توفي مساء ألأحد (03 ذي القعدة 1445/ 11 مايو 2024غ) في انواكشوط العلامة محمد يحيى بن سيداحمد اللوه عن عمر بلغ 87 سنة، قضاها في بث العلم وتدريسه وخدمة الكتاب.
وبوفاته فقدت الساحة العلمية والأدبية واحدا من العلماء العاملين والكتاب المؤلفين والشعراء المجيدين من رعيل العلماء الشناقطة الموسوعيين الذين غمرهم الزهد والتواضع.
كرس الراحل حياته للعلم والتعليم والتأليف، وبنى على مر العقود مكتبة عظيمة زاخرة تعد بحق أضخم مكتبات التراث الإسلامي في هذه البلاد، تشتمل على جميع المعارف.
تلقى محمد يحيى التعليم المحظري مدة شبابه وكرس جهده وكسبه لنسخ واقتناء الكتب، وكان يدرس جميع الفنون المحظرية، وتخصص في بحوث السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي وعلوم العربية، نحوا وصرفا ولغة، ثم طلب منه العلامة المختار بن حامدن الانضمام إليه في المعهد الموريتاني للبحث العلمي فالتحق به، وظل باحثا ومحققا به حتى التقاعد من الوظيفة الرسمية.
لكنه استمر في وظيفته العملية؛ حيث تفرغ للتدريس المحظري وظلت مكتبته الثرية قبلة لطلاب العلم والباحثين من الموريتانيين والعرب والأجانب.
كما درس وحاضر في محاظر ومنابر أخرى، وتولى كرسي السيرة النبوية الشريفة في قناة المحظرة وإذاعة القرآن الكريم في شبكة إذاعة موريتانيا.
أغرم الشيخ يحيى منذ نعومة أظفاره بعلوم السيرة النبوية وأنساب العرب وفنون التاريخ النبوي والإسلامي؛ فدرس على والدته وجدته أنظام جده أحمد البدوي بن محمدا المجلسي، حتى صار مرجعا فيها وعنوانا لدراساتها.
وفي هذا المجال ألف كتبا شاملة وحقق مخطوطات نفيسة من التراث الموريتاني.
ومن أبرز مؤلفاته المنشورة:
ـ سموط الذهب في شرح نظم أنساب العرب (ثمانية مجلدات).
ـ الأزهار الندية في تاريخ وأعلام المجلسية، وهو موسوعة في التاريخ الموريتاني والأنساب والآداب (أربعة مجلدات).
ـ الإشعاع المحظري في تاريخ المحظرة وما يتعلق بها من مناهج وآداب وأشعار وشيوخ (مجلدان).
ـ شرح نظم الشهداء للمرابط بن متالي، واختصاره.
ـ تحفة الطلاب بتذييل وشرح نظم خاتمة الغزوات والأنساب لأحمد البدوي بن محمدا المجلسي.
ـ شرح نظم أمهات النبي ـ صلى الله عليه سلم ـ لـ اجكاني بن الشيخ المجلسي (مخطوط).
ـ تحقيق وشرح نظم سيرة يحظيه بن عبد الودود (اباه) لممو بن عبد الحميد الجكني (مخطوط).
ـ شرح وتحقيق نظم هزليات بني ديمان للشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيديا (مخطوط).
ـ أنظام علمية وتوشيحات ومشاركات بحثية كثيرة.
أما المجال الذي برع فيه الشيخ محمد يحيى وكان له ديدنا ومعلما فهو الشعر؛ فقد دأب على صوغه منذ الصغر فكان سليقة له، عليما متبحرا في جميع بحوره الخليلية ناظما له فيها كلها، وفي شتى الأغراض المعروفة؛ فله خاصة ديوان الشباب والديار والإخوانيات، وديوان قصائد المناسبات الوطنية، وديوان التوجيه والدعوة، وديوان القضايا القومية العربية والإسلامية التي تهم الأمة كلها...
*
وبهذه المناسبة فإن مجلس اللسان العربي بموريتانيا يتوجه بخالص التعزية وصادق المواساة إلى أسرة الفقيد وطلابه وإلى الشعب الموريتاني والأمة كافة، سائلا المولى جلت قدرته أن يتغمده بواسع رحمته ويبوئه الجنة مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.
إنا لله وإنا إليه راجعون.