في إطار احتفاليات الأسبوع الوطني للغة العربية: محاضرة حول "هجرة الأرقام العربية غربا نحو أوربا"

ثلاثاء, 12/21/2021 - 20:54

في إطار احتفاليات الأسبوع الوطني للغة العربية، نظم مجلس اللسان العربي بموريتانيا مساء 20 دجنبر 2021/ 16 جمادى الأولى 1443هـ، بالتنسيق مع الهيئات العاملة على التمكين للغة العربية، محاضرة بعنوان: "قصة هجرة الأرقام العربية غربا نحو أوروبا".

قدم المحاضرة الدكتور الخميني مولاي علي  الأستاذ المحاضر بالمعهد المهني بحامعة نواكشوط ورئيس جمعية ترقية الرياضيات في موريتانيا، وشارك في إثرائها البروفيسور محمدن أحمدو أستاذ الرياضيات بجامعة غيسن بألمانيا، وأدارها الأمين العام لمجلس اللسان العربي الدكتور البكاي عبد المالك الذي رحب في مستهل حديثه بالمحاضر وبالأستاذ الزائر البروفيسور محمدن أحمدو وبالحضور من باحثين ومهتمين، منوها أننا "نحضر هذا المساء لهذه الجلسة العلمية بامتياز"؛ لأن الرياضيات تحتل في نسق المعرفة  المرتبة الأولى نظرا لطابعها المجرد ونظرا ليقينية هذا العلم؛ فكل علم فيه نسبة من الشك إلا الرياضيات فدرجة يقينيتها وبساطتها وضوح براهينها  جعلها تحتل المرتبة الأولى في سلم المعرفة في جميع التصنيفات، ومبرزا أهمية الرياضيات والإسهام الذي قدمته الحضارة العربية في مجال العلوم والرياضيات؛ فالعلم العربي كان هو العلم الرائد خلال الحقبة الوسيطة، كما يشهد بذلك كبار مؤرخي العلم الغربيين، وإن كان هذا العلم يقوم على بنية يونانية هلنستية، أو يونانية رومانية، إلا أنه مع ذلك كان أكثر تطورا لإضافته الطابع التجريبي، واشتغاله على التجربة، بينما كان العلم اليوناني يطغى عليه الطابع النظري؛ والعلم الغربي مدين للعلم العربي بهذا الروح التجريبي كما يشهد بذلك كبار مؤرخي العلم الغربي.

استهل المحاضر حديثه عن هجرة الأرقام العربية من جنوب غرب المتوسط إلى شماله الغربي. بشرح المفاهيم ذات الصلة بموضوع المحاضرة: مفهوم الارقام العربية، شكل الارقام وطريقة كتابتها، والحساب العشري الذي ظهر مع هذه الأرقام وانتشر بدل حساب الجمل، ومفهوم العربية الذي يقصد به في هذا السياق الحضارة التى كانت العربية لغتها بغض النظر عن أعراق الناس وأصولهم، ومفهوم أروبا في هذا السياق الذي لا  يشمل اليونان والامبراطورية الرومانية الشرقية، ومفهوم العدد والرقم والفرق دقيق بينهما.

لينتقل بعد ذلك إلى  قصة هجرة الأرقام العربية وطرق حسابها الى أوربا؛ حيث تهيأت  الظروف لذلك  بداية الربع  الأخير من القرن الثانى عشر الميلادي على يد إبن  صيرفي لاتيني  هو ليوناردو بيزا الذى كان أبوه قليليلمو بوناتشى  ثريا يعمل في الصيرفة وجمركة الموانئ. وقد نقلته  ظروف عمله  للإقامة في بجاية الموجودة غرب الجزائر.

فى هذه المدينة سينشأ ليوناردو ويتلقى تعليمه الأولي؛ فيتعلم العربية، ثم يجلس لدروس الرياضيات على شيخه الذي يدعوه سى عمر. وطوال الاعوام التالية سيشتغل ليوناردو الذي سيشتهر باسم فيبوناتشي، بالحساب القائم على الاساس العشري والذى لم يكن معروفا فى أوروبا التى كانت تستعمل الحساب الروماني القديم. ولا يكتفى فيبوناتشي بما تلقاه فى بجاية، بل يسافر مرارا بطول البحرالمتوسط  فيأخذ من تونس ومصر والشام. وفى سن السابعة والعشرين ينشر كتابه الأول الذى سيغير تاريخ الرياضيات فى أوروبا: libre abaci  كتاب الحساب، الذي بسط فيه قواعد الحساب على الاساس العشري الذى لم يكن معروفا فى شمال المتوسط لينتشر بشكل باهر حتى يصبح اليوم نظام الحساب فى كل أرجاء المعمورة.