا يمكن أن نستشف من تلك المطارحات والمماحكات أن التيسير والتبسيط مطلب ملح توجبه طبيعة المادة وضرورة الواقع، وأن هذا التيسير يجب أن ينطلق من الأصول المقررة قبل ابتلاء النحو بلوثات المنطق والفلسفة والعلوم الأخرى، وأنه يجب أن نفرق ونحن ننطلق في الدعوة لهذا التبسيط والتسهيل بين مستويين من مستويات دراسة النحو:
-المستوى الأول: الدرس النظري المتخصص وهو مجال يتسع للتوسع والاستفاضة ولا يضيق عن الاقتراض والعارية من الفنون الأخرى بشرط المحافظة على جوهره وبنيته
-المستوى الثاني: الدرس التعليمي الذي يقدم للشُّداة من تقسمت اوقاتهم الهموم ممن لهم تخصص في مجالات الأخرى ويحتاجون لتعلم بُلغة تمكنهم من فهم الخطاب العربي والتحدث بالفصحى حديثا سالما من الهُجنة والعُجمة.
كما يمكن أن نستشف من تلك المطارحات أن ظاهرة التعقيد في الدرس النحوي معقدة الأسباب متشابكة المقتضيات فمنها ما يرجع للمتلَقي ومنها ما يرجع للكتاب المدروس ومنها ما يرجع للأستاذ والمُعلم ومنها ما يرجع للسياسات التعليمية والتربوية كما ان منها ما يرجع للمروث النحوي المختلط المتشاجِرِ وأيُّ اختزال لهذا التعقيد يخل بالضرورة بالتبسيط المنشود وينحرف به عن جادة البحث العلمي الموضوعي.
فهرس المصادر والمراجع
إبراهيم مصطفى، إحياء النحو، الطبعة الثانية 1413هـ-1992 القاهرة.
ابن جنّي، أبو الفتح، الخصائص، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الرابعة.
ابن حزم، مراتب العلوم ضمن رسائل ابن حزم، تحقيق إحسان عباس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1983م.
ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، تحقيق خليل شحادة، دار الفكر، بيروت، الطبعة: الثانية، 1408 هـ - 1988 م.
أحمد مختار عمر ، البحث اللغوي عند العرب مع دراسة لقضية التأثير والتأثر، عالم الكتب، الطبعة السادسة 1988م.
أمين الخولي، مناهج تجديد في النحو واللغة والبلاغة والأدب، دار المعرفة، الطبعة الأولى سبتمبر1961م.
الأنباري= أبو البركات، لُمع الأدلة في أصول النحو، قدم له وحققه سعيد الأفغاني، مطبعة الجامعة السورية 1377هـ-1957م.
تمام حسان، اللغة بين المعيارية والوصفية، عالم الكتب، القاهرة، الطبعة الرابعة2000م.
التوحيدي، أبو حيان، الإمتاع والمؤانسة، لمكتبة العنصرية، بيروت، الطبعة: الأولى، 1424 هـ.
الجاحظ، الرسائل الأدبية، دار ومكتبة الهلال، بيروت، الطبعة: الثانية، 1423 ه.
الداوودي، طبقات المفسرين، دار الكتب العلمية – بيروت، لجنة من العلماء بإشراف الناشر.
الراجحي، عبدُه، النحو العربي والدرس الحديث، بحث في المنهج، دار النهضة العربية للطباعة والنشر-بيروت،1979م.
الزَّجَّاجي، الإيضاح في علل النحو، تحقيق لدكتور مازن المبارك، دار النفائس – بيروت، الطبعة الخامسة، 1406 هـ -1986 م.
الزمخشري=جار الله، لمفصل في صنعة الإعراب، تحقيق د. علي بو ملحم، مكتبة الهلال – بيروت، الطبعة: الأولى، 1993.
السامرَّائي، إبراهيم، النحو العربي في مواجهة العصر، دار الجيل-بيروت، الطبعة الأولى1415هـ-1995م.
شوقي ضيف، تيسير النحو والكتابة، منشور ضمن كتابه مجمع اللغة العربية في خمسين عاما، الطبعة الأولى 1404هـ-1984م.
عباس حسن، اللغة والنحو بين القديم والحديث، دار المعارف بمصر1966م.
عبد الحميد مصطفى السيد ، نظرية العامل في النحو العربي، منشور في مجلة جامعة دمشق المجلد18 العدد(3+4) 2002 - كلية العلوم والآداب الجامعة الهاشمية.
عبد الوارث مبروك سعيد، في إصلاح النحو العربي، دراسة نقدية، دار القلم، الكويت، الطبعة الأولى 1406هـ-1985م.
عز الدين مجدوب، المنوال النحوي العربي دراسة لسانية جديدة، كلية الآداب- سوسة، دار محمد علي الحامي، الجمهورية التونسية، الطبعة الأولى ديسمبر1998م.
عكيلي، حسن منديل حسن، محاولات التيسير النحوي الحديثة، دراسة وتصنيف وتطبيق، دار الكتب العلمية ط2002م.
محمد خير الحلواني، أصول النحو العربي، الناشر الأطلسي، الرباط 1983م.
([1]) من ذلك مؤتمر دعت له الإدارة الثقافية في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، المجامع اللغوية العلمية في مصر وسوريا والعراق، ومندوبي الدول العربية التي ليست فيها مجمع، فعقد المؤتمر في دمشق عام (1956غ)، وشارك فيه عدد من أصحاب التيسير، منهم مصطفی جواد، وإبراهيم مصطفى، وطه حسين، وعارف الكندي، وغيرهم، وألقى الدكتور طه حسين محاضرة حول التيسير النحوي. وقد درس المؤتمر مقترحات وزارة التربية والتعليم في مصر، ومجمع اللغة العربية المصري، فوجداها تحتاج إلى زيادة في البحث والتمحيص، فقررا تأجيل النظر فيها إلى مؤتمر آخر.
وعقد اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية ندوات في بلدان عربية أخرى عنيت بتيسير النحو العربي منها: مؤتمر "ترقية اللغة العربية" الذي عقد في مقر محمع دمشق سنة (1956غ) ندوة الجزائر سنة (1976غ) باسم: "تيسير تعليم اللغة العربية"، ومنها ندوة في مجمع اللغة العربية الأردني سنة (1978غ).
وعقد مؤتمر آخر في الجزائر سنة (2001غ) بعنوان: "أعمال ندوة تيسير النحو" برعاية المجلس الأعلى اللغة العربية، وقد شارك في هذا المؤتمر عدد من الباحثين من القطر الجزائري، وتنوعت مداخلاتهم وأفكارهم حول التيسير النحوي.
وعقد مؤتمر آخر بدمشق سنة (2002غ) بعنوان: "مؤتمر تيسير تعليم النحو"، وقد شارك فيه خمسة وعشرون باحثا من القطر العربي السوري، وكانت بحوثهم في إطار أربعة محاور : أسس تعليم النحو وتيسيره، ومشکلات تدريس النحو، وتيسير تعليم مباحث النحو، وأساليب تدريس النحو في مختلف المراحل الدراسية وتيسيرها. انظر: محاولات التيسير النحوي الحديثة ، ص 5.
([2]) انظر: نظرية العامل في النحو العربي، الدكتور عبد الحميد مصطفى السيد ص43 .
([3]) الإمتاع والمؤانسة، أبي حيان التوحيدي ص 253.
([4]) الرسائل الأدبية، الجاحظ ص 205.
([5]) ما يدعى من تأثر الدرس النحوي بالمنطق الأرسطي لا يمكن البرهان عليه قبل القرن الثالث الهجري، انظر للتفصيل النحو العربي والدرس الحديث، عبده الراجحي ص 65.
([6]) ابن خلدون: «وهكذا العلم بقوانين الإعراب مع هذه الملكة في نفسها فإنّ العلم بقوانين الإعراب إنّما هو علم بكيفيّة العمل وليس هو نفس العمل ولذلك نجد كثيرا من جهابذة النّحاة والمهرة في صناعة العربيّة المحيطين علما بتلك القوانين إذا سئل في كتابة سطرين إلى أخيه أو ذي مودّته أو شكوى ظلامة أو قصد من قُصوده أخطأ فيها عن الصّواب وأكثر من اللّحن ولم يجد تأليف الكلام لذلك والعبارة عن المقصود على أساليب اللّسان العربيّ.
وكذا نجد كثيرا ممّن يحسن هذه الملكة ويجيد الفنّين من المنظوم والمنثور وهو لا يحسن إعراب الفاعل من المفعول ولا المرفوع من المجرور ولا شيئا من قوانين صناعة العربيّة، فمن هذا تعلم أنّ تلك الملكة هي غير صناعة العربيّة وأنّها مستغنية عنها بالجملة» تاريخ ابن خلدون1/773.
([7]) يستثنى من هذا التعميم ما ينسب لابن ولاد المصري ت(232هـ) وأبي العلاء المعري ت(449هــ) وابن حزم الأندلسي ت(456هـ) انظر: البحث اللغوي عند العرب مع دراسة لقضية التأثير والتأثر، أحمد مختار عمر ص 157، رسالة مراتب العلوم ضمن رسائل ابن حزم 4/66.
([8]) إشارة إلى رأي محمد بن المستنير الملقب بقطرب ت206 فقد نقل عنه أبو القاسم الزجاجي أن العرب أعربت كلامَها طلبا للاعتدال بين السرعة الحاصلة بتحريكه جميعًا، والمهلة والبطء الحاصل بتسكينه وصلا ووقفا انظر: الإيضاح في علل النحو ص 70-71.
([9]) من أشهر هؤلاء إبراهيم مصطفى(إحياء النحو) مهدي المخزومي(في النحو العربي فقه وتوجيه)، تمام حسان في أربعة من كتبه: (مناهج البحث في اللغة)و(اللغة بين المعيارية والوصفية)و( اللغة العربية مبناها ومعناها)و(الأصول)، ومحمد أحمد برانق (النحو المنهجي) شوقي ضيف في مقدمة (الرد على النحاة) و(تيسير النحو) وغيرهما، إبراهيم أنيس (من أسرار اللغة) و داود عبده(نحو تعلم اللغة وظيفيا)، عبد الرحمن أيوب (دراسات نقدية في النحو العربي) قدم له إبراهيم مصطفى.
([10]) ومن أشهر من رد على هذه النزعة من علماء الأزهر محمد أحمد عرفة في كتابه (النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة) ومحمد الخضر حسين شيخ الأزهر التونسي في مقال بعنوان (حول تبسيط قواعد النحو والصرف والرد عليها) نشر في مجلة الهداية الإسلامية في عددي شعبان ورمضان من عام(1357هـ) وكانت ردا على تقرير لجنة النظر في قواعد النحو والصرف والبلاغة.
([11]) انظر: إحياء النحو، إبراهيم مصطفى ص50.
([12]) انظر: إحياء النحو ص 109.
([13]) انظر: تيسير النحو والكتابة، شوقي ضيف، ص 169-172 ، منشور ضمن كتابه مجمع اللغة العربية في خمسين عاما.
([14]) انظر: مناهج تجديد في النحو واللغة والبلاغة والأدب، أمين الخولي ص 41.
([15]) صاحب كتاب" مناهج تجديد في النحو واللغة والبلاغة والأدب" وكتاب "تبسيط قواعد اللغة العربية وتبويبها على أساس منطقي جديد".
([16]) صاحب كتاب" نظريات في اللغة".
([17]) صاحب كتاب"المفتاح لتعريب النحو".
([18]) أصول النحو العربي، محمد خير الحلواني ص 216.
([19]) يعتبر الدكتور شوقي ضيف من أكبر المهتمين بتيسير النحو العربي تنظيرا وتطبيقا، وله اجتهادات كثيرة جمع فيها ما بين الدراسة التاريخية والدراسة النقدية، وأهم هذه الدراسات:
1-تحقيق كتاب "الرد على النحاة لابن مضاء القرطبي وتصديره بمقدمة مطولة له، مؤيدا لابن مضاء
وداعيا للاستجابة لدعوته. وهذا سنة (1947غ).
2-"تجديد النحو" سنة (1982غ).
3-"تيسير النحو التعليمي قديما وحديثا مع نهج تجديده" سنة (1986غ).
4-"تيسيرات لغوية" سنة (1990غ).
وتمثل هذه الكتب منهجه الخاص ونظرته في تجديد النحو العربي وتيسيره، وتتلخص في ستة أسس ذكر ثلاثة منها في مقدمة "الرد على النحاة" ثم جعلها ستة في كتابه "النحو الجديد"، ثم شرحها في كتاب "تيسير النحو التعليمى قديما وحديثا مع نهج تجديده".
([20]) يحسن التنبيه إلى أن أمين الخولي تجاوز المذكورين معه في حدود التبسيط النحوي وانتهج أسلوبا أكثر اتساعا عندما دعا إلى تجديد الإعراب بالترخص بكل ما له وجه في كلام العرب ولو كان شاذا بل ولو أدى إلى تركيب المذاهب انظر: مناهج تجديد البلاغة والنحو والأدب ص 51-53.
([21]) الدكتور مصطفى جواد من أوائل النحاة المعاصرين الذين نبهوا إلى صعوبة النحو العربي و مشکلات العربية، وقد حاول علاج ذلك من خلال مجموعة من المقالات والبحوث المتعددة، منها ما نشره في مجلة لغة العرب سنة (1931غ) بعنوان "كيفية إصلاح العربية" ورأى أن الإصلاح يتلخص في تعميم القياس في القاعدة فيدخل في ذلك الشواذ، وفي عد كل مقیس فصيحا وجواز استعماله، وفي ترك تعليل الإعراب في النحويات ومن مقالاته كذلك ما نشره في مجلة "المعلم الجديد" سنة (1940غ) بعنوان: "مشکلات اللغة العربية وحلها".
([22]) عني الدكتور مهدي المخزومي بالتيسير النحوي منذ بداية رحلته العلمية مع النحو ودراسة اللغة،
وأهم مؤلفاته التي عنيت بالتيسير النحوي هي:
1- مدرسة الكوفة ومنهجها في دراسة اللغة والنحو، وهي رسالته للدكتوراه سنة (1953م) من جامعة
القاهرة، ناقش فيه محاولات التيسير التي ظهرت منذ عصر ابن مضاء إلى زمن تأليفه.
2- "النحو العربي نقد وتوجيه" قدم له شيخه مصطفى السقا سنة (1964م)، وفي هذا ضمنه أشهر آرائه التجديدية، وشرح فيه الأصول الحديثة التي يحتاج إليها علم النحو لتطويره وتجديده.
([23]) أبطل الدكتور إبراهيم السامرائي، مسألة العلة والعامل في كتابه "النحو العربي نقد وبناء" المؤلف سنة (1968غ) ، وأخذ بالمنهج الوصفي في دراسته اللغة، وقد قسم كتابه إلى قسم لغوي يدرس أصوات العربية والكلمة وبناءها والأسماء وما تشتمل عليه، وقسم نحوي يدرس أنواع الجملة والأفعال وأنواع الإعراب والمرفوعات والمنصوبات والجر والتوابع، ويرى أن هذه المواد التي ينبغي لطالب النحو أن يتزود بها، ولكن ذلك لا يغني عن معرفة النحو القديم معرفة جيدة تقف على الأصول والفروع وعلى الأساليب التي درج عليها الأقدمون».
([24]) عني الدكتور أحمد عبد الستار الجواري بالنحو تأليفا وتدریسا مدة طويلة، فكانت له في تجديده وتيسيره آراء و نظرات ضمنها كتبه الأربعة وهي: "نحو التيسير" سنة (1962غ)، وكانت بدايات الكتاب وأصوله سنة (1948غ)، و"نحو القرآن" و"نحو الفعل" سنة (1974غ)، ونحو المعاني سنة(1987غ)، وله بحوث متناثرة في مراحل حياته العلمية.
([25]) فند هذه الدعوى الباطلة الدكتور إبراهيم السامرائي في كتابه النحو العربي في مواجهة العصر ص 11-12.
([26]) أفاض في عرض معركة التيسير تاريخا ومادة عبد الوارث مبروك سعيد في كتابه النحو العربي دراسة نقدية.
([27]) «وعلى رأس هذه العيوب تعدد الآراء وكثرة الخلافات حول المسألة الواحدة، حتى ليستطيع الباحث أن يرى الرأي فيقول وهو آمن: إن هناك رأيا آخر يناقضه، من غير أن يكلف نفسه مشقة الاطلاع، والجري وراء هذا النقيض، ذلك أنه يعلم من طول ممارسة النحو، والنظر في قواعده، أن الواحدة منها لا تخلو من رأيين، أو آراء متعارضة» اللغة والنحو بين القديم والحديث، عباس حسن ص 66.
([28]) «الفصل الخمسون في أن ملكة هذا اللسان غير صناعة العربية ومستغنية عنها في التعليم
والسّبب في ذلك أنّ صناعة العربيّة إنّما هي معرفة قوانين هذه الملكة ومقاييسها خاصّة.
فهو علم بكيفيّة لا نفس كيفيّة، فليست نفس الملكة وإنّما هي بمثابة من يعرف صناعة من الصّنائع علما ولا يحكمها عملا» انظر: تاريخ ابن خلدون 1/772.
([29]) تاريخ ابن خلدون1/774.
([30]) في كتب النحو والتاريخ والأدب قصص كثيرة تشير إلى تذمر العلماء من إسراف النحاة في التعليل و من ذلك كلام أبي علي الفارسي (377هـ) في نحو الرماني ت(384هـ) والأبيات الشهيرة المنسوبة لابن فارس ت(395هـ)
مَرَّت بنا هيفاء مقدودة
تركيّة تُنمى لتركيّ
ترنو بطرف فاتنٍ فاترٍ
كأنَّه حجة نحويّ
انظر: طبقات المفسرين للداوودي1/62.
([31]) إشارة إلى ابي الفتح ابن جني ت(392) حيث يقول: «اعلم أن علل النحويين -وأعني بذلك حذاقهم المتقنين لا ألفافهم المستضعفين- أقربُ إلى علل المتكلمين منها إلى علل المتفقهين.
وذلك أنهم إنما يحيلون على الحس ويحتجون فيه بثقل الحال أو خفتها على النفس وليس كذلك حديث علل الفقه. وذلك أنها إنما هي أعلام وأمارات لوقوع الأحكام ووجوه الحكمة فيها خفية عنا غير بادية الصفحة4 لنا» الخصائص1/49.
([32]) في إصلاح النحو العربي، دراسة نقدية، عبد الوارث مبروك ص31.
([33]) اللغة والنحو بين القديم والحديث، عباس حسن ص 135.
([34]) انظر: اللغة بين المعيارية والوصفية، تمام حسان، ص 50.
([35]) انظر تقسيم العلل إلى الأنواع الثلاثة: تعليمية، وقياسية، وجدلية في الإيضاح لعلل النحو ص 64.
([36]) لُمع الأدلة في أصول النحو، أبي البركات الأنباري، ص 105-106.
([37]) أصول التفكير النحوي، علي أبو المكارم، ص 109.
([38]) المفصل ص 20.
([39]) أصول النحو العربي، محمد خير الحلواني ص 216.
([40]) المنوال النحوي العربي، عز الدين مجدوب ص 323.