وزير الثقافة الموريتاني يحاضر في الأسبوع العربي باليونيسكو - باريس

أربعاء, 11/06/2024 - 17:47

قدم معالي وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، السيد الحسين ولد مدو، صباح يوم الثلاثاء 03 جمادى الأولى 1446 – الموافق 05 نوفمبر 2024 غ محاضرة تحت عنوان: "اللغة العربية في موريتانيا منارة بالداخل وسفارة في الخارج" وذلك ضمن فعاليات افتتاح الدورة الأولى للأسبوع العربي، بمقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في باريس.

وخلال هذه المحاضرة الافتتاحية للأسبوع العربي، أبرز معالي الوزير مكانة اللغة العربية عند الموريتانيين وعنايتهم بها وحرصهم على التمكين للغة العربية في أرجاء العالم عبر السفارة الثقافية، التي مثلها علماء لغة وأدباء تصدروا لها تدريسا.

وإليكم نص المحاضرة:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

 

السيدة المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)،

أصحاب المعالي الوزراء ورؤساء البعثات،

 أصحاب السعادة سفراء الدول الأعضاء،

أيها الحضور الكريم،

 

اسمحوا لي في البدء أن أعبر لكم في منظمتنا (اليونسكو) عن عميق الشكر على هذه اللفتة الكريمة الموفقة تجاه الثقافة العربية... التي تعكس مكانتها المستحقة الجديرة بالاحتفاء وتترجم الإرادة المقدرة لمنظمة اليونسكو في ترقية اللغة العربية لغة القرآن وحاضنة القيم والمعارف.

وإنها سانحة كذلك لتقديم جزيل العرفان للملكة العربية السعودية على ما بذلته وتبذله دوما من أجل اللغة والثقافة العربية وعلى كريم رعايتها لانطلاقة هذا الأسبوع.

 

أيها السادة والسيدات..

يحصل لي عظيم الشرف بالمشاركة إلى جانبكم في الندوة الفكرية المنظمة بهذه المناسبة وقد أثرت المساهمة باستعراض تاريخ وواقع اللغة العربية ببلدي بموريتانيا بوصف هذه اللغة منارة متأصلة بالداخل وسفارة متنقلة للخارج، وهي فرصة ثمينة لاستحضار عطاء الموريتانيين الثري واستذكار عملهم الدؤوب على التمكين للغة العربية تنشئة، تملكا ونشرا، يتملكون العربية وينفسون الشعر تلك سيرتهم وذاك مسارهم.

في النصف الثاني من القرن الحادي عشر هجري (الموافق بدايات القرن السابع عشر ميلادي) وحين كانت اللغة العربية تعيش في مراكزها بالمشرق العربي، ما اصطلح على تسميته ب "عصر الانحطاط" كانت تباشير ازدهارها وتطورها تملأ أفق بلاد شنقيط أو ما يعرف اليوم بموريتانيا، فظهرت كوكبة من العلماء والشعراء أسست لنهضة علمية وأدبية خرجت على الكثير من المسلمات، وحطمت العديد من النمطيات التي درج الباحثون والمختصون والمهتمون على تبنيها والحكم بإطلاقيتها، فبعد أن كانت الصحاري الجرداء لا تنتج المعارف، وبعد أن كان البدو الرحل لا يتعاطون المعرفة، وبعد أن عرفت القرون 17 و 18 و 19 في أدبيات التحقيب التاريخي بقرون الانحطاط... بعد كل ذلك، استطاع أهل بلاد شنقيط أن يعيدوا مساءلة تلك السرديات؛ فأصبحت الصحراء فضاء خصبا لإنتاج المعرفة، وأصبح البدو الرحل متعاطين احترافيا للمعارف، كما أصبح عصر الانحطاط محدودا بحيز جغرافي معروف.

فما إن أظلت نهايات القرن الحادي عشر هجري (بدايات القرن السابع عشر ميلادي) حتى اكتملت معالم النهضة العربية (اللغوية والأدبية) ببلاد شنقيط مع تلك الكوكبة التي أعادت للغة والأدب العربيين ألقهما.

لقد بعثوا أمجاد الجاحظ وابن قتيبة وسيبويه والفراهيدي، والفرزدق وأبي العتاهية وبشار بن برد والمتنبي..

مع جيل محمذن ولد بو المختار (الذئب الكبير) وابن رازك وبوفمين والمختار بن بونا ومحمد اليدالي والشيخ سيدي المختار وغيرهم من معاصريهم مع هذا الجيل كانت اللبنة الأولى لثورة علمية لم تؤسس للنهضة اللغوية الأدبية الشنقيطية فحسب وإنما بعثت أمجاد اللغة والأدب العربيين وأعادت لهما شبابهما ونضارتهما.

واستلم الراية جيل آخر عض عليها بالنواجذ، فحفظ عهدها بقوة، وأدى حقوقها بأمانة، إنه ذلك الجيل الذهبي الذي بدأ مع جوهرة شعراء شنقيط شاعر تيرس امحمد ولد الطلبه، الذي قال عنه الشيخ الجليل محمذن فال ولد متالي، إعجابا بقوة لغته وأصالتها، هذا جاهلي أخره الله.

وكان ولد الطلبه مولعا بمجاراة ومعارضة الشعراء القدامى إذ عارض في قصائده الشماخ بن ضرار وميمون بن قيس (الأعشى) وحميد بن ثور الهلالي.

ثم جاء بعده الشيخ سيدي محمد ولد الشيخ سيدي:

 

وكم سَامَرْتُ سُمَّارًا فُتُوًا ** إلى المَجْدِ انتَمَوْا مِن مَحْتِدَيْنِ

حَوَوْا أَدْبًا عَلَى حَسَبٍ فَدَاسُوا ** أَدِيمَ الْفَرْقَدَيْنِ بِأَخْمَصَيْنِ

أذاكرُ جَمْعَهُمْ وَيُذَاكِرُونِي ** بِكُلِّ تَخَالُفٍ في مذْهَبيْنِ

كَخُلْفِ اللَّيْثِ وَالنُّعْمَانِ طَوْرًا ** وخُلْفِ الأَشْعَرِيِّ مَعَ الْجُوَيْنِي

وأوْرَادِ الْجُنَيْدِ وَفِرْقَتَيْهِ ** إذَا وَرَدُوا شَرَابَ الْمَشْرَبَيْنِ

وأقْوالِ الخَليلِ وسيبَويه ** وأهْلَيْ كُوفَةٍ والأخْفَشيْن

نُوضِّحُ حَيْثُ تَلْتَبِسُ الْمَعَانِي ** دقيقَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ

وأطْوَارًا نَمِيلُ لذِكْرِ دارَا ** وكسْرَى الْفَارِسِيِّ وَذِي رُعَيْنِ

ونَحْوَ السِّتَّةِ الشُّعَرَاءِ ننْحُو ** ونَحْوَ مُهَلْهَلٍ وَمُرَقَّشَيْنِ

وشِعْرَ الأَعْمَيَيْنِ إِذَا أَرَدْنَا ** وإن شِئْنَا فَشِعْرَ الْأَعْشَيَيْنِ

ونَذْهَبُ تَارَةً لأبي نَواسٍ ** ونَذْهبُ تَارةً لابنِ الحُسيْنِ

 

ومحمدُّو ولد محمدي وعبد الله سيدي محمود...

 

ما كنتَ مذْ زمن ترجوه هذاؤه ** هذا شفيع الورى بشراك هذاؤه

هذا العتيق وذا أبو الفتوح وذو ** أهل البقيع أحباه وأبناؤه

 

والكثير من الأسماء التي يضيق المقام والمقال عن حصرها أو حصر ميزاتها.

 

ما إن استوى العطاء اللغوي الأدبي الشنقيطي على جوديّه حتى بدأ إشعاعه يتجاوز الحيز الجغرافي الموريتاني الضيق إلى الفضاء العربي الواسع بل والفضاء العالمي أيضا، فبدأ سفراء اللغة والأدب يجوبون أصقاع المعمورة، معرفين بهذا الكنز الثري الرائع، ومساهمين في نهضة اللغة العربية في كل البلدان التي مروا بها، أو ألقوا بها عصا الترحال؛ لتغدو مفردة "الشنقيطي" إحالة تلقائية وعفوية إلى اللغة العربية وإلى الأدب العربي وإلى التبحر فيهما.

كانت بلاد شنقيط أو موريتانيا منارة إشعاع وفي ذلك يقول الدكتور محيي الدين صابر المدير العام الأسبق للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إن الشناقطة (الموريتانيين) هم الممثلون الأوفياء للثقافة العربية الإسلامية في نقائها وأصالتها، وإنهم سدنتها في قاصية ديار الإسلام المرابطون في ثغورها حفاظا عليها ونشرا لها وإشعاعا بها.

وقد كان ذلك واقعا، فقد مارسوا بها السفارة من حولهم، ليس في إفريقيا فقط، بل أيضا في آسيا وأوروبا، وبآثار باقية في القارة الأمريكية، وقد امتد ذلك الأثر في الحقب الأخيرة إلى أوقيانوسيا. بل إن تلك السفارة نشطت في رجع صدى لافت في البلاد العربية ذاتها بما فيها بلاد الحرمين والجزيرة العربية وبلاد الرافدين والهلال الخصيب، وفي مصر والسودان، فضلا عن بلدان المغرب العربي.

لقد استقبلت هذه المناطق كلها بترحاب كبير سفراء المحضرة الشنقيطية المتصدرين في اللغة العربية وعلومها، وبوأهم أهل العلم فيها مبوأ صدق على كرسي الأستاذية تدريسا ومحاضرة وتأليفا وتحقيقا وتصدرا في محافل الأدب والفكر والثقافة.

ومن هذه النماذج محمد محمود ولد التلاميد التركزي أول من قدم الدرس الألسني بالأزهر الشريف أمام كبار علماء الأزهر، وسلموا له زمام اللغة العربية وقد استعرض طه حسين في كتابه "الأيام"، ما استجد على يديه من اهتمام بدرس اللغة العربية في الأزهر الشريف، بعد أن كان غائبا؛ وقال عنه إن "كان أولئك الطلبة الكبار يتحدثون بأنهم لم يروا قط ضريبا للشيخ الشنقيطي في حفظ اللغة ورواية الحديث سندا ومتنا عن ظهر قلب"، وقال عنه العلامة رشيد رضا إنه "انتهت إليه الرئاسة في علم اللغة والحديث في هذه الديار" يعني الديار المصرية، وقال عنه الأستاذ أحمد حسن الزيات إنه "آية من آيات الله في حفظ اللغة، والحديث، والشعر، والأخبار، والأمثال، والأنساب، لا يند عن ذهنه من كل أولئك نص، ولا سند، ولا رواية".

 وإلى الشيخ الشنقيطي هذا محمد محمود بن التلاميد، رجع علماء مصر في تحقيق وتصحيح عدد من أمهات الكتب العربية مثل القاموس المحيط للفيروز آبادي والمخصص لابن سيده والخصائص لابن جني وأساس البلاغة للزمخشري والأغاني للأصفهاني، وصارت عبارة "قوبل على نسخة الشيخ الشنقيطي" علامة مسجلة في التحقيق والتوثيق عند الباحثين. وقد ترك الشيخ الشنقيطي أكثر من 2000 مخطوط وقفها على الشناقطة، وما تزال مكتبته إلى اليوم تشغل حيزا مهما في دار الكتب المصرية بالقاهرة.

وقد انتدبه السلطان العثماني عبد الحميد الثاني للسفر إلى أسبانيا للاطلاع على ما فيها من المخطوطات العربية، وحين قرر الملك السويدي أوسكار الثاني عقد مؤتمر المستشرقين عام 1888 طلب من السلطان العثماني عبد الحميد أن ينتدب إليه وفدا برئاسة الشيخ محمد محمود الشنقيطي، وأشرف سفير السويد في مصر على تحضيرات سفر الشيخ الشنقيطي الذي أنشأ بالمناسبة قصيدة طويلة يقول فيها مخاطبا الملك أوسكار الثاني:

عن العرب العرباء جئتك نائبا

وعن أمة الإسلام في العلم والفهم

وفي اللغة الفصحى القريشية التي

بها أثبت القرآن في الصحف بالرسم

 

وقد صرح الشيخ الشنقيطي بأن العربية لغة دبلوماسية ثقافية راقية،

وكان الشيخ الشنقيطي (ولد التلاميد) أحد ثلاثة أسسوا أول مجمع للغة العربية في القاهرة، فإليه وإلى الشيخ محمد عبده والشيخ محمد توفيق البكري، يعود الفضل في الدعوة لاجتماع تأسيسي التحق بهم فيه آخرون، وأسفر بمبادرة أهلية عن تأسيس المجمع بتاريخ يوم 18 مايو من عام 1892، وها هي المجامع اللغوية العربية اليوم تتعدد ليتجاوز عددها العشرة من بينها مجلس اللسان العربي في موريتانيا، صاحب المبادرة في تصميم أول مؤشر لقياس حرمة اللغة العربية في الوسط الحضري، وفي إطلاق أول موقع مجمعي باسم نطاق (دومين) عربي الحروف، إلى جانب اسم نطاق لاتيني الحروف. وقد كان من نتائج تضافر جهود المجامع العربية تحت مظلة اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية، وبدعم من الحاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي اكتمل أول وأكبر معجم تاريخي للغة العربية يتوقع عرضه رسميا، في 127 مجلدا، بعد أيام قليلة في معرض الشارقة للكتاب، وكان للغويين الموريتانيين دور مهم في هذا الإنجاز، كما كان لهم دور مماثل في مشروع آخر، قيد الإنجاز، هو "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية".

ومن بين سفراء شنقيط للغة والعلم الشيخ آبه ولد اخطور (محمد الأمين الشنقيطي) الذي مثل السفارة الشنقيطية اللغوية (والعلمية عموما) في بلاد الحجاز أحسن تمثيل؛ فملأ الدنيا هناك وشغل الناس كما يقال. وفي سياق تبحره اللغوي وعلومها أكثر من غيرها من المجالات العلمية الأخرى.

ومن بين السفارات الشنقيطية اللغوية بالمشرق العربي محمد الأمين ولد فال الخير الحسني، الذي أسس مدرسة النجاة الأهلية، أو مدرسة الشنقيطي، في بلدة الزبير بمحافظة البصرة بالجنوب العراقي، وكانت أول مدرسة أهلية عراقية أنشئت بعد تأسيس المملكة العراقية، وقد تخرج منها عديد المشاهير من العراق ومن دول مجلس التعاون الخليجي.

ومن بين أولئك السفراء كذلك، على سبيل المثال لا الحصر، ابن رازكه والفاضل بن أبي الفاضل الحسني ولمجيدري بن حبيب اللـه، وابن الحاج إبراهيم وأحمد بن الأمين، ومحمد يحيى الولاتي والطالب أحمد بن اطوير الجنه ومحمد الأمين بن زيني، وأبناء مايابى، والشيخ ماء العينين، والبيضاوي، ومدارس الفلاح للشيخ محمود با... فضلا عن مشايخ التصوف الذين كان لهم دور كبير في نشر اللغة العربية وثقافتها،

والربط بها بين شعوب متعددة الألسن والألوان والأماكن.

وفي عصرنا الحديث ظلت بلاد شنقيط (أو موريتانيا) تحافظ على تلك المكانة اللغوية والأدبية، وتشهد على ذلك الكراسي التدريسية والمراكز البحثية والتظاهرات العلمية والمكتبات اللغوية والأدبية.. فمن منا يمكن أن ينسى أولئك المثقفين الكبار الذين تركوا بصماتهم الخالدة وذكرهم العطر من أمثال الشيخ محمد سالم ولد عدود رحمه الله الذي كان حجة في اللغة يرجع إليه الجميع، وقد اختير لعضوية جل مجاميع اللغة العربية، وكذلك الشيخ عبد الله ولد بيه حفظه الله رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة.

يضاف إلى ذلك الدور البارز والمشهود الذي قام به علماء شنقيط ولغويوها في نشر اللغة العربية وعلومها في ربوع أفريقيا، وفي غربها على وجه الخصوص؛ ذلك الجهد الذي أثمر العديد من اللغويين والأدباء البارزين في أفريقيا، عرفتهم جامعات الأزهر والزيتونة والقيروان، كما أصبحت جل اللغات المحلية بغرب أفريقيا مكتوبة بالحرف العربي.

إن هذه المكانة اللغوية والأدبية العربية البارزة التي تبوأتها بلاد شنقيط يعود الفضل فيها إلى النموذج التعليمي المتميز (المحظرة) التي شكلت فارق أهل هذه البلاد بعمق مناهجها واحترافية تدريسها، وهي سانحة لشكركم، في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) على تسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي اللامادي.

ولقد كانت اللغة العربية عاملا أساسيا في صياغة هوية الشعب الموريتاني وصهر مكوناته عبر التاريخ، فبفضلها، وفي كنف الإسلام، كسرت أقوام مختلفة، عربية النسب وغير عربية، حواجز الانتماء العرقي، وتواشجت ثقافيا واجتماعيا، فكانت لها العربية أداة لحمة اجتماعية ورقي ثقافي.

كما شكلت المدن التاريخية العريقة (شنقيط ووادان وتيشيت وولاته) التي صنفتها اليونسكو تراثا إنسانيا، منارات إشعاع ثقافي عربي اللسان والقلم، فقد كانت قبلة لمن يطلبون تعلم اللغة العربية

والتعلم بها، ومنطلقا لمن كانوا سفراء لها وبها في العالم، لكنها لم تستأثر بهذا الدور العظيم، فباللغة العربية، استطاع المجتمع الموريتاني، كما أشر ُت آنفا، أن يكسر قاعدة من قواعد علم الاجتماع تقول إن العلم ربيب ال ِّحضارة، أي أنه لا ينمو ويزدهر إلا في وسط حضري، فقد انخرمت تلك القاعدة الخلدونية في الفضاء الموريتاني حيث سادت ثقافة عالمة في مجتمع بدوي دائب الترحال، ولا ينفك بالرغم من ذلك عن إنتاج الثقافة العالمة وتسويقها.

بفضل اللغة العربية حملت موريتانيا لقب "بلاد المليون شاعر"، وهو لقب أطلقته عليها مجلة العربي الكويتية في الستينيات عندما فوجئت بعثة استطلاعية منها بكثرة الشعراء في هذه البلاد، وهي المفاجأة ذاتها التي تحدث عنها عدد من المستكشفين الأوربيين، ورجال الإدارة الاستعمارية الفرنسية بين القرن السابع عشر والقرن العشرين.

ويتواصل عطاء اللغة العربية منارة وسفارة اليوم، انطلاقا من موريتانيا، بأشكال مختلفة، منها تعدد المدارس والمراكز الثقافية الموريتانية في الدول الإفريقية، سواء منها تلك التي أنشأتها الدولة في السنغال ومالي والنيجر وغامبيا مثلا، أو تلك التي أنشأها خواص في مقدمتهم المرحوم الحاج محمود با الذي أسس شبكة مدارس الفلاح ونشر فروعها في تسعة دول من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

وقد أشعت المنارة وامتدت السفارة أيضا بانتشار الأساتذة والكتاب والأدباء الموريتانيين في إفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا، وتص ُّدر الموريتانيين في عدد مهم من مسابقات الشعر والسرد على المستوى العربي، وتأثير العلماء ومشايخ التصوف في جميع القارات.

 

أشكركم مرة أخرى..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته